بين عدوان لا يرحم و حصار لا يتوقف، ألف حكاية وحكاية لأطفال وشباب منكوبين ومحرومين من جميع حقوقهم، حصار فرضه الاحتلال منذ العام 2006 وتم تعزيزه عام 2007 بالاضافة الى المجازر التي شهدتها ازقة مدينة غزة لاسيما حي الشجاعية المستهدف بشكل دائم.
"من له عُمر لا تقتله شدة"، فرغم الحصار الذي يُفرض عليهم في قطاع غزة إلا أن هناك شابان من حي الشجاعية حُلمهما و ارادتهما كسرتا هذا الحصار، يخرجان ويعيشان حياتهما الطبيعة كأي إنسان، يواجهان ما سُبب لهما من قبل العدو بكل روح قوية و معنويات عالية، هذه هي الصلابة الفلسطينة التي لا تُهزم مهما حاول العدو.
عدلي حسن محمد عبيد و منصور تيسر القرم، ولدا في قطاع غزة في حي الشجاعية، صديقان في روح واحدة، تعرضا للحادث عينه ولكن في وقت مختلف وكل منهما خسر احدى رجليه.
بتاريخ 23/آذار/2011 أطلق طيران الاحتلال صاروخا على مجموعة من الأطفال، فتوجه عدلي (25 عاما) سريعا إليهم محاولا تقديم المساعدة، ليكون ضحية للصاروخ الذي تلاه، ما أدى لبتر قدمه اليمنى فورا.
عندما وصل عدلي الى المستشفى أشار الفحص الأولي إلى أنه ميت، فوضع في الثلاجة رغم أنه كان على قيد الحياة، ومن شدة البرد كان بين فترة وأخرى يفقد الوعي، وعندما حضر والده لإلقاء نظرة الوداع الأخير عليه، أمسك الأب بيدي ابنه فشد عدلي على يده، فهتف الأب: "ابني مازال على قيد الحياة أبني مازال على قيد الحياة".
وقال عدلي، "بعدها بدأت رحلة علاجي الصعبة، خضعت لأكثر من 10 عمليات وتم اجراؤها في سوريا والاردن وغزة، وهذا الشيء منعني من متابعة المرحلة الجامعية في حياتي، ومن العمل أيضًا، رغم أني الوحيد الذي يصرف على عائلتي بعد استشهاد اخي الكبير".
وأضاف، "لكن رغم كل الوجع والمعاناة أنا اطمح لأن اتزوج وأسس عائلة ومتابعة حياتي بكل عزم و قوة، ولكنني بحاجة ماسة للمساعدة لكي استطيع تركيب ورك اصطناعي فهذا الشيء يساعدني جدًا لكي أتزوج وأبني أسرة".
أما منصور (23 عاما) فقد كانت قدمه اليسرى ضحية لقصف آخر استهدف حي الشجاعية ذاته. يقول، "ما فعله العدو أنه زاد صداقتي مع عدلي، ونحن نخرج كل يوم سويًا و نتقاسم الحذاء في اللبس والدفع، فنحن روح واحدة بجسدين".
وأضاف القرم، أنه رغم كل ما حصل له من أضرار جسدية فقد أصر على أن يكمل نصف دينه ويتزوج كأي شاب طبيعي، وهو اليوم سعيد جدًا مع زوجته وكل شيء يقوم به العدو ليس سوى مصدر قوة لهم.
هذا ليس كل ما يدور في الشجاعية، هنا خلف جدران المنازل أو ما تبقى منها حكايات تدمي القلب وجعا، لكن رغم كل الوجع فإن أهالي هذا الحي يتقاسمون الفرح والحزن، حتى أقدامهم تتقاسم الأحذية!