فلسطين المحتلة- خاص قدس الإخبارية: طوى فصل الربيع آخر أيامه وحل "الصيف"، حينها قرر رامز النبريص قياس وزنه محاولًا إيجاد تفسير لسبب ضيق ملابسه، وقف على ميزان القياس نظر إلى اللوحة حتى بدأت الأرقام فيها بالتصاعد شيئًا فشيئًا إلى أن حطت رحالها وتوقفت عند وزن 127 كغم، فأصابه الذهول.. ومعها قرر "التحدي" وخفض وزنه.
لم ينتظر طويلًا، حيث بدأ يبحث عبر الانترنت، عن أفضل الطرق في فقدان الدهون، وبعد قراءة أبحاث ومصادر طبية تبين له أن أفضل الطرق تكمن بالامتناع عن السكريات بكل أنواعها (سكر، وكربوهيدرات)، حتى خسر 35 كغمًا، لكن لم يكن هذا سهلا.
النبريص، واحد من نحو 700 مشارك في حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أطلقت بداية سبتمبر/ أيلول الجاري تحت عنوان "تحدي السكر" من خلال الابتعاد التام عن السكر الأبيض "الصلب" وكذلك الخبز الأبيض، لمدة ستة شهور، يهدف القائمون عليها إلى خفض مستوى استهلاك الفرد من السكر وتحسين نظامه الغذائي.
يعود في حديثه لـ "قدس" إلى أول أيام التحدي قائلًا: "بدأت بالبحث عن الأشياء التي يتواجد بها السكر فامتنعت عن السكر الأبيض، والمشروبات الغازية، والعصائر المصنعة، والبسكويت والكيك والحلويات، وامتنعت عن الأكل المصنع والمعلب، والكاتشب والمايونيز، والأرز والخبز بجميع أشكاله وبدأ وزني بالنزول".
وزن مطلوب
إلا أن انخفاض وزن النبريص كان بطيئا، فبدأ بالبحث على نوعية طعام ترفع الأنسولين، ولا يرفع نسبة السكر بالدم، ومن هنا بدأ رحلة جديدة بالامتناع عن كل شيء اسمه (كربوهيدرات) وأضاف لقائمة الممنوعات السابقة، البقوليات والفواكه، والتمر والفاكهة المجففة، والزيوت المصنعة والنباتية وما يصنع منها كالجبنة "الفيتا" واتجه للزيوت الطبيعية كزيت الزيتون والزبدة البلدي وزيت جوز الهند.
ولا زال معلنا التحدي، أضاف: "توصلت لدراسة تفيد بأن نسبة الكربوهيدرات يجب ألا تزيد عن 20-30 جرامًا يوميًا وتكون في الخضراوات، وبدأت بالاعتماد على الطاقة من البروتين والدهون الطبيعية الحيوانية وهي معروفة باسم "كيتو جينيك" والدهون النباتية المتواجدة بالمكسرات النيئة".
وهكذا كانت النتيجة مفاجئة قائلا: "بدأ جسمي بخسارة الوزن حتى وصلت إلى وزن 89 كغم بعد 8 أو 9 شهور، وأوقفت العمل بالدراسة وبدأت بإضافة الأكل الطبيعي كالفاكهة لكني لا زلت ممتنعًا عن السكر والخبز".
"أتدرون؛ مع ابتعادك عن السكر والخبز لن تشعر بالجوع"... يقول النبريص عن خلاصة تجربته، حيث كان يعتمد بوجبته اليومية على نظام الصيام المتقطع والصيام عن الأكل لمدة تتراوح بين 8-16 ساعة، ويتناول وجبة واحدة أو وجبتين يوميا، كصحن سلطة خضار، وباقي الأكل مكون من البروتين والدهون.
أو تكون الوجبة الأولى الساعة الرابعة عصرًا من لحم حبش (شاورما بيتي) مع جبن "شيدر" وسلطة خضراء، وشرب ماء لا يقل عن أربعة لترات يوميا، أو خمس بيضات مع سلطة أفوكادو ومخللات.
