"تحسب أنّ قصّة ما انتهت، وإذ بها تبدأ من جديد." (غسّان كنفاني)
***
من الصعب الحديثُ عن الحبيب والصديق باسل بصيغة الماضي، وكأنّه رَحل وغاب إلى الأبد. فباسل، شأنَ كلّ الشهداء، الأحياءِ عند ربّهم، وفي ضمير شعبهم، وقلوبِ أحبّتهم وأصدقائهم، لا يغيب إلّا ليعودَ مرّةً أخرى. لذلك سأتحدّث عنه بصيغة الحاضر؛ فالشهداء معنا، تُظلّلنا أرواحُهم الكريمةُ الطاهرة. ومَن تركوا لنا وصاياهم مكتوبةً بالدم والعهد لا يمكن أن يغيبوا، لأنّ كلماتِهم الصادقةَ محفورةٌ كالوشم وستظلّ طاقةً ثوريّةً لا تنضب، تُنير لنا عتمةَ الطريق، وتسكن حنايا القلب والعقل معًا.
نحن لا نتذكّر الشهداء كي نلطمَ ونحزنَ أو نشعرَ بالذنب، بل نتذكّرهم لنحتفي بهم أوّلًا، بتجربتهم وحياتهم، ولنستلهمَ منها الدروسَ والعبَر. فالحياة مهما طالت، أيّها الأحبّة، تظلّ فانيةً وقصيرة. المهمّ أنْ يعيشها الإنسانُ في عزّة وكرامة. والأهمّ، كما يقول الأديب الشهيد غسّان كنفاني، أن نستمرّ ونواصلَ الطريق، لأنّ قضيّةَ الموت، في نهاية المطاف، ليست قضيّةَ الميّت بل قضيّة الباقين. والأهمّ أن نحفظ وصايا الشهداء، ولا نخونَ العهد أو نُضلَّ الدرب. إذ ليس الأساس أنْ تبدأ مناضلًا، بل أن تمضي وتنتهي مناضلًا أيضًا.
غسان كنفاني: "إن قضية الموت ليست، في نهاية المطاف، قضية الميت.. إنها قضية الباقين."
الأحباب والأصدقاء،
كانت آخر رسالة قصيرة وصلتني من العزيز باسل تحمل عبارةً يتيمةً وقصيرةً واحدة. كلمتان فقط "إحنا صامدين" نقلهما إليّ، مشكورًا، صديقُنا المحامي مهنّد كراجة بعد زيارة خاطفة قام بها إلى باسل ورفاقِه في رام الله، حين كانوا مضربين عن الطعام في سجن السلطة الفلسطينيّة. عبارة سريعة، مكتوبة بخطّ يده، وعلى عجل، ظلّ يكرّرها لاحقًا، حتى في أصعب الظروف، وإلى آخر يوم، وربّما حتى آخر طلقة في مخْزن رشّاشه: "إحنا صامدين!"
والحديث عن باسل، أو بالأحرى الحديث مع باسل، لا يمكن إلّا أن يكون حديثًا متّصلًا مع جيل فلسطينيّ عربيّ؛ جيلٍ بدأ يتلمّس طريقَه نحو فكرة التغيير والثورة؛ جيلٍ يسأل: كيف يمكن تجاوزُ التحدّيات والعقبات والشروط القاسية التي تحاصر شعبَنا وأمّتَنا؟
وهذا سؤال صعب ومركّب وجارح ومفتوح على المستقبل، لأنّه سؤال عن إمكانيّة استعادة الدرب الذي أضعناه قبل نحو أربعين سنة. نعم! أربعون سنةً على الأقلّ ونحن في هذا التيه الفلسطينيّ، الذي لم يبدأ (بالمناسبة) مع توقيع اتفاقيّات الذلّ والعار، اتفاقيّات أوسلو ووادي عربة، بل بدأ قبل ذلك مع اتفاقيّات وهزيمة عربيّة رسميّة سبقتْها، هي كامب ديفيد قبل 40 سنة. وربّما قبل ذلك بسنوات.
