شبكة قدس الإخبارية

مرافق أبو عمار معتقل... بأمر من الرئيس ودون إجراءات قانونية

شذى حمّاد

رام الله – خاص قدس الإخبارية: "إذا اتصل علي الرئيس الآن وقال لي طخه.. فبدي أطخه" يرد قاضي المحكمة العسكرية الفلسطينية في رام الله رافضا الاعتراض الذي تقدمت به محامية المعتقل العميد محمد الداية خلال جلسة عقدت للنظر بملفه في الرابع من كانون ثاني الجاري.

العميد محمد الداية، المرافق السابق للرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات، يمر ذكرى ميلاد الداية هذا العام وهو سجين لدى الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، فقبل عدة أيام أكمل عامه الـ 50 بعيدا عن عائلته، فهو معتقل منذ 20 كانون أول المنصرم، وترفض المحكمة الإفراج عنه بناء على طلب من النيابة، متجاهلة الثغرات القانونية التي تحيط بعملية مواصلة اعتقاله.

القرار صادر من الرئيس عباس

حسب ما تقدمت به النيابة الفلسطينية فأمر اعتقال العميد الداية صادر بشكل مباشر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فتوضح محامية الداية، راوية أبو زهري أنها في بداية الجلسة وعند تقديمها اعتراضًا على احتجاز العميد الداية دون إطلاعها وموكلها على القرار الخطي الصادر عن الرئيس الفلسطيني كونها ضمانة دستورية حسب قانون العقوبات مادة 70 الفقرة الثانية، وخاصة أن النيابة أقرت وجود إذن من الرئيس الفلسطيني شخصيا وليس من رئيس الهيئة.

فيما رد القاضي مباشرة، "نحن عسكر وتحت الأمر، وإذا اتصل الرئيس الآن وقال لي طخه.. رح أطخه".

وأكدت أبو زهري خلال حديثها لـ قدس الإخبارية، على أن النيابة العامة قالت في صريح العبارة أن الإذن المعطى بتوقيف العميد محمد الداية هو إذن شفوي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تعلق المحامية أبو زهري، "كيف لي كدفاع أن أفرض رقابة القضاء والقانون على أمر شفهي.. وبذلك أنا كدفاع لا أقر بهذا الإذن، وهو حق للعميد الداية أيضا وضمانة له".

ثغرات قانونية باعتقال الداية

وتبين رواية أبو زهري محامية الداية لـ قدس الإخبارية، أنه تم التقدم للمحكمة بعدم قبول الدعوة المرفوعة ضد الداية وخاصة أنها ليست من اختصاص المحكمة العسكرية، وذلك حسب المادة رقم(3) من الفقرة الثانية من قانون الجرائم الإلكترونية، إذ أن هذه القضايا من اختصاص المحاكم النظامية دون العسكرية، وهو ما رفضته المحكمة دون الرجوع لأي نص قانوني.

ولفتت إلى أنه تم تقديم لائحة اتهام معدلة للداية من قبل النيابة العامة، رغم أن تعديل لائحة الاتهام يجب أن يتم من خلال المحكمة وبأمر منها، وهو أمر يخالف القانون، "النيابة العامة تصدر لائحة اتهام أولى ثم تكف يدها عن ذلك، ويتم فيما بعد تعديل لائحة الاتهام براقبة الدفاع والمحكمة وهو ما تجاوزته النيابة العامة، بينما المحكمة أكملت الإجراءات وثبتت لائحة الاتهام المقامة بحق الداية".

وأكدت أبو زهري على أن المحكمة لم ترد بنصوص قانونية واكتفت بالتأكيد على أنها صاحبة اختصاص كون الداية عسكريا، مشيرة إلى أنه تم الاحتفاظ بحق مراجعة وزير العدل من خلال طلب تفسير المادة رقم(3)، الفقرة الثانية من قانون الجرائم الإلكترونية حول اختصاص المحاكم.

