شبكة قدس الإخبارية

فلسطينيو سوريا في مصر: اعترفوا بنا كلاجئين!

أحمد البيقاوي

جمهورية مصر العربية واحدة من عشرات الدول التي نزح الفلسطينيون السوريون إليها مع آلاف السوريين الذين تعرضوا سوياً لنفس القصف والخطف والتعذيب والإعدام. وبعد أن اصدر الرئيس محمد مرسي قراراً رئاسياً استثنائياً يرحب فيه بالهاربين من بطش النظام السوري الى مصر، فوجئ فلسطينيو سوريا ان القرار لا يشملهم، وأن القرار يميز ويفرّق بين اللاجئ السوري واللاجئ الفلسطيني السوري بعد أن ساوى قصف النظام السوري بينهم.

هذا التمييز تحدث عنه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان مشترك مع تجمع "راصد فلسطينيي سوريا"، الجمعة 29 مارس، وجاء فيه أنّ السلطات المصرية تمارس تمييزاً واضحاً ضد الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية، حيث لا تتم معاملتهم على قدم المساواة مع اللاجئ السوري، وذلك بصورة تهدد أمنهم وتخلق تعقيدات في وضعهم القانوني على المدى البعيد، وأوضح البيان أنّه لا يُسمح للاجئ الفلسطيني السوري بدخول الأراضي المصرية إلا عبر طريق واحد يصل مطار دمشق الدولي بمطار القاهرة، الأمر الذي يمثل تعقيداً بالغاً في ظل الاغلاق شبه الدوري لمطار دمشق، مضيفاً أن الفلسطينيين القادمين إلى مصر من تركيا أو لبنان يجري احتجازهم بصورة تعسفية في المطار، قبل أن يتم ترحيل غالبيتهم إلى الوجهة التي قدموا منها. كما وثق المرصد حالات ترحيل واعتقال في المعتقلات المصرية لعدد من اللاجئين، و طالب البيان السلطات المصرية بالتراجع الفوري عن المعاملة التمييزية التي تمارس ضد الفلسطينيين القادمين من سوريا، بما يكفل معاملتهم على قدم المساواة مع اللاجئ السوريّ وفق ما ينص عليه القانون الدولي.

nj

في ظل هذا التمييز وغياب دور المؤسسات والجهات الرسمية الفلسطينية والمصرية التي يفترض أن ترعاهم، وبعد حملات التشويه وشيطنة الفلسطيني في الراي العام المصري التي كثرت في الآونة الاخيرة، وفي ظل أريعين عاماً من الإشارة إلى الفلسطيني في مصر على أنه الخطر الإستراتيجي على الأمن القومي المصري، زادت معاناة هؤلاء اللاجئين حتى قرروا أخذ زمام المبادرة وتشكيل لجنة متواضعة تتولى الدفاع عن حقوقهم والمحاربة حتى النفس الاخير لإنتزاع حقوقهم، وبدأوا ذلك بالاعتصام أمام السفارة الفلسطينية في القاهرة، التي تعتبر الجهة الرسمية الفلسطينية الوحيدة، من أجل الضغط عليها للكف عن إهمالها وتقصيرها إتجاه قضيتهم والضغط على الجهات الرسمية المصرية لمساواتهم باللاجئ السوري.

بدأ الإعتصام يوم الثلاثاء الموافق 23-4-2013 بتجمع أعداد من اللاجئين شيوخاً وشباباً واطفالاً، وإعلانهم الإعتصام المفتوح أمام السفارة حتى تحقيق كافة مطالبهم. جاءت وسائل الاعلام وبدأت بأخد شهاداتهم وسماع معاناتهم، ثم تفاجأ الجميع بإحدى موظفات السفارة تبحث عن الإعلاميين المتواجدين لتغطية الاعتصام لتسلمهم بياناً يوضح "انجازات السفارة" في دعم هؤلاء اللاجئين، إن قرأت البيان ستكذب رواية اللاجئين، فما الداعي لإعتصامهم أمام السفارة التي ترعاهم وتقدم لهم كل تلك المساعدات المادية والمعنوية !، وبعفوية تامة وأمام كل وسائل الاعلام المتواجدة، تجمع المعتصمون ليهتفوا رافضين ومستنكرين ومكذبين ذاك البيان حتى وصل في البعض ان طالب بإقالة السفير.