يسأل باسل كيف يمكنه أن يستعيد فكرَ غسّان كنفاني، وموقفَ ناجي العلي، ووضوحَ ماجد أبو شرار، وتمرُّدَ علي فودة، وإرادةَ باسل الكبيسيّ، وصفاءَ راشد حسين؛ أي كيف يستعيد دربَ المثقّفين من الفلسطينيّين والعرب الثوريّين الذين سبقوه، ومن كتبوا بالدم لفلسطين، ورسموا بالدم لفلسطين، ونظّموا قصائدَهم بالدم لفلسطين.
كانوا كوكبةً من المثقّفين الثوريّين الذين عرفوا العلاقةَ الوطيدةَ بين الفكر والسلاح، بين الوطن والمنفى. عرفوا الهدفَ، فعرف العدوُّ الصهيونيّ أنّهم يشكّلون خطرًا وجوديًّا عليه. لذلك قام باغتيالهم مع بدايات العمل الفدائيّ، واحدًا تلو آخر.
أراد باسل أن يقرأ تجربة هؤلاء، حتى يسيرَ على خطاهم. كأنّه يناجي طيف عبارة غسان كنفاني: "تحسب أنّ قصّةً ما انتهتْ، وإذ بها تبدأ من جديد."
كان باسل يريد أنْ يبدأ القصّةَ ومن جديد، وقد فعل.
يسال: هل يمكن حقًّا أن تُستعادَ تلك الفكرةُ المجنونة، فكرةُ الثورة الفلسطينيّة، وفي ظروف قاسية كالتي نعيشها اليوم، في هذا الحصار الطويل؟ كان هذا في الحقيقة سؤالَه اليوميّ، وكان همَّه اليوميَّ أيضًا.
إذن، الحديث مع باسل هو حوارٌ مع جيل فلسطينيّ طليعيّ، بدأ يُزْهر ويشتدُّ عودُه بعد لعنة كامب ديفيد، وبعد كارثة أوسلو، أوسلو السيّئ الصيتِ والسمعة.
واليوم، يبدو هذا الجيلُ الفلسطينيّ مثلَ باسل: واقفًا على بوّابة جسرٍ من نار، يتحفّز لعبوره، لكنّه يرى ألف عقبة وعقبة، وينتصب في وجهه سؤالٌ جماعيّ عن الطريق والهدف. هذا السؤال الجماعيّ يحتاج الى جوابٍ جماعيّ، إلى ردٍّ جماعيّ، وقبل كلّ شيء إلى تضحيةٍ في مشروع الخلاص الجماعيّ.
فلا مشروعَ ثوريًّا فلسطينيًّا عربيًّا من دون جيل ثوريّ فلسطينيّ عربيّ أوّلًا، يحمله، ويترجم المقولاتِ إلى أفعال، ويعتمد على الذات، وعلى الوعي، والإرادة، والفكر، والمعرفة، والتنظيم، وأدوات العصر الحديث. جيل يقرأ، ويتّصل بتاريخه، بأحوال شعبه، بالتقنيّات الحديثة. جيل يتحاور مع أجيالٍ سبقتْه، وراكمتْ تجاربَ وخبراتٍ طويلة. هذا هو التجاور أو التزاوج المنطقيّ الطبيعيّ: بين إرادة الشباب وطاقتهم وإبداعهم من جهة، وبين تجربة الأجيال السابقة من المناضلين وحكمته. وحده هذا التجاور أو التزاوج يمكن أن يفتحَ كوّةً في الجدار الصلد.
***
السلاح والكتاب، النار والفكر، معادلة ممكنة وواقعيّة تخيف العدوّ، حتى في شروط الزمن الصعب
التقيتُ العزيز باسل أكثرَ من مرّة في بيروت. جمعنا شارع الحمرا، وجلسةٌ طويلةٌ على كورنيش المنارة، وتواصلنا قبل ذلك وبعده باستمرار. ظلّت علاقتُنا مستمرّة، حتى وهو مطاردٌ، وفي السجن، وإلى آخر يوم. بعد استشهاده، قمنا، نحن أصدقاءه، بإنجاز ملفّ في مجلة الآداب في بيروت،[1] عن تجربته القصيرة لكن الغنية؛ عن المثقّف الثوريّ في زمن الاشتباك؛ عن الشباب الفلسطينيّ اليوم الذي يشبه باسل الأعرج. والمطلوب منّا اليوم الدفاعُ عن حلم هذا الباسل النموذج، لا من أجله بل من أجلنا نحن، كضرورةٍ وطنيّةٍ وقوميّة، وكواجبٍ نضاليٍّ يوميّ، في ظلّ تراجع الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة وحالةِ الانقسام والتفكّك التي تعيشها فصائلُنا الفلسطينيّة في كل مكان، وأمام هذه الهجمة الإمبرياليّة والصهيونيّة والرجعيّة على شعبنا وقضيّته.
