الرياض- قُدس الإخبارية: أقرت المملكة العربية السعودية، فجر اليوم السبت، بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في العاصمة التركية "اسطنبول" في الثاني من الشهر الجاري، وذلك في أول اعتراف رسمي لها.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن النائب العام السعودي أعلن مقتله داخل قنصلية بلاده، موعزًا ذلك لـ"مناقشات" تمت بين خاشقجي وأشخاص قابلوه بالقنصلية، مما أدى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي ومن ثم وفاته.
كما أعلنت أن التحقيقات مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 شخصا، جميعهم من الجنسية السعودية"، كما أطاحت بأربعة مسؤولين كبار وشرعت في إعادة هيكلة الاستخبارات.
وذكرت قناة "الإخبارية" الرسمية عن صدور أمر ملكي بإنهاء خدمة كل من أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة، ومدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات اللواء رشاد بن حامد المحمادي، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبد الله بن خليفة الشايع، والمستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني، مضيفة أن الملك سلمان وجه بتشكيل لجنة وزارية برئاسة محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة وتحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، إن التحقيقات الأولية بشأن قضية خاشقجي أظهرت وفاته إثر شجار اندلع في القنصلية السعودية في اسطنبول، مضيفًا أن المشتبه به توجه الى اسطنبول لمقابلة "خاشقجي" بعد ظهور مؤشرات على رغبته العودة الى البلاد، وأن النقاشات بين خاشقجي والمشتبه بهم لم تسر على النحو المطلوب وتطورت إلى شجار نجم عنه وفاته.
ونقلت الوكالة الرسمية عن مصدر مسؤول أن الاشتباك بالأيدي أدى إلى وفاة خاشقجي "ومحاولتهم التكتم على ما حدث والتغطية على ذلك"، مضيفا أن السلطات اتخذت الإجراءات اللازمة لاستجلاء الحقيقة وأنها ستحاسب المتورطين.
وقال المصدر أيضًا، "إنفاذا لتوجيهات القيادة بضرورة معرفة الحقيقة بكل وضوح وإعلانها بشفافية مهما كانت، فقد أظهرت التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة قيام المشتبه به بالتوجه إلى إسطنبول لمقابلة المواطن جمال خاشقجي، وذلك لظهور مؤشرات تدل على إمكانية عودته للبلاد".
كما نقلت "رويترز" عن مصدر مطلع على التحقيقات السعودية أنه لم تصدر أوامر بقتل خاشقجي أو خطفه، ولكن هناك أمرا دائما من رئاسة المخابرات بإعادة المعارضين إلى المملكة، مشددا على عدم معرفة ولي العهد محمد بن سلمان بالأمر.
وأضاف المصدر لرويترز، أن الأوامر "فُسّرت بشكل عنيف"، وأن التعليمات التالية "كانت غير محددة بشكل أكبر"، مما أدى إلى وفاة خاشقجي ومحاولة التستر على مقتله، وتابع أنه تم اختيار العقيد ماهر مطرب للعملية لأنه عمل مع خاشقجي في لندن، مضيفًا أن سائق القنصلية السعودية كان من بين من سلموا الجثة "لمتعاون محلي"، موضحا أنه لا يعرف ماذا حدث للجثة.
ردود أفعال
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يرى أن الرواية السعودية لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي "موثوقة"، وإنه يفضل ألا يلغي الكونغرس صفقات الأسلحة مع السعودية، معتبرًا أن الإعلان الذي أصدرته السعودية بشأن خاشقجي "خطوة أولى جيدة وخطوة كبيرة"، وأن اعتقال المشتبه بهم مهم للغاية.
وأضاف، أن التفسير السعودي موثوق به، ولا أعتقد أن القيادة السعودية كذبت عليه، موضحًا أنه سيتحدث مع ولي العهد السعودي قبل أي خطوة مقبلة، وأنه يتم الاقتراب من حل مشكلة كبيرة، كما أكد أنه سيعمل مع الكونغرس بشأن القضية، مفضلا ألا تتضمن العقوبات التي قد تفرض على السعودية إلغاء مبيعات الأسلحة.
في المقابل، عبرت الأمم المتحدة عن "انزعاجها الشديد" بعد تأكيد السعودية رسميًا وفاة الصحفي جمال خاشقجي، وطالبت بتحقيق نزيه لكشف المتورطين في العملية والمدبرين لها، داعيةً لعدم المسارعة لتصديق الرواية الرسمية للواقعة.
ودعا الأمين العام أنطونيو غوتيريش، إلى إجراء "تحقيق فوري وشامل وشفاف في ملابسات موت خاشقجي، وحث على محاسبة المتورطين في ذلك بشكل كامل".
وأكدت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بحالات الإعدام خارج القضاء أن تفسير السعودية لـ "الإعدام التعسفي" لخاشقجي غير معقول، ولا يجب على أي حكومة قبول تفسير السعودية أو قبول أنها تقوم بالتحقيق في الأمر، مضيفةً أن القضية تحتاج إلى "تحقيق جدير بالثقة ونزيه وشفاف لتحديد قتلة خاشقجي والعقل المدبر".