يكفي منك "لفة" واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي لترى ما أحدثته "الديمو..قراطية" بنا، فبعض القرى لم يتجاوز تعدادها 2000 نسمة وبها 5 قوائم، وقرية عددها 1000 نسمة بها 9 قوائم، وفي قرية ما ترشح الأشقاء في قائمة والأم في قائمة لوحدها، وبأخرى خمسة أشقاء في قائمة، وبثالثة "اختصروا الشر ولفلفوها".
ولم يكن الأمر بالمدن أقل مهزلة، بعض القوائم حوت أشخاصًا لا علاقة لهم بالواقع، ربما هم على قائمة عزرائيل عليه السلام، وأخرى تناقضت مع الواقع فكان الشباب بها أعمارهم نصف قرن أو يزيد، وثالثة أشبعت بأسماء "دعائية" فقط لجمع الأصوات، وظهرت أسماؤهم في ذيل القوائم.
بعضها، القوائم أقصد، دُسّ بها أسماء "في القاع" وأخرى لمعوا بها "الوجهة" ونمقوها، وبينما ظنّ البعض أن صوتهم كرت جوال 20 شيكل، فكانت المفاجأة الانتخاب "خاوة".
لا، بل كان الأخطر، هو انسحاب مرشحين في الدقائق الأخيرة، وبالأحرى "هُددوا" إذا استمروا، فلجنة الانتخابات شهدت بعض الحالات، كما لم يقتصر التهديد والوعيد والتحذير على حزب بعينه أو حتى عائلة، علنًا أو مبطنًا، أو حتى بأضعف الإيمان (القلب)
كما بدت الفصائل أبعد ما تكون داخل بعض القوائم وأقربها في الوقت ذاته، فبعضها قرر خوض غمار المعركة منفصلا..وآخرون تشعبت آراءهم واقتناعاتهم وجمعتهم المصلحة، فيما ظهرت العائلية وبقوة فبددت كل أطروحات الأحزاب وجعلتها تعيد حساباتها مرات ومرات، واستقطبت أسماء أو بالأحرى أجبرت ع المشاركة لجمع الأصوات لا أكثر، من حيث لا تعلم
لم تخل قرية ودواوين عائلاتها من صوت "خرخشات الليل" كما لو أن بالأمر سرا، بالمدينة لم يكن الأمر أقل شأنا، فداخل المؤسسات والدواوين أيضا
وسط كل ذلك لم تغب "الفسفسات"، وكادت صفحات الفيسبوك الزرقاء تتحول لمخملية، من تهديد وتوعيد مبطن، وتلميح طفى على السطح في كثير من الحالات..فصار يؤرق المشهد ويؤججه، بينما تمنّى كثيرون مما شاهدوه واقعًا، لو يسار إلى الانتخاب بالتزكية والإتفاق الداخلي ولو كان لحساب طرف على آخر، ولو قليلا، فالمهمات تكليف لا تشريف، ولا أظن أن مصلحة الحزب تطغى على حقن الخلاف وتطوراته.
بين أن يحدث كل ذلك أو لايحدث "انتخابات"، تفرّق المفرق وتجزّء المجزّء، بينما يدعي البعض بأنها خطوة لانهاء الانقسام، على اعتبار أنها استباق لشأن انتخابي أعظم "رئاسية وتشريعية"، بيد أنها لم تخرج عن رأي كثر بأنها لم تكن إلا لتعزز الإنقسام أكثر.
وبمعادلة الضفة التي تربض تحت احتلال يقلق نهارها ويستبيح ليلها، يجب أن تكون التقديرات مختلفة، حتى بالنسبة للأحزاب التي تتوقع أن تكتسح، ثأرًا أو تأييدًا حقيقيًا، عليها أن تدرك أن الطريق ليس ورديًا ولا بساطًا أحمرًا، ليس الكلام إنهزامًا بل واقعًا عشناه وعايشناه
جميل أن تخدم السياسة الناس، لا العكس!