نحن اليوم في حاجة ماسّة إلى جيل باسل ورفاقه. إلى فكر نقديّ جديد. إلى حركة وطنيّة فلسطينيّة ترى عمقَها الشعبيَّ العربيَّ والإنسانيَّ، وتجدّد أوصالها ودماءها، وتنقد ذاتَها وفكرَها وأطرَها ومؤسّساتِها، وتنفض غبارَ الكسل والتقليد عن نفسها وتنهض من جديد. بمعنًى ما: بدّنا فدائيّة، ما بدنا مخاتيرْ ووزراء وسفراء.
جاء باسل صفعةً فلسطينيّةً مدوّيةً للمرحلة، إذ قال: السلاح والكتاب، النار والفكر، معادلة ممكنة وواقعيّة تخيف العدوّ، حتى في شروط الزمن الصعب.
جاء باسل كبيان نقديّ، مكتوب بالدم والتعب والبارود، فكشف لنا عن مواطن الخلل في الفصائل الفلسطينيّة، عن حالها التي لا تسرّ صديقًا ولا تغيظ عدوًّا اليوم. وباسل الفدائيّ المثقّف المشتبك ظلّ يأخذ بالحكمة الصينيّة القديمة والعميقة والبسيطة: "من لا يتجدّد يتبدّد!"
لقد عرف صديقُنا الحبيب أنّ هذا الشعب الفلسطينيّ شعبٌ قديمٌ ومجرَّب، ولكنّه في الوقت ذاته شعبٌ شابٌّ وفتيٌّ وحديثٌ أيضًا، قادرٌ على تجديد نفسه، وعلى النهوضِ من الرّماد.
إنّ نسبة الشباب من شعبنا اليوم 70%. وعليه، فإنّه يجب إسنادُ هذا الشباب الوطنيّ الواعي، هذه الأكثريّةِ الشعبيّةِ الفلسطينيّة، هذا الجيلِ المتحفّزِ إلى أخذ دوره وامتحان إرادته الوطنيّة الجماعيّة. الشهداء أكثرُهم من الشباب، الأسرى معظمُهم من الشباب، حاملو السلاح في غزّة والضفّة شباب، طلبة فلسطين شباب. هذا الجيل يستحقّ أنْ يقود الشعبَ كلَّه، وقد استحقه بالدم. لو تعثّر، "مش مهِم." لو أخطأ، "بيتعلّم بالتجربة،" ثمّ ينهض ويتابع طريقَه: طريقَ الوعي، طريقَ السلاح، طريقَ الفكر الثوريّ النقديّ، طريقَ الوحدة الوطنيّة في الميدان، طريقَ باسل الأعرج، طريقَ من يبحث عن النصر لا مَن يبحث عن "الحلّ" كيفما كان، طريقَ من يبحث عن وطن حرّ وشعب سعيد لا عن "دولة" وهميّة وكيان مسخ.
***
لماذا يرسمه الشبابُ الفلسطينيّ على جدران المخيّمات؟
الأخوات والاخوة
لماذا يَحْضر باسل هنا، في برلين؟ ولماذا يرسمه الشبابُ الفلسطينيّ على جدران مخيّم البدّاوي وخان الشيخ وجباليا والدهيشة والجلزون؟
الجواب، ببساطة: لأنّ باسل كان ينتمي إلى كلّ هذه الأسماء، ولأنه كان حاضرًا باستمرار في كلّ هذه الأمكنة، ولأنّه دافع عنها. كان باسل يمقت المناطقيّة والعشائريّة، ويتمسّك بالانتماء إلى الوطن. كان يقول فلسطين أوّلًا، فلسطين ثانيًا، وفلسطين عاشرًا.