بداية الطريق
بعد عشرة أيام من خوضه تحدي السكر والمشاركة بالحملة يقول أدهم عايش: "شاركت بالحملة وابتعدت عن السكر والخبز الأبيض لعدة أسباب أولها كوني مريض أمعاء مزمن، كما أن وزني زاد ويبلغ حاليا 113 كغم بطول (192 سم) أي بزيادة تفوق 25 كغم طبيعيا... العزيمة مستمرة ولن يوقفني أي طارئ وسأبقى مستمرا بالتحدي".
"الحملة أعطتني دافعًا قويًا لخوض التحدي، حتى ابتعد عن السكر لقتل الخلايا الالتهابية التي تنمو وتتغذى عليه"... وما شجعه كذلك الوجع الذي عايشه من مشاكل صحية بالأمعاء والمعدة، حيث كان مفرطا باستخدام السكر والشوكولاتة بـ "شكل جنوني"، لكنه الآن بدأ يشعر بالراحة.
الآن ابتعد عايش ابتعادا تاما عن الخبز الأبيض، وعوض عنه بخبز القمح المخلوط "بردّة"، وابتعد عن الشاي والنسكافيه، وعوض عنه بشرب اليانسون و"الزهورات"، وعن المشروبات الغازية والعصائر المصنعة.
18 عامًا مع المرض
"أصبت بالسكر قبل 18 عامًا، وتنقلت بين الكثير من الأطباء في مصر وغزة وجربت أنواعا كثيرة من الأدوية: للأسف القاتلة، والكثير من الوصفات والأعشاب لكن لم ينضبط السكر" أسماء فري" من خان يونس، ظلت تعاني من هذا الأرق حتى انضمت لمجموعات تعنى بالسكر على مواقع التواصل الاجتماعي من دول العالم، وتعرفت على أنظمة "اللوكارب والكيتو" وقررت خوض "تحدي السكر" فأصبح السكر لديها طبيعيا وانعكس ذلك على الصحة العامة والنشاط والعمل لديها.
تقول فريد وهي مشرفة تربوية للعلوم الحياتية لـ "قدس": "إن للكربوهيدرات مركز إدمان في المخ يفوق الهيروين، يظهر الامتناع عنها بعض أعراض الانسحاب لمدة أيام مثل الصداع والدوخة والألم في البطن عن البعض".
مخاطر صحية
تقول الدكتورة الصيدلانية داليا أبو سيدو: إن "السكر يعتبر المصدر الأول للطاقة الضرورية لجسم الإنسان، لكن الزيادة المفرطة في استهلاكه تؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية الخطيرة، منها مشاكل متعلقة بالأسنان والتسبب بالتسوس خاصة عند الأطفال، وتفاقم مرض التهاب المفاصل والعظام، وزيادة التجاعيد وعلامات الشيخوخة الناتجة من تدمير "الكولاجين" وظهور حب الشباب".
زيادة استهلاك السكر يؤدي إلى خلل في وظيفة هرمون "الانسولين" مما يسبب مرض السكري من النوع الثاني، كما يؤدي زيادة إفراز "الانسولين" المفرط إلى تصلب الشرايين وزيادة مجهود القلب وارتفاع ضغط الدم"، مشيرة إلى أن استهلاك الكثير من السكر هو السبب الرئيس للسمنة المفرطة وقد يسبب مشاكل في الخصوبة.
بحسب أبو سيدو فان زيادة السكر يؤثر على امتصاص عناصر مهمة مثل فيتامين (C) وفيتامين A) ) وفيتامين ( B12) و"الكالسيوم" مما يسبب مشاكل في نمو جسم الطفل ويزيد من فرط الطاقة عند الأطفال.
نظام غذائي للجميع
ما هو النظام الغذائي المناسب للجميع؟ تجيب: "لا يوجد برنامج غذائي موحد للجميع ولكن أنصح باتباع البرامج الغذائية التي تعتمد على تقليل كميات السكر بشكل كبير".
وتضيف: "في حال أثبتت الفحوصات والتحاليل الطبية أن الشخص باستطاعته اتباع حمية الكيتو جينيك (مع الالتزام بجميع قوانينها) فذلك يعتبر الحل الأمثل للوصول إلى الوزن المثالي والصحي والتمتع بصحة جسدية ونفسية مذهلة، ومن ثم الرجوع للحياة الطبيعية ولكن باستبدال السكر بالبدائل الطبيعية مثل الفواكه والعسل".
