شبكة قدس الإخبارية

شهداء مجزرة السلط

Bahr_El-Baqar_Massacre_(5)
كمال الجعبري

خلال العمل في مهمة بحثية، لفت نظري الخبر التالي في المجلد الثامن من اليوميات الفلسطينية، الصادرة عن مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، في العام 1968: الآلاف من الفلسطينيين، يقيمون صلاة الغائب على شهداء مجزرة السلط، الأردنية، في 4/8/1968.

أثار الخبر في نفسي الفضول، ومن بعد جولةٍ في عدد من الشهادات الحية، وأرشيفات الصحف خلصت إلى الآتي:

تلك المجزرة ارتكبها الاحتلال الصهيوني، انتقاماً من السلط وأهلها، وقواعد الفدائيين فيها، واستهدفت مواقعاً في عين حزير، وهي المنطقة الواقعة اليوم على أول طريق وادي شعيب، من اتجاه كراجات السلط، كما تم قصف منطقة المكرفت، الواقعة على طريق السلط وادي شعيب.

شملت جولات القصف الصهيونية، أهدافاً مثل: قاعدة لجيش التحرير الفلسطيني (قوات التحرير الشعبية)، بين عيرا، ويرقا، وقواعد لقوات العاصفة (حركة فتح) في أريمين، وصبحي، ووادي شعيب، وأظن أنّ القصف استهدف قاعدة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في الجبل الأقرع، غرب مخيم البقعة.

استشهد في المجزرة 6 من مرتبات القوات المسلحة الأردنية في السلط، هم: ظافر سعيد الداوود، محمد عبد الرزاق أبو شحوت، أحمد عبد العلي العربيات، محمد علي مصطفى الحياري، هاشم فريد الصالح الكلوب، جعفر طاهر الحديدي

كما استشهد 23 مواطناً، و3 من الفدائيين، كما أصيب الأمير الكويتي فهد الجابر الصباح (أبو الفهود)، والذي كان قائداً لعدد من وحدات الفدائيين، في السلط.

جاءت تلك المجزرة الصهيوني، في سياق الرد الجبان، على تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، إذن نفذت المقاومة أكثر 98 عمليةً فدائيةً، خلال شهر 7 من العام 1968، واستهدفت تلك العمليات مستوطنات العدو الصهيوني، مثل: نيفي أور، وجيشر، وبيت يوسف، وبيسان المحتلة، وكانت مدينة السلط الأردنية نقطة الارتكاز لتلك العمليات الفدائية، كما أنّ أهل المدينة، شكلوا حاضنةً شعبيةً للمقاومة الفلسطينية، وانخرط عددٌ من أبناءها في صفوفها، وفي ذات الوقت كانت وحدات الجيش الأردني، في منطقة غرب السلط، والأغوار الأردنية، حريصةً على تطبيق قواعد الاشتباك، والرد الفوري، على أي استهداف صهيوني لأي أرض أردنية، أو هدف متحرك أو ثابت داخل الأراضي الأردنية، وذلك الذي يفسر حرص قوات الاحتلال الصهيوني على استهداف مواقع الجيش الأردني، والأماكن المأهولة بالسكان، خلال المجزرة.

تفاصيلٌ كثيرة تكلمت بها، ولم أتكلم بها، وجدتها شبيهةً بتفاصيل مجزرة قانا التي تحل ذاكراها اليوم، وما تلاها من مجازر، وقصص للبطولة، تحكي يوميات النور، والنار، في صفحات الصراع المستمر، مع الاحتلال الصهيوني، ولكن الذي اختلف اليوم، هو حالة التيه التي يعيش فيها العديد من أبناء جلدتنا، عن التناقض الرئيسي، والعدو الوجودي، ولكن يقيني بأنّ هذه الحالة، لا بد وأن تكون مؤقتة.