شبكة قدس الإخبارية

الجنود الإسرائيليون على وسائل الإعلام الاجتماعي

٢١٣

 

صفاء خطيب
وقد قيل عن أنباء معارك الأسبقين، أن جنودها كانوا مؤمنين، يقاتلون عن عقيدة خالصة، من أجل أن يحفظوا أوطانهم من أي شر محدق، لا من أجل مشاركة صورة في إنستاجرام، أو بوست في فيس بوك، أو اعتراش التغريدات الأكثر مشاهدة عبر وسم اسم السجن الذين يعملون به في تويتر! وكالنوع الثاني كانت "إيدن بيرجل"، المجندة الإسرائيلية التي قامت قبل أعوام بنشر صور لها مع معتقلين فلسطينيين مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك، معلقة على صورها " الجيش أجمل أيام حياتي"و"أبدو هنا كعارضة أزياء"، واضعة وراءها كل حقوق الأسرى، والقوانين التي توجب عدم نشر صورهم بوضعيات مهينة. ولكنها يبدو أنها قد تعلمت مبادئ الإهانة، من سلفها الجنود الأمريكان في العراق، عندما تم نشر صور لأسرى عراقيين بوضعيات مختلفة أثناء التعذيب في سجن أبو غريب من العام 2003، وكانت الصور قد التقطت بأيدي سجانين أمريكان، كانوا يوثقون أيام عملهم في السجن، الذي تم إغلاقه في العام 2006. ins وفي تعليق لمدير اللجنة المناهضة للتعذيب الإسرائيلي لوسائل الإعلام قال أن سلوك المجندة هو نتاج ثقافة رائجة في الجيش الإسرائيلي. هذا الجيش الذي تطورت آليات تسليته عبر الزمن أثناء أدائه للخدمة، حتى أنه لم يعد يقتصر على فيس بوك، بل أصبح هناك مكان خاص لتوثيق الصور بطريقة أسرع، وأكثر جذبا مما سبق. هي عبر التطبيق الشهير لنشر الصور "انستاجرام"، فقد قام أحد الجنود الإسرائيليين "مور أوستروفسكي" مؤخرا بنشر صورة تظهر فيه خلفية رأس طفل فلسطيني في مرمى بندقية قنص، مما أثار سخطا عالمياً، إذ علقت أكبر الصحف البريطانية "الجارديان" على الحدث بأنه عدوانيّ جداً. وأوضح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه جاري التحقيق في الحادث، علما بأن اوستروفسكي أغلق حسابه على إنستاجرام. وإن لم ينشر أعضاء جيش الإحتلال الإسرائيلي صورة يسلطون بها على رأس طفل، فتراهم يتباهون بأسلحتهم، ويتباهون ب"تشيك إن" في مواقع خدمتهم، مثل الحواجز على حدود الضفة الغربية أو غزة، أو على أبواب المسجد الأقصى المبارك في القدس، أو حتى بداخله. أو أمام دبابة ضخمة أو فوقها. وإن المتنقل ما بين كفة يده اليسرى واليمنى، الموضوع فيها هاتف ذكي موصول بشبكة الإنترنت، يدرك أن هناك خلل ما في سياسة هذه الدولة في التعاطي مع وسائل الإعلام، ووسائل الإتصال الحديثة، فالأسلحة التي باتت كالألعاب في أيدي الجنود الإسرائيليين، ورصد صداقاتهم في الجيش عبر هذه المواقع، وأكلهم ومشربهم أثناء الخدمة التي باتت على مرأى من الجميع وهم في لباس الجندية الأخضر القاتم. هذه كلها قد لا تصب في مصلحة إسرائيل وأمنها. وقد يفكر أحدُ من "أعدائها" باستخدام هذه المعلومات لصالحه، حتى لو لم تكن معلومات حساسة، فلربما تكون طريقاً لفهم نفسية الجنود الإسرائيليين خلال وقت معين، يستطيع من خلالها تحديد نقاط ضعفه وقوته. وإن ما يتثير التساءل هنا:  ما هو الدافع لنشر كل هذه التفاصيل من قبل الجنود؟ أهو حقا افتخار بهذا العمل "السامي"، الذي تتجلى به كل معاني الولاء لهذه الدولة غير العريقة؟ وأي ولاء سيحمله جندي باسم سليمان، مسلم من قرى الداخل الفلسطيني المحتل، الذي تقدم للخدمة  العسكرية "متأملاً" بفرص حياة أفضل، وتعليم بالمجان في الجامعات، وسلاح يزين به خصره؟ ولغة عبرية قوية لا تستطيع أن تعرف أن وراءها "عربي الدم"! أم أنها فعلا وسائل تسلية لا تمت للولاء بصلة، يستغلها الجندي لقضاء فترة التجنيد الإجباري الممتدة لثلاث سنوات ما بعد عامه الثامن عشر، يكون فيها مضطرب الهوية، والفكر والنفسية، في ظل عدم استقرار دولته، المنتهية من حرب، البادئة في أخرى.. فيخفف عن نفسه فيها. ويتنفس من خلالها، غير آبه بما قد تجلبه له من عواقب. jonoood3 في مقابل ذلك قد تظن أن إسرائيل تتعاطى مع الإعلام العالمي، أو مع مواطنيها بشيء من الذكاء غير المباشر، فمنذ انتشار وسائل التواصل الإجتماعي قامت إسرائيل بافتتاح حسابات رسمية لها في تويتر وفيس بوك، منها ما هو تابع لرئيس وزراءها بنيامين نتياهو، ومنها ما هو تابع للمتحدث باسم جيشها للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، أو المكتب الناطق باسمها . والتي أحسنت الأداء فيها، فدبلوماسية أدرعي رغم إنكارها لحقائق كثيرة، تذهل الكثير ممن يتابعونه، وربما تكون إحسان التحايل، لا دبلوماسية ولا أكثر من ذلك . وعندما ترى الصور التي تنشر في حساب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مثل إحتفاله مع طاقم إدارته في قاعة الإجتماعات ضاربين قناني الماء ببعضها، لا كؤوسا ولا غيرها. عندها ستريد حقا لو أنك تصدق أن الصورة فعلا بهذا الإشراق، فيا لبساطة الإحتفال، ويا لقناني الماء البلاستيكية. man وقد لا تجيد استخدام انتستجرام، أو تويتر، لكنك حتما تستطيع فتح أي موقع في الشبكة، فترى أمامك موقع سلطة السجون الإسرائيلي، الناطق بالعبرية، العربية والإنجليزية. والمجردة من أي خبر قد يهمك، وقد تجد فيها تلفيقات انتصارات على غزة، لكنك طبعا لن ترى نصف كلمة تتحدث عن الأسرى المضربين عن الطعام هناك. وهنا لا نتحدث عن إعلام جماهيري في إسرائيل، بل عن إعلام ناطق باسم الدولة، وسياستها في التعامل مع المواقف، فتظهر ما تريد وتخفي أضعاف أضعاف ما لا تريد .