وهو يَحْضر اليوم، لأنك كنت تجده في كلّ مكان: في اعتصام، أو في مظاهرة شعبيّة ضدّ جدار الضمّ والنهب، أو في مهرجان ثقافيّ، في ندوةٍ بجامعة بيرزيت، في مؤتمر حول المقاطعة في بيت لحم، في نشاطٍ ضدّ التطبيع أو ضدّ زيارة المجرم موفاز، في احتجاجٍ ضدّ سرقة بئر مياه في قرية معزولة بلا اسم، في مسيرة ضدّ المفاوضات العقيمة، في وقفةٍ لإسناد الأسرى والأسيرات، في اشتباك على حاجز. وفي اليوم التالي قد تعثرُ على اسمه في بيان ضدّ الاعتقال السياسيّ، أو عليه في مؤتمر لمقاطعة المنتوجات الصهيونيّة.
كان باسل حاضرًا في كلّ مكان. وكان يحترق من الداخل، ويتزوّد بطاقة إضافيّة كلّما ارتكب العدوُّ جريمةً. ولأنّه كان كذلك، ها هو شعبُه اليوم يبادله الوفاءَ بالوفاء، والحضورَ بالحضور، فيذهب الناس إلى باسل بعدما ذهب إليهم أينما كانوا. فهذا الشعب الفلسطينيّ هو صانع معنى الوفاء: لا يمكن أن ينسى شهداءه، ولا يتخلّى عن أبنائه الشرفاء. تعطيه فيعطيك أكثر. تكون كريمًا معه، فيكون معك أكرم.
كان باسل يأتي إلى بيروت ليتواصل مع الشباب والصبايا في مخيّمات البدّاوي وعين الحلوة وشاتيلا وقرى الجنوب. وكان يسافر إلى الأردن ليقرأ أحوالَ شعبه في البقعة والوحدات والزرقاء وتلك المخيّمات المنسيّة المتروكة للريح. كان يسأل عن أحوال اليرموك والنيرب وخان الشيح وحندرات. كان يريد أن يذهب إلى غزّة، ويطالبنا بترتيب زيارة له. كان يبحث. كان يعمل. كان يكتب. كان يسأل.
فالمثقّف الثوريّ، أيّها الإخوة، هو المثقّف الذي يطرح الأسئلةَ الصحيحة في الوقت الصحيح، لا من يدّعي أنّه يملك الحقيقة وكلّ الأجوبة. والمثقّف الثوريّ هو الذي يسير على خطى غسّان كنفاني وناجي العلي وماجد أبو شرار وعزّ الدين قلق ونعيم خضر ومحمد بوديه وخليل أحمد خليل ومحمود الهمشري وحنّا ميخائيل (أبو عمر) ووائل زعيتر وكوكبة كبيرة أخرى من الثوّار الحقيقيين الذين حملوا القلم والسلاح ولم يضلّوا الطريق.
والمثقّف الثوريّ هو العربيّ الحرّ، المنتسب إلى فكرة نبيلة وأمّة عظيمة، لا إلى نَسب قبليّ وعشائريّ ضيّق. هذه هي العروبة الشعبيّة الطوعيّة أيّها الأصدقاء، لا العروبة المسخ كما تقدّمها لنا الأنظمةُ العربيّة على اختلاف "طبعاتها" الكريهة. كان باسل ينطلق من قرية الولجة في فلسطين إلى وطنه العربيّ، وإلى العالم، وإلى مشروع التحرير الكونيّ. لذلك حين كتب وصيّته بدأها بثلاث كلمات:"تحيّة الوطن والعروبة والتحرير!"
هذه هي أضلاعُ المثلّث الفكريّ والسياسيّ والاجتماعيّ، تلخّصها كلماتٌ ثلاثٌ للحبيب باسل الأعرج.
كان باسل مع "الفدائيّة،" لا مع أجهزة الأمن. وكان مع الثورة، في مواجهة كلّ سلطة قمعيّة.
كان يقف مع القواعد الوطنيّة المناضلة ومع الطبقات الشعبيّة، لا مع القيادات التي تتلطّى خلف شعارات وطنيّة، ولا مع هوامير المال ومنظّمات الاستعمار التي تتخفّى بشعارات "حقوق الإنسان." كان مع الأسرى والأسيرات، لا مع من يحوِّلهم إلى مجرّد صور في المكاتب، أو إلى ملفّات وأرقام.