وشددت على أن عدم اختصاص المحكمة العسكرية بالنظر في قضية تتعلق بقانون الجرائم الإلكترونية، يؤثر إجراءات المحاكمة، مبينة أنه إذا تضمن الرد تأكيد على أن هذه القضية ليس من اختصاص المحكمة العسكرية، فستنقل إلى المحكمة النظامية أو سيتم تعديل التهمة وتكيفها بناء على قانون العقوبات الثوري، وهو الإجراء الأصح والأدق.

ما التهمة الموجهة إلى الداية؟

وعن التهمة الموجهة للداية، بينت أبو زهري أن الداية وجهت له تهمة "التهديد بارتكاب جناية" حسب المادة 15 الفقرة الثانية من قانون الجرائم الإلكترونية، وذلك بناء على منشور نشره حول الفساد في السلطة الفلسطينية.

وقالت أبو زهري لـ قدس الإخبارية، إنها تمكنت من زيارة موكلها بعد خمسة أيام من اعتقاله، أي بعد انتهاء التحقيق معه، مبينة أنه محتجز في ظروف مرهقة نفسيا وخاصة أن استمرار اعتقاله يعني أن هناك إجراءات تحيق مستمرة وهناك خوف من المساس بالأدلة، مضيفة، "من المفترض أن يتم إخلاء سبيل الداية لأن التحقيق انتهى والآن القضية في المحكمة.. نحن ننتظر قرار إخلاء سبيله وخاصة أن الجلسة الأولى للمحكمة قد تمت".

وبينت أن إخلاء السبيل في القضايا العسكرية مختلف عن باقي القضايا، إذا يستوجب الحصول على موافقة وإبداء رأي من مختلف الأجهزة الأمنية.

ماذا تقول عائلة الداية؟

من جهتها، لفتت عائلة الداية إلى أن اعتقال العميد محمد الداية تم بعد استدعائه من قبل أحد أصدقائه الذي يعمل في الاستخبارات والذي دعاه لشرب فنجان من القهوة، وعندما توجه هناك لم يجده، وقد أبلغته العناصر المتواجدة أنه قيد الاعتقال، تعلق العائلة، "لقد تم غشه.. هو كعميد يجب أن يتم التواصل مع جهازه المتكفل باستدعائه، إلا أن هذه الإجراءات لم تتم".

وبينت لـ قدس الإخبارية، أن العميد الداية أضرب عن الطعام مدة خمسة أيام احتجاجا على اعتقاله، ما دفع جهاز الاستخبارات لنقله إلى سجن أريحا ووضعه في ظروف اعتقالية صعبة للضغط عليه لفك إضرابه، إلا أنه أصر على المواصلة وقد امتنع عن شرب المياه أيضا، "ضغطوا عليه بشكل كبير، وساوموه بلقاء ابنته مقابل فك إضرابه".

وأضافت أن عند عقد الجلسة الأولى للنظر في ملفه نقل من سجن أريحا وقد وصل متأخر وأجلت الجلسة الأولى، ولذلك بهدف المماطلة بالإفراج عنه والاستمرار باعتقاله، "عندما نقل من أريحا إلى رام الله أغمى عليه سبب مواصلته الإضراب عن الطعام، وقع إثرها على الأرض أصيب بنزيف في فمه وتشنجع وكان على وشك ابتلاع لسانه.. وقد فك إضرابه بطلب من الأطباء الذين أوصوا على أن يتناول الشوربة والماء".

وأوضحت العائلة أن العميد يتناول الكثير من الأدوية إذ أنه يعاني من مجموعة أمراض أهمها الروماتزم، ولم يتناول أدويته خلال أيام إضرابه عن الطعام ما أدى لتردي وضعه الصحي، مؤكدة على أنه وخلال اعتقاله في سجن أريحا كان ينام على الأرض في بيئة غير نظيفة بتاتا وكانت الحشرات تملأ المكان، حسبما نقل لعائلته.

وتؤكد العائلة أنها تعيش في دوامة من الخوف والقلق والتوتر على العميد محمد الداية وخاصة أن اعتقاله لا يتم ضمن إجراءات قانونية، إضافة لتردي وضعه الصحي.