شبكة قدس الإخبارية

أنفاق المـقاومــة.. حكاية السلاح الاستراتيجي الذي بدد استقرار الاحتلال

160328813303231
محمد سنونو

غزة – قدس الإخبارية: منذ عدة سنوات لم يغب سلاح المقاومة الفلسطينية الاستراتيجي "الأنفاق" عن واجهة المخاطر التي يحسب الاحتلال لها ألف حساب كونها تسهل تنقل المقاومين ووصولهم إلى مواقع عسكرية داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

وعلى مدار هذه السنوات طرح الاحتلال عدة وسائل تكنولوجية للتغلب على الأنفاق، إلا أنه فشل في ذلك، حيث شكل هذا السلاح كسراً لكل قواعد الاشتباك مع الاحتلال، ما دفعه إلى طرحه على طاولة مفاوضات التهدئة في أكثر من جولة تصعيد وحرب، حيث طالب بتعهد فصائل المقاومة في غزة بوقف العمل في حفر الأنفاق الهجومية الاستراتيجية كشرط لوقف جولات التصعيد والحرب وهو ما لم تقدمه المقاومة.

في الوقت ذاته، يتساءل الكثيرون عن أول ظهور للأنفاق في غزة وإن كان ذلك حديثاً أم يعود لعقود وسنوات قديمة، وعند الحديث عن التهريب والأنفاق في مدينة رفح جنوب القطاع تحديدًا، فهو حديث عن ظاهرة تاريخية في المرحلة الممتدة من 1967-1949، ثم بعد احتلال قطاع غزة والضفة الغربية حتى قيام السلطة 1994 وحتى الآن.

بينما بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 من سيناء شكلت عملية الانسحاب المحطة التاريخية في تفعيل التهريب وبداية ظهور ظاهرة الأنفاق السرية لأغراض تهريب الممنوعات عمومًا، بالإضافة لما تحتاجه المقاومة.

يشار إلى أن أول نفق اكتشف من قبل الاحتلال كان عام 1983، أي بعد أقل من عام من تطبيق اتفاقية كامب ديفيد بين مصر والاحتلال "1982"، أو ما يسمى عند أهالي القطاع بعملية الفصل.

أما حديثاً، فبرزت الأنفاق خلال السنوات الأخيرة التي سبقت الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، إذ نجحت المقاومة في حفر بعض الأنفاق التي تمتد عشرات المترات داخل الأراضي المحتلة عام 1948، حيث نفذت كتائب القسام عام 2004 تفجيراً لموقع عسكري إسرائيلي على حاجز المطاحن قرب مجمع مستوطنات "غوش قطيف" التي تم تفكيكها خلال الانسحاب الإسرائيلي حيث تم حفر نفق بطول 495 متراً فقط تحت الموقع العسكري المسمى "محفوظة" وتفخيخه ومن ثم تدميره على الجنود.

ومع إخلاء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة وانسحابه في سبتمبر 2005، تزايدت الإغلاقات والحصار لسكان القطاع ليصبح مبرمجًا ومشددًا، لاسيما بعد أحداث حزيران 2007 بين” فتح وحماس” وإحكام الأخيرة سيطرتها على القطاع.

فتح الإغلاق الإسرائيلي المحكم المجال لتجديد واتساع رقعة بناء الأنفاق بدون أي تنظيم أو إشراف كشكل من أشكال التحدي للحصار، وتعزيز صمود المواطنين والتخفيف عن السكان المحاصرين، خاصة بعد فوز ”حماس” في الانتخابات يناير 2006، وإحكام الاحتلال حصاره على القطاع.

وقد رافق الحصار حالة من الركود والتباطؤ الاقتصادي، شملت كافة القطاعات الاقتصادية بسبب منع إدخال المواد الخام، وإغلاق أكثر من (90%) من المنشآت، فضلا عن المواد الغذائية والمتطلبات الأساسية لسكان القطاع. بينما تبنت المقاومة أسلوب حفر الأنفاق فقامت بعدة عمليات نوعية عن طريق حفر الأنفاق مثل عملية الوهم المتبدد التي قتل فيها عدد من الجنود الإسرائيليين وخطف الجندي جلعاد شاليط عام 2006.

ولا توجد إحصائية حقيقة لعدد الأنفاق الموجودة في القطاع، إلا أن عدة تصريحات صدرت عن مسؤولين في فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تحدثت عن وجود مدينة أنفاق كاملة تحت الأرض دون الإشارة إلى أية تفاصيل أخرى وهو ما يقلق الاحتلال الإسرائيلي.

ومع بروز الأنفاق، إلا أن عدوان 2014، شهد دوراً مفصلياً لها حينما نفذت المقاومة سلسلة عمليات تسلل خلف خطوط الاحتلال الإسرائيلي من خلال الأنفاق، كان أبرزها اقتحام موقع أبو مطيبق العسكري إلى الشرق من وسط القطاع، وموقع ناحل عوز العسكري شرقي مدينة غزة، وموقع 16 التابع للمخابرات الإسرائيلية قرب معبر بيت حانون ـ إيرز شمال القطاع.

وتمكنت المقاومة من أسر الجنديين شاؤول أرون وهدار غولدين في عمليات استخدمت فيها الأنفاق وفشل الاحتلال خلالها بالوصول إلى الجنديين حتى اللحظة، ولا يعرف مصير أي منهما في ظل التزام القسام الصمت.

ووفقاً لما هو معروف في غزة، فإن الأنفاق تنقسم إلى قسمين؛ قسم داخلي ويزعم الاحتلال أنه يستخدم للتنقل وتخزين الأسلحة وبناء شبكة الاتصالات وغيرها من الاستخدام وآخر خارجي يستخدم لتنفيذ عملية التسلل خلف الخطوط.

وخلال الأعوام الأخيرة زعم الاحتلال أن فصائل المقاومة أنفقت ما بين 30 إلى 90 مليون دولار وصبت 600,000 طن من الخرسانة لبناء ثلاثة عشر نفقًا، كما قدَّرت تكلفة بناء بعض الأنفاق بمبلغِ ثلاثة ملايين دولار، غير أن هذه البيانات تبقى غير دقيقة في ظل عدم تأكيد المقاومة لها.

وكثيراً ما حرض الاحتلال على هذا السلاح الاستراتيجي للمقاومة، محاولاً الادعاء أن المقاومة وحماس تستثمران فيه على حساب توفير الخدمات الأساسية للسكان مثل الكهرباء والمياه والبنية التحتية، إلا أن ذلك لم يفلح في التحريض على المقاومة.

وأعلنت المقاومة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية ارتقاء عشرات الشهداء خلال عمليات الحفر والتجهيز لبناء هذه الأنفاق، فيما كان الاحتلال يتابع بقلق تفاصيل ما يجري.

ولم تتوقف محاولات الاحتلال عن القصف العشوائي أملاً في تدمير هذه الشبكة غير معروفة المصدر والأماكن، إذ شيد جداره الخرساني العازل من أجل إعاقة وصول الأنفاق إلى الأراضي المحتلة، فيما يرى محللون عسكريون إسرائيليون أن المقاومة لن تستسلم لهذا الجدار وستواصل بناء الأنفاق وتطويرها لكسر إرادة الاحتلال.

 

#غزة #القدس #حماس #الجهاد #سرايا القدس #القسام #أنفاق المقاومة