في اليوم الأول اشترط السفير عدم تواجد وسائل الاعلام في لقاء طلبته السفارة، الأمر الذي رفضه المعتصمون، فلا ثقة اليوم في من كثرت وعودهم دون الوفاء بها. موظفو السفارة حاولوا التواصل مع المعتصمين لفض اعتصامهم بمحاولات متكررة اختلف شكلها، فبداية حاولوا تشويه بعض المعتصمين وإتهامهم باستغلال معاناة الكل لمآرب شخصية، الى محاولات تفكيك خطابهم بأسلوب لطيف لم ينجح بإقناع المعتصمين. في نهاية اليوم إنتهى دوام موظفي السفارة ليستقل السفير وموظفيه سياراتهم دون الاهتمام بذلك الاعتصام. الا أن ذلك لم يؤثر في روح المعتصمين والتفافهم حول مطالبهم ليبدأوا بنصب الخيم التي دلّت على تصميمهم وإصرارهم على مواصلة الإعتصام.

صباح اليوم الثاني تفاجأ موظفو السفارة بالخيم التي تعلوها الأعلام الفلسطينية واللوحات التي تؤكد على مطالبهم، الأمر الذي أجبر السفير على دخول إحدى الخيم فور نزوله من سيارته والتحدث مع المعتصمين وسماعهم، ومطالبتهم بفض الاعتصام لأن تلك الخيم "شكل غير حضاري"، في المقابل أكدّ المعتصمون من خلال حديثهم عن القانون الدولي وحقوق الانسان التي شاءت الظروف أن يتمكنوا منها، أكدوا على حقهم ورفضهم لإهمال الجهات الرسمية، وأكدوا أيضاً على إستمرارية فعالياتهم بمختلف أشكالها حتى تلبية مطالبهم. في نهاية اليوم أكدّ السفير للمعتصمين انه قد طلب لقاءاّ عاجلاً مع وزير الخارجية المصري سيعقد يوم الاحد الموافق 28-4-2013، ووعد بتلبية مطالبهم بالقريب العاجل، وبناءاّ على ذلك أصدر المعتصمون بياناً يعلقون فيه الإعتصام ويمهلون السفارة عشرة أيام لتلبية مطالبهم وأكدوا فيه على عودتهم للإعتصام يوم الاحد الموافق 5-5-2013 في حال عدم تلبيتها.

b

وسط كل هذا الاهمال والتراخي في التعامل مع قضيتهم لابد من خلق التفاف ودعم شعبي وحقوقي على جميع المستويات، للضغط على الجهات الرسمية الفلسطينية والمصرية، للسماح للمفوضية السامية لحقوق اللاجئين بالقيام بدورها او اصدار قرار استثنائي على غرار القرار الرئاسي بالتعامل مع اللاجئين السوريين، يضمن عدم ترحيل شاب فلسطيني الى سوريا بعد ان وصل مصر هارباً، ويضمن إعانة عجوز سبعيني وحقة في الرعاية الصحي، ويضمن لطفلة في الثامنة من عمرها حقها في التعليم، ويمنع أيّ تمييز او إهانة قد يتعرضون لها.

اللاجئون الفلسطينيون المتواجدون في مصر الذين رَحّلهم الإحتلال من فلسطين أيام النكبة والنكسة، يشار اليهم اليوم بـ "المنسيين" نتيجة إهمال وتقصير قد طالت مدته، وغياب مؤسسات ترعاهم وتوثق معاناتهم او حتى توثق اعدادهم. لن نسمح بتكرار ذلك، علينا دعم قضية اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا الى مصر بكل ما أوتينا من قوة، وعلينا التمترس خلفهم وأمامهم لإنتزاع حقوقهم وضمان عيشهم بكرامة حتى عودتهم الى مخيماتهم في سوريا التي يعتبرونا محطة العودة الى بيوتهم في حيفا ويافا وعكا وصفد وباقي فلسطين.