القدس المحتلة - خاص بقدس الإخبارية: لحظاتٌ أخيرة سبقت استشهاده، تحدّث مع أبنائه، قبّلهم، ودّعهم وغادر ولم يعد إلى منزله حتى اللحظة، فما إن أطلق عناصر الاحتلال النار عليه وقتلوه حتى احتجزوا جثمانه على الفوْر.
رزان (6 سنوات)، ريماس (4 سنوات ونصف) وفارس (3 سنوات) لم يرَ أحدهم والدهم بعد تلك الحادثة، وكذلك الجنينان اللذان لم يريا النور بعد، لن يلتقيا به أبداً، فقد حرمهم الاحتلال رؤيته.
ماهر زعاترة (33 عاماً) استُشهد برصاص الاحتلال أثناء وصوله إلى ساحة الغزالي في “باب الأسباط” بمدينة القدس، يوم السبت الماضي (22 شباط/ فبراير الجاري)، مدّعين بأنه حاول طعن أحد العناصر في المكان.
وفي زيارة لـ”قدس الإخبارية” لمنزل الشهيد في بلدة جبل المكبر جنوبي مدينة القدس، ولم تتوقع العائلة أن يقوم ماهر بذلك، مؤكدين أنه كان يركض بغية اللحاق بصلاة الظهر في المسجد الأقصى المبارك.
“قتلوه..حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .. ماهر عمره ما أذى حدا .. كل الناس بحبّوه”، تقول زوجة الشهيد لـ”قدس”.
وتُضيف أن أولاده متعلّقون به كثيراً وهو يحبّهم جداً، وغالباً ما كان حديثهما (ماهر وزوجته) يدور حول التخطيط لمستقبلهم كي يعيشوا حياة كريمة.
وتُشير إلى أنه اعتُقلت وإخوتها وتم تحويلهم للتحقيقات على خلفية استشهاد زوجها، رغم أنها حامل، إلى جانب اعتقال والدة وأشقاء ماهر.
أمّا والدته، فقد روت ابنتها ما حصل معها أثناء عملية اعتقالها، حيث كانت صدمتها كبيرة جداً باستشهاد نجلها، وأوضحت كيف تم اقتحام المنزل وتفتيشه بطريقة وحشية.
وأشارت شقيقة الشهيد إلى أن جنود الاحتلال اقتادوا والدتها إلى الدوريّة، حيث كانت شبه فاقدة للوعي وما يحدث معها وتشعر بالدّوار، وحينما شعرت بـ”التقيّؤ”، تم دفعها خارج مركبة الاحتلال كي “لا تتّسخ”، بحسب رواية العائلة.
وقالت: “كيف يتعاملون مع امرأة ستينية بهذه الطريقة الهمجية من أجل الحفاظ على نظافة مركباتهم؟!”.
أمّا والدة الشهيد فقالت لـ”قدس” إن ماهر ودّع أبناءه وذهب ليصلّي في المسجد الأقصى، بأي ذنبٍ يعود لهم ميّتًا؟ ما الذي فعله كي يُقابلونه بالرصاص؟”.
زعاترة حاصل على شهادة بكالوريوس من جامعة “6 أكتوبر” في مصر، حيث درس فيها المحاسبة والاقتصاد، ولديه ثلاثة أبناء وزوجته حامل بتوأم، وتتساءل والدته: “ما الذي فعله ابني؟ كان يركض ليلحق الصلاة داخل المسجد الأقصى، قتلوه بدمٍ بارد قبل حتى أن يصل إليهم”.
وتُشير إلى أن الاحتلال “يمتلك عدّة طرق لتوقيف أي شخص، لا أن يُطلق النار عليه بشكل مباشر”.
وأنهت حديثها قائلة: “ما ذنب هؤلاء الأطفال الثلاثة كي يصبحوا أيتاماً ويُحرموا من والدهم، وزوجته الحامل أيضًا، ما ذنبهم؟”.
زوجة الشهيد زعاترة، طالبت الاحتلال بالإفراج الفوري عن جثمانه، وقالت إنه "لم يقم بعمل أي شيء من شأنه استمرار احتجازه".