شبكة قدس الإخبارية

يوم الأسير... وأعوام النسيان

محمد القيق

حديثي هنا وبصراحة عن الضفة الغربية؛ حيث المنطقة الأكثر تعرضًا للاعتقالات والمداهمات والمنطقة ذات العدد الأكبر من حيث الأسرى والأحكام العالية والمؤبدات والأسرى الإداريين والمرضى والأسيرات والأشبال.

وأردت هنا أن أستثني غزة نظرًا لقلة عدد الأسرى ولشجاعتها وإقدامها بتحمل فاتورة الحرية لهم، من خلال عمليات الأسر للجنود التي أنجزت وتنجز صفقات تحرر جل المحررين فيها من الضفة الغربية؛ وفاتورة الدم والدمار هي في غزة لذلك فهي ليست من يوجه لها الحديث في هذا المقال، فكل السنة فيها يوم للأسير وكل السنة فيها ذاكرة حية وجنود أسرى وإعلام يركز على قضية الأسرى وإذاعات متخصصة بملفات وغيرها.

أما الضفة الغربية بات الأسير فيها يوما وانتهى وبقية السنة كلها نسيان للبطولة والتحدي، فنسمع بالقادة الأسرى والأبطال فقط في المواسم بيوم الأسير أو حالة الإضراب أو القمع وغيرها، أما عن استراتيجية كبيرة تتوسع جماهيريًا وإعلاميًا ودبلوماسيًا وسياسيًا فهي مغيبة رغم أن الضفة تمتلك الإمكانيات الكبيرة لذلك ولكنها عاجزة.

في السنة يتم تنفيذ أكثر من 600 فعالية ومهرجان ضخم جدًا من المشمش إلى التفاح إلى الليمون والرقص والطرب والفن والماراثونات والسباحة والدبكة والدحية والمؤتمرات العالمية والمحلية لملفات أقل أهمية بكثير من ملف الأسرى كالإيدز والطاقة والكماليات والتكنولوجيا وكلها تأتي لنا استيرادًا (يعني مش صناعتنا) وما صناعتنا إلا مقاومتنا وأبطالنا الأسرى الذين وجب أن نكون على قدر تضحياتهم.

ويبقى ملف الأسير محصورًا في يوم واحد؛ وأما الفعاليات الأخرى فهي خجولة تكاد تكون وتصر بعض الجهات على إبقاء التضامن معه في مساحة لا تتجاوز 100 متر مربع أمام الصليب الأحمر بعيدا عن الميادين والشوارع والإعلام الجاذب لتوسيع دائرة المعرفة عنهم.

يغيبون في البرامج السياسية والجامعات والمدارس والمؤسسات وحتى حينما قاموا بخطوات جماعية تصدت أكثر من جهة أمنية وسياسية للفعاليات وشتتوا خيامهم في القرى والمدن حتى لا يتسنى للحشد أن يكون.

ختامًا إن كنا حتمًا نريد دعم الأسير واقعًا لا شكلًا فوجب الإعلان عن تغيير الاستراتيجية القائمة في ملفه؛ فالمرضى في عيادة الرملة لسان حالهم يقول، "أين أنتم اعتبرونا برنامج أغاني صوتوا لحريتنا!"، وكبار السن ومن هم قبل أوسلو يقولون إن الثورة التي تنسى رجالها حتما لن يبقى اسمها كذلك، ونواب الشرعية تهدر حصانتهم ولا نحرك محليًا ودوليًا لهم ملفا.

والأشبال والنساء والأطفال يقولون لنا، "هل اختفت الرجولة فبتنا في أنياب الوحوش؟!".. أبطالنا الذين لقنوا الاحتلال درسًا لسان حالهم يقول، " كل السنة لدينا مقاومة وعز وشموخ وفداء وأيضًا شوق للأهل والوطن فهل من أحياء يسمعون صوتًا في غير هذا اليوم اليتيم؟!"