كشفت دراسة مختصة وجود تشابهات كبيرة في الأنظمة الضريبية في كل من، المغرب، فلسطين، الأردن ولبنان، من خلال اعتمادها بالإجمال على تحصيل الضرائب المباشرة وغير المباشرة من أجل تحصيل الإيرادات.
وأكدت الدراسة المشتركة التي أجراها شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية ومقرها في لبنان، ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين أن ما نسبته (60-70)% من موازنات حكومات هذه الدول تأتي من هذه الضرائب، وهو ما يظهر من قوة "ريعية" الاقتصادات العربية التي تعتمد على الريع والتحصيل الضريبي أكثر من موارد إنتاجية واقتصادية تابعة للدولة.وأشارت الدراسة إلى أن المنطقة العربية تمر بتحولات جذرية منذ نهاية عام 2010 عقب اندلاع الثورتين التونسية والمصرية، وما تلاها من ثورات وحراك شعبي في معظم دول المنطقة على خلفية الظلم والقهر الاجتماعي والاقتصادي، والقمع السياسي، ورغم تنوع أنظمة الحكم العربية إلا أنها تتشابه في خصائص أنها أنظمة حكم ريعية غير ديمقراطية في أغلبية الدول العربية، مما يمنع المواطن العربي من الحصول على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية، ويغلق أمامه سبل المشاركة السياسية.
جاءت هذه الدراسة لتحليل جزء من أنظمة العدالة الاجتماعية داخل الدول العربية من خلال التركيز على دراسة السياسات المالية للدول العربية عبر فحص النظام الضريبي، فمن ركائز إدارة الاقتصاد الوطني للدولة العمل على إيجاد نظام ضرائب يحقق دعماً مالياً لخزينة الدولة، بهدف تحقيق وإنجاز خدمات عامة للمواطنين وتثبيت دور الدولة، وبذلك فإن رعايا الدولة يساهمون في النفقات الحكومية، كل حسب مقدرته النسبية، أي نسبة من الدخل الذي يتمتع به المواطن في ظل رعاية وحماية الحكومة.
واعتبرت الدراسة أن التزام المواطن بدفع الضرائب مرتبط بشكل كبير بثلاثة محاور رئيسية، "المحور الأول يتمثل في فهم المواطن للأنظمة والقوانين الضريبية. أما المحور الثاني فيتعلق بمدى عدالة هذا النظام أو القانون من وجهة نظر المواطن نفسه، ويرتبط المحور الثالث بمدى ملاحظة المواطن لجدوى دفع الضرائب، من خدمات عامة تمس حياته أو فعالية الحكومة في استخدام هذه الضرائب بشكل كفؤ يؤثر على الرفاه بشكل عام".
وأظهرت الدراسة أنه رغم شمولها لأربع دول، بأحجام اقتصادية مختلفة، إلا أن هناك تشابهات كثيرة في حالة الاقتصاد وإدارة الدولة له، حيث يبرز أولاً حجم الدعم الخارجي الكبير لمساعدة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المختلفة والإنفاق ضمن بنود الموازنة العامة، وهذا الدعم يعمل أساساً وفق شروط اجتماعية واقتصادية وسياسية تدفع لقاءه الدول العربية.
ورأت الدراسة أن حجم الدين الخارجي الكبير والفوائد المتراكمة، بما يكبل إمكانيات إطلاق تنمية معتمدة على الذات في هذه الدول العربية نتاج فوائد الدين التي تأخذ حجم لا بأس به من حجم الموازنة، كما أن هذا يهدد فكرة التنمية المستدامة للأجيال القادمة لأنها هي من سيدفع الثمن، بالإضافة إلى ذلك، فإن القروض والديون تفرض مزيداً من الشروط الاقتصادية- الاجتماعية كما نرى في حالة الأردن، مصر، فلسطين، والمغرب، وتحديداً في تخفيض كبير للإنفاق الاجتماعي، ورفع الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات بما يعنيه من زيادة العبء على الفقراء، مما يؤدي بدوره إلى اندلاع احتجاجات اجتماعية.
وقالت الدراسة إن التحصيل الضريبي يعتمد بالأساس على الضرائب غير المباشرة، مع تعدد المسميات (ضريبة مبيعات، استهلاك، ضريبة قيمة مضافة) حيث أن المسدّد الأساسي لهذه الضرائب الكبيرة هي الشرائح الفقيرة والمتوسطة (حيث أن هذا النوع من الضرائب يعتمد على تحصيل الضريبة من قيمة الاستهلاك)، وكلما قل الدخل يزداد العبء الضريبي من مجمل الدخل مقارنة بالأغنياء. وتظهر الدراسة أن النظم الضريبية تعطي إعفاءات كبيرة للشركات، والاستثمارات الأجنبية والأغنياء، وهذا تحت عنوان "تشجيع الاستثمار" ولكن هذا التشجيع لا يؤتي ثماره كما يظهر من مراجعة الأداء الاقتصادي لعدة دول تحت هذه الدراسة، وتكون بالتالي مساهمة ضريبة الشركات وضريبة الدخل هي الأقل مقارنة بالضرائب غير المباشرة، مع ملاحظة عدم وجود تصاعدية في ضرائب الدخل على الأفراد والشركات مقارنة بالمعدل العالمي التي تصل إلى حوالي 50%، حيث تظهر الدراسة أن الدول مجال البحث تتميز بوجود اختلالات بنيوية في الأنظمة الضريبية والفلسفة التي تقوم عليها.