بات من الواضح بأن لامبالاة الشارع الفلسطيني بالإضراب الشامل الذي أعلنت عنه جركة فتح اليوم، ينبع من منطلقين، أولا أن الشارع لم يرى لجدوى هذه الإضرابات في السنوات السابقة، ون السلطة تستغل الإضرابات لكي تحسن شروط ها التفاوضية في حال عودة العملية السياسية.
وفي إطار اخر أن هذه الإضرابات غير منظمة، بمعنى أنها " مطبات" في ظروف معينة لكي تفرغ الطاقة الجماهيرية بشعارات لمصالح خاصة، حيث أنها لا تشمل كل وسائل المقاومة السلمية في حال إذا اعتبرنا أن المقاومة السلمية حجر أساسي في مواجهة المحتل.
ويدفعنا هذا المنطلق لبحث وسائل المقاومة الشعبية التي يجب أخذها بعين الاعتبار، ولا تكون مقتصرة على فعاليات تكون أشبه " بقربةٍ مخزوقة " لا جدوى في تعبئتها.
إذا أردنا الاعتماد على المقاومة السلمية مع العلم بأن المقاومة المسلحة مشروعة دولياً، علينا دمج كل الوسائل السلمية ببرنامج سياسي له سقف محدد والدفع في تحقيقه مع أن يكون هناك وقت واضح لإنجازه، وإذا لم ينجز يجب البحث عن بديل أكثر" نجاعة"، وليس البقاء في نفس الدائرة، فالحالة الاستهلاكية تقتل أي فعل.
من بين هذه الخطوات بداية سحب الاعتراف بالاحتلال، وإبراز صورته الإجرامية، وعدم التعاون "والتنسيق"، ونبذ المتعاونين والمقاطعة الجماعية والاجتماعية والاقتصادية لمنتجات الاحتلال، والعمل في مرافقه والإضرابات من قبل العمال في المواقع التي يكون لها تأثير.
بالإضافة لرفض المساعدات من أي جهة احتلالية، والعصيان المدني من خلال عدم دفع الضرائب، ومن ثم التخلي عن الوثائق المرتبطة بالاحتلال كالهويات، وهنا الحديث عن القدس والداخل المحتل إذ يجب تفعيل المقاومة بكل المناطق المحتلة.
وجيب العمل على نزع الصفة الأخلاقية والإنسانية عن المواجهة غير المتكافئة التي يستخدم فيها الاحتلال أدوات القمع والقتل ضد الفلسطينيين، وضد العمل والمسيرات السلمية.
ويمكن أيضاً اللجوء للإضراب عن الطعام والاعتصامات والصلاة والاعتراض على الحواجز، ومحاولات السيطرة على بعض مراكز الاحتلال من خلال دفع حجم كبير من الناس لهذه المراكز، وبناء مدن خيمية داخل شوارع الاحتلال، وحماية المنتجات الوطنية وتوفير الأسواق لها، والزحف نحو المستوطنات وقطع الطرق على المستوطنين.
بالإضافة لأهمية تشكيل هيئات توعوية وثقافية، وشحن الروح الوطنية، والحديث عن الأمور الحساسة التي تشكل وعي يدفع الشخص إلى الإقبال على المواجهة بكل ما يملك.
ومن الخطوات الهامة تشكيل غرفة إعلامية عالمية، وتكون ببث مباشر بكل المجريات على الواقع وفضح أي جريمة يرتكبها الاحتلال.
و بث دعوات في المحيط العربي وخصوصا الوجود الفلسطيني بهذا المحيط بخروج مظاهرات والزحف على الحدود الفلسطينية، يتبعها دعوات على المستوى الدولي، وتفعيل الجاليات الفلسطينية لمهمات المظاهرات الشعبية والزحف نحو سفارات الاحتلال.
كما يلزنتا اتخاذ قرار بتشكيل هيئة متابعة جرائم الاحتلال ورفعها للجنايات الدولية أول بأول، وحسب ما نعلم بأن حملة الجواز الأمريكي يستطيعون رفع شكاوي ضد الاحتلال بالمحاكم الفدرالية، واستغلال هذا الأمر بشكل كبير من خلال توجه كل الفلسطينيين لهذه المحاكم.
وهنا بتعمد أخرت هذا البند، وهو بتشكيل هيئات شعبية ولجان شبابية؛ لمتابعة وتنظيم كل الفعاليات، ولا بد من إبراز المراجع الدينية حيث تكون هي من "تقود " "هذه الجماهير لأهمية دورها في الشارع الفلسطيني.
وكل ذلك ينجح بإتمام الوحدة الوطنية بشكل كامل، وأن يكون هناك تنسيق فصائلي شعبي، إضافة العمل على تفعيل دور الساسة في كل الدول العالم وشرح أهمية ما يحصل في الشارع الفلسطيني.
إن أهمية الصبر والصمود في إنجاح هذا البرنامج، ينبع من صدق النوايا القيادية للشعب الفلسطيني، وقدرة المواصلة والاستمرارية الشعبية في خوض هذه المعركة السلمية.
هذا يكمن إذا أردنا فعلا أن نقاوم سلمياً، أما إذا أردنا فقط أن ننسق ونطالب بدولة فهذه ليست مقاومة سلمية، بل مقاومة مصالح للنخب السياسية، فبصدق النوايا نرى الشعب أمامنا يقاوم ويضحي.