كان مع الفدائيّة، لا مع أجهزة الأمن. وكان مع الثورة، في مواجهة كلّ سلطة قمعيّة وظلاميّة تمتهن كرامةَ الناس وتسطو على حقوقهم. وبالنسبة إليه، فلسطين هي فلسطين، كلّ فلسطين، من النهر إلى البحر، لا فلسطين 67. لقد أراد القدس كلَّ القدس، لا قدس شرقيّة، ولا أخرى غربيّة. هذه تقسيمات لا تدخل في قاموس ذاك المتمرّد الأصيل.
فلسطين هي المقاومة والطريق والهدف. هي الاشتباك المستمرّ حتّى النصر، لا التصالح مع الفكر الصهيونيّ أو قبول كيانه الاستيطانيّ العنصريّ أو التكيّف مع شروط المرحلة. وبالنسبة إلى باسل فإنّ معنى "شطرَي الوطن" ليس الضفّة والقطاع، بل فلسطين واحدةً موحّدة، بشطرَيْ شعبها في الوطن والشتات.
كان يفعل، كما يتعيّن على المثقّف الثوريّ أن يفعل في زمن الجزر: يشْهر سيفَه ضدّ المرحلة، فيؤدّي التحيّةَ للشهداء، ويبصق على هذه الأنظمة وأزلامها.
واليوم، مطلوبٌ من الشباب والجيل الجديد تحديدًا أنْ يقرأ جيّدًا تجربةَ الحبيب باسل الأعرج، ويشاركَ بقوّة وحماسة في العمل الوطنيّ العام، وفي خدمة الناس وحمايتِهم، ويتحمّلَ مسؤوليّاته على كل المستويات، ويتقدّمَنا خارج فقاعة العمل السياسيّ التقليديّ.
لا أمل لفلسطين وشعبها إلّا بهذا الجيل الجديد في فلسطين المحتلّة والشتات؛ في المخيّمات وفي أوروبا وأمريكا الشماليّة واللاتينيّة، من مخيّم جنين إلى مخيّم برلين.
هذا الشباب هو الذي يقود اليوم حركةَ المقاطعة الدوليّة للاحتلال في الجامعات الأمريكيّة والكنديّة والأوروبيّة وغيرها. وهو الذي يقف على السلك الزائل، وخلف سلاحه في قطاع غزّة الباسل، المحاصر يتصدّى للعدوّ. وهو الذي يتحدّى السجّانَ في زنازين الاحتلال على مدار الساعة.
هذا الجيل، الذي وُلد قُبيْل أوسلو الخيانيّ وبعيْده، هو الذي سيقلب الطاولةَ على ترامب والأنظمة القذرة التي تُعدّ مسرحَ الذبح لقضيّة فلسطين. فادعموا شبابَ الوطن حتى ينتزعَ دورَه ويقودَ المرحلةَ القادمة في مواجهة التصفية ومشاريع الخيانة والتطبيع وصفقة القرن. تعالوْا نسير خلف شبابنا. وإذا لم ينتصرْ هذا الجيل، فسوف يُعدّ الجيلَ الذي يأتي بعده ليكون هو جيلَ النصر المكلّلِ بحلاوة العدالة والعودة والكرامة الوطنيّة.
***
أيّها الأحبّة،
إذا كانت ثمّة رسالة لكم هنا في برلين، وللشباب على نحو خاصّ، فهي كلمة واحدة: المشاركة. نعم المشاركة. فمن دون المشاركة الشعبيّة ورفع الصوت عاليًا، ستضيع الحقوق. من دون المشاركة المنظّمة الواعية، سيسحقنا العدوُّ وتضيع الأوطان. لا بدّ من المشاركة. المشاركة حقّ لكم، كما هي واجبٌ أيضًا. وكلٌّ منّا يشارك بالقدر الذي يستطيعه.
المجد للشهداء. المجد لأبي احمد التعمريّ، وباسل الأعرج، وماهر اليماني، وكلِّ الشهداء.
الحريّة للأسرى والأسيرات.
عشتم وعاشت فلسطين
والنصر الحتميّ حليف شعبنا المناضل الكريم.
برلين
* من كلمة في مهرجان الوفاء للشهداء والأسرى، برلين ـ ألمانيا.