فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: يوم الأرض، يوم الأسير، يوم الشهيد، يوم العلم، يوم المرأة الفلسطينية ...الخ، والقائمة لا تطول كثيرا، فكل بضعة شهور هناك "يوم" ما لإحيائه أو الاحتفال فيه، أو ربما لاستغلاله وصعوده منبرا لتكرار ذات البعبعات الفارغة من المضمون والفعل.
تطفو في هذه الأيام السنوية الأحزاب والفصائل الإلكترونية، داعية لذات الفعاليات: زراعة أشجار، اعتصام على المنارة وسط رام الله، بيانات العام الماضي لأمناء الأحزاب تهل على البريد الإلكتروني للصحفيين؛ ينتهي اليوم وتنتهي الفعاليات وتقلب الصفحة وكأن شيئا لم يكن، حتى يحين فتحها العام الذي يليه.
لو كل هذه الأيام ورقة، لأحرقتها وكتبت برمادها "استيقظوا"، ثم أهديتها للأحزاب الفلسطينية؛ وكيف لي أن أعوِّل مجددا عليها وقد جرى بها ما جرى، بعد أن طويت تحت جناح السلطة، وأصبحت تشم رائحة عرقها المتعفن ولا تحرك ساكنا، فيما الكبيران يواصلان اقتتالهما على الكرسي، وكأن هذا بات الهم الفلسطيني الأكبر!
ركود قاتل في قاع البئر العميق، لا هدف منه سوى تصفية الثورة الفلسطينية، ويتجاهلون أن ترسيخ أيام عقيمة لا يولد منها ثورة شعبية حقيقية، يخدم الاحتلال ويريح باله يوما بعد يوم، بدل أن تكون مفجرة لعمليات فدائية تهز كيانه ثأرا للدماء الشهداء.
لتكون أكبر دعوة ممكن أن تخرج من فيه الأحزاب، هو التوجه إلى حاجز معسكر عوفر الاحتلال غرب رام الله، فهناك لا حياة فلسطينية مباشرة ومهما بلغت المواجهات من حدتها، فلن ينضم لها سوى بضع عشرات من الذين بقوا موجودين بعد هروب منظمي الفعالية إثر إلقاء الاحتلال أول قنبلة غازية.
فيما لا تتعدى معظم الدعوات اليومية، دوار المنارة وسط رام الله، وكم فكرت بجرفه لتغيير هذا الواقع... إلا أنني سرعان ما أتذكر كيف كان الفدائيين يعلقون عليه العملاء بعد إعدامهم ليكونوا عبرة من لم يعتبر... فربما تعود تلك الأيام، حاملة المنارة الحقيقة، لتصبح مشنقا لكل متواطئ ومتخاذل!
بالطبع، لا يمكن تجاهل حقيقة أن أي وطن يحوي مناسبات سنوية يحييه على طريقته ونهجه، بتقاليده الخاصة إحياء لتاريخه، ولكننا في وطن محتل، أي إحياء لأي مناسبة أو ذكرى يجب أن يفجر ثورة جديدة، وليس زراعة غرس زيتون في وسط شارع في قلب إحدى المدن، سيذبل غدا وسيقلعه عامل النظافة ويتخلص منه.
وإن كانت الأحزاب تعتبر الزيتون هذا الرمز الكبير، فأقل ما يمكن أن تفعله أن تحشد الجماهير وصولا إلى الأراضي المصادرة، وتبدأ بالبناء عليها وزراعتها ... فأي قوة حينها ستقمعهم، فستقمعهم وهم واقفين يدافعون عن عرضهم وكرامتهم!!
وإن كانت الأحزاب أضعف من أن تحيي ذكرى عظيمة كذكرى يوم الأرض، فلتتنحى جانبا وتحتفظ ببياناتها ودعواتها كما فعلت عند انطلاق الانتفاضة المستمرة، حيث احتفظت بماء وجهها، وتركت الشبان يخطون نهج مقاومتهم الجديدة والخاصة.