حمية "الكيتو جينيك" نظام يعتمد على الدهون كمصدر غذائي بحيث تكون نسبة الدهون 75% ونسبة البروتين 20% ونسبة الكربوهيدرات 5%، وهذه مكونات الوجبة اليومية بناء على معادلة نقوم بها لحساب الكمية اللازمة لكل شخص.
الكيتو يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية في الجسم باستبدال السكر المعتاد كمصدر للطاقة، إلى دهون غير معتادة كمصدر أساسي للطاقة، مع العلم أن الدهون تمدّ الجسم بطاقة مضاعفة للطاقة التي يمدها السكر للجسم. وفق قولها
"بشكل أساسي الامتناع عن السكر الصلب نهائيا حتى فيما بعد الوصول للوزن المطلوب يتم استبدال السكر الصلب بالبدائل الطبيعية للحفاظ على جسم صحي مدى الحياة" مؤكدة أهمية نشر الوعي الصحي لتغير النمط الغذائي السيء الشائع في المجتمع إلى نمط صحي ممتاز مما يحسن من نواحي الحياة الصحية والنفسية وبالدرجة الأولى أصحاب الأوزان المفرطة للوصول إلى الوزن الصحي المنشود.
أخصائية التغذية د.سميرة حميد تصنف قائمة الممنوعات وهي: السكر بكل أنواعه وكل المشروبات التي تحتوي عليه من عصائر ومشروبات غازية، وتناول الفواكه باعتدال وخاصة تلك الغنية بالسكر مثل العنب والمانجا والتين والبلح كما يمنع كل منتجات الدقيق الأبيض من خبز ومعجنات والجاتوهات.
ويسمح باللحوم والخضروات بأنواعها والإكثار من الخضروات، والبيض والأجبان والدهون الصحية، مثل الزبدة وزيت جوز الهند، والابتعاد عن "المارجرين" والسمن الصناعي والزيوت "المهدرجة" والتخفيف من الارز والمعكرونة الى أدنى.
حملة تتطور
يقول صاحب فكرة الحملة عصام حماد والمشرف على صفحة مجموعة "تحدي السكر" على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: إن "فكرة إنشاء مجموعة وحملة تحدي السكر هدفت لإرسال رسالة عبر تلك المنصات، إنه يجب إنقاذ أنفسنا وأجيالنا من مرض السكر الذي أصبح قاتلًا".
وأضاف حماد لـ "قدس": بأن الحملة ليست مقرونة بالمرض بل بعادات الغذاء الـ"سيئة" في طريقة استهلاك السكر، مشيرا أنه قبل مئة عام كان استهلاك الفرد سنويا للسكر يبلغ 1.8 كغم، أما اليوم فيبلغ استهلاكه 72 كغم من السكر سنويا، مما يعنى أنه أصبح كارثة إنسانية وبشرية.
ولفت إلى أن منظمة الصحة العالمية نشرت تقريرًا عام 2015م أوصت فيه بتخفيض مستوى استهلاك الفرد للسكر، وحديثا أوصت ألا يزيد معدل استهلاك السكر اليومي عن 25 غرام، قائلا: "إننا نحاول نشر الثقافة والامتناع عن السكر وملحقاته، والأشياء التي دخل في صناعتها لأنها أصبحت مفسدة لحياة الجميع وحتى الأطفال".
وأفاد أن أكثر من 6 آلاف عضو انضموا للمجموعة على فيس بوك، 700 شخص منهم أعلنوا اشتراكهم في حملة تحدي السكر التي انطلقت بداية سبتمبر / أيلول الجاري وتستمر لستة شهور، وأنهم يطمحون أن يكون هناك يوميا عالميا للامتناع عن استهلاك السكر، للفت الأنظار لمخاطره.
بعد ذكر التجارب السابقة ورأي المختصين هل قررت عزيزي القارئ ترك السكر الأبيض وتغيير نظامك الغذائي إلى نظام صحي أكثر مسترشدا بالتوجيهات والنصائح السابقة؟.