قال المحلل العسكري في صحيفة هآرتس العبرية عاموس هريئيل إن رئيس الورزاء الفلسطيني السابق سلام فياض هو "السياسي الأجنبي [غير الإسرائيلي] الوحيد الذي نال بأحقية تقدير الجيش الإسرائيلي"، وذلك لمساهمته الكبيرة في توفير شعور الأمن للإسرائيليين.
وكتب هريئيل فيما أسماه "وداع فياض" مقالاً مطولاً يسرد إيجابيات رئيس الوزراء السابق من وجهة النظر الإسرائيلية نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة هآرتس مساء اليوم.
يقول هريئيل: "كان هناك سياسي واحد فقط في المنطقة تكلم عنه كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي بتقدير حقيقي في السنوات الأخيرة، لم يكن هذا السياسي رئيس الحكومة الإسرائيلية ولا حتى من سبقه في هذا المنصب، إنما هو رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض".
ويكمل :"فياض هو رجل وطني فلسطيني قلباً وقالباً. ورغم ذلك، فإنه من الصعب التفكير بسياسي أجنبي آخر قام بتقديم مساهمة ذات قيمة كتلك التي قدمها فياض لأمن دولة "إسرائيل" ولشعور الأمن الشخصي لدى المواطنين الإسرائيليين".
وذكر هريئيل في مقاله إنه طوال السنوات التي قضى فيها فياض في السلطة الفلسطينية كان بالامكان سماع المديح الموجه له على الأقل من عشرة من كبار ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي ممن كانوا معه على تواصل.
"هذه المساهمة، يقول هريئيل، "كانت في أغلبها غير معلنة، فقد كان فياض حريصاً جداً ألا يظهر أمام الفلسطينيين كمتعاون مع "إسرائيل"، وفي المقابل لم يكن من المريح لحكومة نتنياهو وحكومة أولمرت أن تظهرا كمن يضع رهانه في القضايا الأمنية على عاتق السلطة الفلسطينية".
"ولكن الحقائق تبقى على ذاتها: فبعد أن نجح الجهد المشترك للجيش وللشاباك في كبح إرهاب الانتفاضة الثانية، كان هذا التنسيق المتجدد المبني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية والذي ضَمِنَ استمرار الهدوء وجعل السنوات الأخيرة الأكثر أماناً منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، سواء في الضفة الغربية أو في مناطق الخطّ الأخضر"، يقول المحلل العسكري.
ويضرب هريئيل لهذه المساهمة في إشاعة الأمن أمثلة، فيقول إن فياض بعد توليه منصبه عام 2007 نجح في "السيطرة على الأجهزة الأمنية المتنافسة وأعاد القانون والنظام لشوارع جنين ونابلس". كما أن فياض ساعد في القضاء على البنية التحتية لحركة حماس في الضفة بعد أشهر قليلة من سيطرتها على قطاع غزة.
عن ذلك يقول هريئيل: "بعد بضعة أشهر من اختيار فياض في منصبه، قاد ضابط منطقة الوسط في الجيش الإسرائيلي "جدي شمني" هجوماً واسع النطاق على البنية التحتية المدنية "الدعوة" لحركة حماس في الضفة الغربية. في حينها قال فياض للإسرائيليين أنه سيأخذ زمام الأمور في هذا المجال كذلك. على إثر ذلك، أوقف الجيش الإسرائيلي جهوده وكانت في حينها السلطة، وليس "إسرائيل"، التي منعت نجاح حماس في الضفة بعد وقت قصير من سيطرتها على قطاع غزة".
إضافة إلى ذلك يستشهد هريئيل على كلامه باقتباسات من ضباط من جيش الاحتلال فيقول: "ضابط الاحتياط رونين كوهين، الذي كان في ذلك الوقت ضابط استخبارات، قال إن الإسرائيليين أعجبوا من قدرة فياض على إعادة تحريك السوق الاقتصادي الفلسطيني، وأنه نجح في كسب ثقة الدول المانحة وفيادة برنامج واسع من أجل بناء مؤسسات الدولة المستقبلية، من الميدان صعوداً نحو الأعلى. ويضيف كوهين إن الهدوء في الضفة جلبه فياض أكثر من أي شخص أخر. عندما تولى فياض منصبه أطلقنا عليه اسم "التكنوقراط، ولكننا اكتشفنا تدريجياً أن تقدر توجده في الميدان، تدخله في كل ما يحدث، ومتابعته للتفاصيل. من الصعب التصديق أن أحداً سيكون قادراً على ملء حذائه الكبير وأن يأخذ مكانه".
بعد كلام التقدير والمديح لدور فياض في إشاعة الأمن بالنسبة لدولة الاحتلال، تطرق هريئيل في مقاله إلى الدور المنتظر من رئيس الوزراء الجديد رامي الحمد لله. يقول هريئيل: "من المتوقع أن يوفر رامي الحمد لله لمحمود عباس نسخة شاحبة أكثر من فياض، هذه المرة لن يكون لرئيس الوزراء الفلسطيني ذات السلبية التي حملها سابقه، وهي استقلاليته ورفضه الانصياع لتعليمات حركة فتح. يعتبر الحمد لله رجلاً معتدلاً، لا يحمل أي ماضٍ قتالي في صفوف الصراع الفسطيني، الأمر الذي يجعله مفضلاً بشكل نسبي لدي الغرب. في المقابل، لا توجد لحمد لله أي خبرة اقتصادية شبيهة بتلك التي جلبها معه فياض..".