رفح - خاص قُدس الإخبارية: ذات نهار، توجّه أبو يزن (35 عامًا) إلى قسم الطوارئ في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار شرق مدينة رفح، لعلاج ابنته، لكنّه تفاجأ بوجود طبيب واحد في قسم الطوارئ والاستقبال، في حين أن أكثر من 30 حالة توافدت إلى القسم في أقل من ساعة، ليجد أمامه خيارين، إما أن ينتقل إلى المستشفى الأوروبي في خان يونس، أو أن يتوجه إلى أحد العيادات الخاصة في رفح ويعالج ابنته على نفقته الخاصة.
يقول والد الفتاة المريضة، "صدمتُ حين وصلت المستشفى، حيث عدد يتواجد عدد كبير من المرضى داخل قسم الطوارئ الصغير، بالمقابل فان طبيب واحد فقط كان موجودًا لخدمة كل هذه الحالات، وهذا يعني أنه عليّ أن أنتظر دوري لأكثر من ساعتين حتى تتلقى ابنتي العلاج اللازم".
ويضيف لـ "قُدس الإخبارية"، "لم أجد أمامي خيارًا إذن، سوى التوجه إلى عيادة خاصة غرب المدينة، كونه الخيار الأسرع والأقرب لي بالرغم من أنني سأضطر لدفع مبلغٍ ليس بالقليل لعلاجها.
فأمام مستشفى صغيرة، تبدو كعيادة رعاية أولية، مخصصة لخدمة نحو ربع مليون نسمة، يبقى حال أبو يزن كحال ما يقارب 230 ألف نسمة من سكان المدينة التي تفتقر إلى مستشفى حكومي متعدد الأقسام، مهيأ لحالات الطوارئ والحروب، حيث لا يبدو مستشفى النجار قادرًا على خدمة سكان المدينة وعددهم الكبير، فلا الكوادر الطبية كافية لسد حاجة المرضى المتوافدين إلى المستشفى
كما أن عدد الأسرّة الذي لا يتعدى 65 سرير ًا لا يكون قادرًا على استيعاب أعداد المرضى المتوافدين، فبحسب منظمة الصحة العالمية فان عدد الأسرّة المخصص للسكان، يوازي سرير واحد لكل ألف نسمة، ما يعني أن مدينة رفح بحاجة الى نحو 250 سرير، وأقسام طبية في كافة التخصصات.
وما يزيد الطين بلة، أن المستشفى يضم غرفتي عمليات إحداهما معطلة، ويفتقد إلى غرفة عناية مكثفة، وللكوادر البشرية الكافية، بالرغم من أنه يستقبل 250-300 مراجعًا يوميًا لقسم الاستقبال والطوارئ، معظم هذه الحالات يتم تحويلها الى مستشفيات خارج المدينة.
ثلاجة الموتى أيضًا، وحيدة في هذا المستشفى الحكومي الفقير، وتتسع فقط لـ 12 جثة فقط، وعليه فان دارة المستشفى اضطرت خلال العدوان الأخير على القطاع عام 2014، إلى وضع ما يزيد عن 70 شهيدًا فيها، كما وضع الشهداء الأطفال في ثلاجات الخضار والأيس كريم، في مشهد قاسٍ ولا يحتمل.
محافظة رفح التي تقع أقصى جنوب قطاع غزة، وتبلغ مساحتها (60) كيلو مترًا، وتمثل ما 16.3% من إجمالي مساحة محافظات غزة، ويوجد فيها عيادة حكومية وأخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، أما مستشفى النجار الحكومي فقد كان في السابق عيادة لتقديم الرعاية الأولية لمرضى المدينة وحوّل بعدها ليصبح مستشفى.
حملة للمطالبة
انكشفت عورة الوضع الصحي في مدينة رفح، خاصة بعد أن أجبر جيش الاحتلال إدارة مستشفى النجار على إخلائها، لوقوعها في منطقة اجتياح، لذا تداعى مئات النشطاء والإعلاميين، لإطلاق حملة بعد العدوان مباشرة، للمطالبة بإنشاء مستشفى وجاءت تحت وسم " رفح_ بحاجة_ لمستشفى "و "#المستشفى_مطلب_شعبي"، شملت عشرات آلاف التغريدات ومقاطع الفيديو، ولازالت متواصلة، وشبهها القائمون عليها بكرة الثلج، التي تكبر يوما بعد يوم.
مدير مستشفى أبو يوسف النجار الدكتور عاطف الحوت أكد على حاجة مدينة رفح لمستشفى يرقى لتقديم خدمة طبية آمنة للأهالي، مبينًا أن مستشفى أبو يوسف النجار كان عبارة عن مركز لتقديم الرعاية الأولية للمناطق الشرقية لرفح، لكن ما شهدته رفح من إجتياحات عديدة بعد اندلاع انتفاضة الأقصى استدعى تحويله لمستشفى.
وقال لـ "قُدس الإخبارية"، إن قدرة المستشفى الاستيعابية هي 65 سرير فقط وهي بالطبع لن تكفي لخدمة سكان رفح في الحالات العادية فما بالكم في حالات الطوارئ"، موضحًا أن المستشفى يعاني نقصًا حادًا في الكوادر البشرية المؤهلة لعلاج المرضى من أطباء وممرضين، بالإضافة إلى أنه غير مؤهل لتقديم خدمة علاجية متكاملة لما يقارب ربع مليون نسمه من سكان رفح بسبب صغر مساحته وضعف إمكاناته.
وأكد الحوت على حاجة رفح لبناء مستشفى فيها، مؤهل بالكوادر الطبية الكافية لعدد السكان المتزايد سنويا في رفح، وأن وزارة الصحة في غزة غير قادرة على توفير الكوادر بسبب العجز المالي التي تعاني منه الحكومة في غزة، مضيفًا هناك عدة مقترحات للنهوض بالمستشفى لتحسين الخدمة المقدمة للمرضى".
وشدّد على أن المساعي الحاصلة لتطوير وتحسين الخدمات فيه لا تنفي حاجة المدينة لمجمع طبي كبير يستوعب مرضى المدينة دون الحاجة للجوء لمستشفيات مدن أخرى، لافتًا إلى أن موقع المستشفى في المناطق الشرقية المحاذية للحدود مع الاحتلال، أدت إلى تعرضه لأضرار نتيجة قصف قوات الاحتلال للمناطق المجاورة له ما شكلك عائقا أمام الأهالي للوصول إليه خلال العدوان واستدعى إخلائه.
يُذكر أن الحاجة الماسّة لانشاء مستشفى برفح برزت خلال العدوان الأخير على القطاع، خاصة بعد ازدياد أعداد الجرجى بشكل كبير، مما كشف عجز المستشفى عن استقبالهم فاضطرت إدارته لتحويل معظم الإصابات لمستشفيات مدينة خانيونس، مما أدى لزيادة أعداد الشهداء بسبب نقص الإمكانات والكوادر الطبية.