في العام 2010 قمت بزيارتي الأولى لبيروت وفي جلسة مع عدد من السياسيين والأصدقاء كان السؤال هل سيعود الاحتلال الإسرائيلي إلى حرب مع حزب الله وخاصة أن تل أبيب كانت يومها تغلي جراء الهزيمة في جنوب لبنان وكنت للمصادفة أقرأ يومها كتابا لافي سخروف حمل عنوان أسرى في لبنان ويتحدث عن يوميات الحرب على لبنان وفي كل وثيقة قدمها الصحافي الإسرائيلي كان يؤكد أن إسرائيل هزمت في المعركة.
يومها أجبت السياسيين اللبنانيين وبعضهم كان ينتمي لتيارات معارضه لحزب الله أن اسرائيل لن تعود إلى شن حرب على لبنان مرة أخرى لكن ستخلق في لبنان أزمات لتحرف بوصلة المقاومة الإسلامية في لبنان عن الحدود مع فلسطين.
صدقا لم أكن أتوقع آليات حرف البوصلة ولم أتوقع أن يتم إرباك الساحة الداخلية اللبنانية من خلال المجموعات الإرهابية التي شنت حربا على سوريا وكانت تهدد بضرب معقل المقاومة اللبنانية في الضاحية الجنوبية لكن ما توقعته حدث فعلا وتم خلق أزمات في لبنان وجيء بمرتزقة من كل العالم حملوا أسماء مختلفة وفكرا طائفيا عفنا أدى إلى سقوط المئات من الشهداء من أبناء المقاومة اللبنانية وحققت اسرائيل هدفها فمن استشهدوا على الحدود اللبنانية الفلسطينية من أبناء المقاومة الإسلامية كانوا أقل بكثير ممن سقطوا بنيران الارهاب ومدافع داعش والنصرة وللأسف كان الكثيرون يحاولون إدانة المقاومة اللبنانية دون أن يعلنوا تأييدا لداعش من بوابة طائفية محضة وعلى رأس هؤلاء الاخوان المسلمون الذين حاول بعضهم أن يمنح في بداية الامر صك غفران لداعش وأخواتها وكثير من قيادات الاخوان المسلمين في نقاشات معهم أو أحاديث جانبية كانوا يرفضون تكفير داعش فيما كانوا لا يتورعون في تكفير حزب الله وإيران والمسلمين الشيعة.
الانفجار الذي هز قطاع غزة وأدى إلى استشهاد ثلاثة من أبناء الشرطة الفلسطينية هناك هو بداية الحصاد الإسرائيلي لما لم يستطع أن يحصده من خلال النار التي أحرقت القطاع في العام 2014 جاحد وجاهل من يقول إن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لم تهزم الاحتلال أو على الاقل خلقت قوة ردع جعلته يفكر مئة مرة قبل أن يخوض حربا مفتوحة مع هذه المقاومة وبما أن الامر كذلك فان الاحتلال لن يقف مكتوف الأيدي في تعامله مع قطاع غزة وعليه بدأ يلعب من الداخل.
عدد كبير من المفكرين الإسلاميين في الأراضي الفلسطينية حذروا من الاختراق السلفي لحركة حماس عبر مجموعة ممن يطلقون على أنفسهم علماء يحملون الفكر المتشدد ويحاولون أن يروجوه في صفوف أبناء حماس وهؤلاء هم أنفسهم من قاموا بتكفير حزب الله وإيران ومازالوا غير راضين عن العلاقة التي عادت إلى وضعها الصحيح بين المقاومة الاسلامية والجمهورية الاسلامية.
اليوم على حماس الانتباه لهذه الحقيقة وأن تعمل بشكل سريع على اقصاء الفكر السلفي التكفيري من داخلها وأن تعمل على استعادة الفكر الوسطي القابل لاستيعاب الجميع والقادر على الحوار والرافض لإراقة الدماء وإلا فان وبال هذا الفكر على حماس سيكون أكبر من وباله على المقاومة الاسلامية في لبنان والسبب بسيط جدا أن أصحاب هذا الفكر حينما حاربوا المقاومة الاسلامية اللبنانية لم يحاربوها من الداخل وكانوا يجهلون الكثير من مواطن القوة والضعف لدى هذه المقاومة أما بالنسبة لحماس والمقاومة في غزة فان الحرب تتم من الداخل ومن يحارب حركة حماس كان يوما بداخلها وكان يعمل معها ويعرف مواطن الضعف والقوة فيها.
حادثة تفجير حاجز الشرطة في القطاع يجب أن لا تمر مرور الكرام ويجب أن تدق ناقوس الخطر لدى قادة حماس لا سيما المتنورين منهم وهم كثر على معرفتي بهم.