فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: جلست الأمهات الثلاثة أمام الصليب الأحمر في رام الله، بين الحضور الأسبوعي التضامني مع الأسرى في سجون الاحتلال، أمهات لا يشبهن المحيطات بهن من أمهات وزوجات أسرى، فهن لا ترفعن صور أبنائهن الشبان، بل صور أطفال لا تتعدى أعمارهم 15 عاما.
صور أدهم الزعتري 15 عاما، أحمد الزعتري 13 عاما، وشادي فراح 12 عاما، رفعت، اليوم الثلاثاء ولأول مرة في الاعتصام الأسبوعي بجانب صور أسرى من ذوي الأحكام العالية، والأسرى المضربين عن الطعام، لتجد أمهاتهم يتساءلن في ذواتهن، "لربما هؤلاء الرجال من الأسرى يستطيعون تحمل ظروف السجن والاعتقال .. ولكن كيف لأطفالنا البقاء هناك؟"، فيما تتلفت لهن الأمهات الأخريات وتقمن بحثهن على الصبر والتحميل.
"أفكر به ليل نهار، أفكر بكل لحظة كيف طفلي سلب مني بعد أن كان ينام بجانبي .. ستة شهور مرت على غياب أدهم في السجن، والآن غير قادرة على استيعاب كيف سيأتي رمضان ثم العيد وأدهم ليس في المنزل" تقول والدة أدهم المعتقل منذ 18 تشرين ثاني الماضي، مشيرة إلى أنه نجلها الآن في سجن مجدو بعد أن قضى أشهر طويلة وصعبة في أحد ما يسمى "مراكز الإصلاح الإسرائيلية".
وأكدت والدة الطفل الأسير أدهم، على أن نجلها مر بظروف صعبة جدا مؤخرا خلال التحقيق معه وطيلة فترة احتجازه في مركز الإصلاح، حيث تعرض للضرب والتعذيب وحرم من زيارة الاهل، كما تم تهديده وإجباره على تناول أدوية مهدئة، "طيلة أشهر اعتقال أدهم لم يتلف إليه أحد من المؤسسات الحقوقية المحلية أو الدولية، تلقينا فقط الوعودات ولم تنفذ أيا منها".
وتبين أن نجلها خلال الزيارات كان يرتجف كثيرا ويكون خائف فيما يرفض البوح لعائلة بما يرتكب بحقه، خوفا من إسقاط المزيد من العقوبات عليه، "في أحد المرات، وقف أدهم على باب المركز متتبعا ضوء الشمس ليستدفأ به .. فاتهموه بمحاولة الهروب وتم فرض عقاب عليه، حيث تم عزله بأحد الغرف وحرم من مشاهدة التلفاز واللعب مع أقرانه، كما مُنع من الاتصال بوالديه".
وأضافت أن المركز أجبر أدهم على تناول أدوية مهدئة، دون علمها على الرغم أنه يجب أن تحصل على موافقة العائلة في البداية، وجاء ذلك بعد دفاع أدهم عن الاعتداء على الطفلين المعتقلين أحمد وشادي واللذين كانا يجبرا على تنظيف المركز والقيام بواجبات صعبة.
وتروي والدة أدهم، "رأيت في أحد الأيام كدمات على يديه، وعندما سألته عن مصدرها .. أخبرني أنه تعرض للضرب من قبل قوات النحشون بعد جلسة المحكمة، لأنه ابتسم لي وحاول الحديث معي"، مشيرة إلى أن محكمة الاحتلال تواصل تأجيل النظر في قضيته مماطلة في إصدار أي حكم بحقه.
أما الطفل أحمد الزعتري 13 عاما، والذي يتهمه الاحتلال بمحاولة تنفيذ عملية طعن، فتبين والدته، أنه ومنذ 31 كانون أول معتقل في أحد مراكز الإصلاح، دون أن يصدر حكم بحقه، "جئنا اليوم لنلفت الانتباه لقضية أطفالنا الأسرى .. والتي يجب أن تلفت النظر لوحدها دون أي محاولات منا .. كان يجب أن تثار ضجة في العالم حول قضيتهم وأن لا يبقوا يوم واحد في السجون".
وأكدت على أن المؤسسات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى، لا يوجد لها أي التفات جاد لقضية الأطفال المعتقلين في ما يسمى "مراكز إصلاح" والتي ظروفها أعقد وأصعب بكثير من ظروف السجن، وخاصة أن المركز يتضمن أطفال محتجزين على تهم جنائية.
"أشعر بالقلق الدائم على أحمد، فهو معتقل في مركز مغلق لا ساحة له، ممنوع من اللعب ومن رؤية الشمس، إضافة أن حوله أطفال متهمين بقضايا جنائية"، مطالبة كافة المؤسسات بالتحرك الفوري للإفراج عن الأطفال الاسرى، "أحمد يمر بوضع نفسي سيء جدا .. كل ما أزوره يسألني كيف حدث ذلك وكيف تم اعتقاله ".
فيما تقول والدة الطفل شادي فراح 12 عاما والمعتقل منذ 29 كانون أول الماضي، "جئنا اليوم لنرفع صور أبنائنا الأطفال ونلفت الانتباه لقضيتهم .. وقد نجحنا بلفت انبتاه وسائل الإعلام إلا أن ذلك لم يرتقي للمستوى المطلوب فنحن بحاجة لحراك قانوني وشعبي للتضامن معهم والتسريع بالإفراج عنهم".
وأضافت،" كل يوم يشكل فارق وخطر على حياة الأسرى الأطفال ... فشادي يمر بوضع نفسي سيء جدا، يعاني من صداع ودوار مستمر، كما يشعر بالخوف والتوتر ولا يثق بأحد"، مشيرة إلى محاكم الاحتلال عقدت حتى الآن 15 جلسة للنظر في قضيته، إلا أنها لم ينتج عنها شيء حتى الآن.
"رسالتنا للعالم أجمع، لمنظمات حقوق الإنسان، وللأمم المتحدة، ولكل مؤسسات الدفاع عن حقوق الأطفال .. لضرورة وجود حراك جدي وسريع من أجل إظهار معاناة الأطفال الأسرى والعمل على إطلاق سراحهم بأسرع وقت ودون أي شروط".