غزة - قدس الإخبارية: الانتخاب حق أكيد ومهم، وجوهرها التداول السلمي للسلطة، والاختيار الشعبي المبني على إرادة حرة بعيدا عن التهديد والابتزاز.
موضوعيا أنا مع تأجيل الانتخابات؛ حتى تتوفر بيئة ديمقراطية حقيقية يتمتع فيها الجميع بتكافؤ الفرص بعيدا عن التهديدات والضغوط، وهذا يتطلب بشكل مبدئي قبولا متبادلا من أكبر حزبين كل بالآخر وأنه موجود ولا يمكن شطبه، وكذلك من بقية الأحزاب والقوى التي يفترض أن تكون على مستوى اللحظة لتشكل حالة مؤثرة بدلًا من الانتهازية التي تمارسها أحيانا.
وفيما يتعلق بقرار لجنة الانتخابات المركزية رفض 5 قوائم، 4 منها في غزة، وما تبع ذلك من رفض قوائم أخرى بناء على الطعون في المحاكم، بني على قانون الانتخابات، الذي تبدو بعض نصوصه ملتبسة.
القانون طبق في عام 2012 وأسقطت بموجبه 28 قائمة، وعام 2013 وأسقطت بموجبه 5 قوائم، ولم يتحدث أحد في عدم قانونية ذلك، سوى حالة ردتها المحاكم الابتدائية.
من الواضح أن عدم إثارة الموضوع سابقا جاء لأن المتضررين منه كانوا من غير حركة فتح، التي تتحمل المسؤولية الأولى بصفتها المتولية للسلطة عن وضع هذه النصوص الملتبسة، والتي اليوم تدفع ثمنها.
ميثاق الشرف بين الفصائل، وتفاهماتها مع لجنة الانتخابات المركزية كانت واضحة في مسألتين: الأولى رفض القوائم حال الطعن في أحد أشخاصها (مع عدم منطقية أو وجاهة ذلك)، والثانية الاحتكام لمحاكم البداية القائمة فعليا بغزة والضفة.
التشكيك في قانون الانتخابات أو قرارات محكمة البداية؛ غير متفهم الآن؛ لأنه يدلل بأن النتائج ومخرجات العملية الانتخابية يجب أن تكون مرضية لطرف معين وهذا أمر غير مفهوم وغير مقبول في السياق الديمقراطي.
إن قبول الطعون في هذا العدد الكبير من الأشخاص في القوائم، سواء من لجنة الانتخابات مباشرة، أو من محاكم البداية، يعكس للأسف فشل مبدئي في بناء هذه القوائم؛ خاصة أنها أمور واضحة ومعروفة وفق القانون، فمأساة أن تفشل في انتقاء فرسانك في هذا الاستحقاق الكبير.
كما أن توقيت قرار المحكمة العليا ومجيئه بالتحديد بعد قرارات محاكم البداية في القطاع بقبول الطعون في قوائم أخرى لفتح؛ يفتح الباب للاتهام بتسييس القضاء؛ خاصة أن الجلسة الأخيرة للمحكمة الخميس الماضي لم تنعقد لعدم حضور القضاة الجلسة، والمبررات التي تساق عن انتخابات القدس، أو عدم الاعتراف بالوضع الإداري بغزة؛ إثارتها اليوم قمة الاستغباء للجمهور؛ خاصة أن انتخابات 2012 جرت وفق الشروط نفسها ولم يعترض أحد.
هذه المعطيات والحقائق تطرح تساؤلات جدية: هل يعقل أن نبقى أسرى جهوزية جهة فلسطينية واحدة؟ (حركة فتح) وهل يجب أن نعيد ترتيب أوراقنا على إيقاع جهوزيتها؟ ليس ذلك فحسب، بل جهوزيتها لتحقيق المكاسب؟
هل لو كانت المعادلة معاكسة ورفض القوائم كان من الجهة الأخرى هل كانت المواقف والمعطيات ستكون ذاتها؟ للتذكير مرة أخرى رفض القوائم ظهر لأول مرة في انتخابات 2012 وطال العديد من القوائم، في ذات الظروف والأسباب، ولأن حينها لم تشارك حماس لم تحدث كل هذه الضجة، ولم يناد أحد بوقف أو تأجيل الانتخابات.
أما وأن الانتخابات تأجلت، فمن المهم أن يصار إلى تعديلات فعلية لقانون الانتخابات، يجب أن تبنى على تشاورات فصائلية ومع خبراء، وألا تكون أسيرة الغرف المغلقة، كما يجب الشروع في مصالحة حقيقية تضمن توفير بيئة ديمقراطية حقيقية، بعدما ثبت بشكل قاطع أن الانتخابات في حد ذاتها لا تمثل مخرجا للمأزق الفلسطيني الحاصل.