قلقيلية – قُدس الإخبارية: محروم من التعلّم وممنوع من التملك، لا يمكنه الزواج ولا يُسمح له بالسفر وباختصار يفتقد أدنى حقوق المواطن، إنه الشاب خالد ياسين (25 عاماً) من مدينة قلقيلية، المحروم من الحصول على بطاقة هوية فلسطينية مما أفقده حق المواطنة.
تبدأ قصة خالد في الكويت حيث ولد عام 1990 لأب وأم يعيشان هناك ويحلمان بالرجوع إلى فلسطين وطنهم الأصلي ومكان وجود أقربائهم من عائلة ياسين، تحقق ذلك بعد مجيء السلطة الفلسطينية عام 1994، فعادت العائلة إلى قلقيلية بتصريح زيارة ثم استقرت لتعيش العائلة بأكملها دون أي وثيقة تثبت شخصية أحد أفرادها؛ لأن الاحتلال كان يعتبرهم مخالفين.
تقدمت العائلة بطلب لم شمل لتتمكن من الحصول على بطاقة هوية لأفرادها، عندها كان خالد يبلغ من العمر خمس سنوات ولكن الاستجابة لهذا الطلب احتاجت (14 عاماً).
وبعد عناء طويل حصلت العائلة على لم شمل عام 2008، ولكن المفاجأة كانت أن خالد استثني من الموافقة على لم الشمل؛ لأن عمره يفوق (16 عاماً) وبالتالي فإنه يحتاج لم شمل منفصل كونه أصبح مواطناً وليس طفلاً مرافقاً كما كان عند تقديم طلب لم الشمل.
يتحدث خالد عن الضرر الذي تسبب به حرمانه من الهوية بالقول، "ممنوع من كل شيء، التعلم والسفر والزواج والتملك وحتى الحصول على رخصة قيادة، كل شيء أمتلكه لا يمكن أن أسجله باسمي، وتخيل ما الذي سيحصل لو أوقفني الاحتلال على حاجز وأنا لا أملك هوية".
ويقول، "منذ ست سنوات لم أترك باب مسؤول أو مؤسسة حكومية أو مؤسسة حقوق إنسان إلا طرقته ولكن دون جدوى، كل ما تلقيته كان وعوداً لحل المشكلة دون حل حقيقي". وكان خالد ناشد مؤخراً الرئيس محمود عباس عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن يعمل على إنهاء معاناته.
ويرى خالد أن وزارة الداخلية في قلقيلية تتحمل مسؤولية عدم حصوله على لم الشمل؛ لأنها لم تخبره بأن عليه تقديم طلب منفصل كونه أصبح مواطناً وليس مرافقاً.
لكن مدير الأحوال المدنية في داخلية قلقيلية عماد أبو لبدة، أكد أن خالد يجب أن يحصل على موافقة لم الشمل حتى لو أصبح أكبر من السن القانوني.
وأطلعنا أبو لبدة على عدد من الأمثلة المماثلة لقضية خالد حيث كان الاحتلال وافق على حصول هؤلاء الأشخاص على لم الشمل عام 2008 رغم تعديهم للسن القانوني، موضحا، "هناك ثمانية أشخاص في قلقيلية حالتهم مثل خالد ولكن الاحتلال وافق على حصولهم على هوية، وعند إصدار هويات لهم رفضها الاحتلال؛ بحجة تعديهم للسن القانوني ثم حصل هؤلاء على الهوية بعدها بسبع سنوات".
وأضاف، "لا يمكن تفسير حالة خالد إلا بأنها سياسة الاحتلال في التنغيص على الشعب الفلسطيني، حيث يرهن الاحتلال قضية لم الشمل بالظروف السياسية في فلسطين".
وتؤكد الباحثة الحقوقية في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عائشة أحمد، أن الحصول على لم شمل هو أحد أهم بنود القانون الدولي الإنساني، وأن الحرمان من الحصول على هوية هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
واعتبرت عائشة أن سياسة الاحتلال تجاه خالد ومن مثله تعتبر عقابا جماعيا وورقة سياسية يستخدمها الاحتلال ضد الفلسطينيين، حيث يجمد دفعات لم الشمل ثم يبدي مرونة في إعطائها عند حدوث تقارب مع السلطة.
ومما يدلل على أن الاحتلال يربط حقوق الناس بالحل السياسي أنه عند تحريك ملف لم الشمل في المفاوضات بين "اسرائيل" والسلطة الفلسطينية عام 2008، وافق الاحتلال على إصدار هويات ثم أوقفها آخر العام بعد العدوان على قطاع غزة.
يشار أنه بعد اتفاق أوسلو نقلت كافة الصلاحيات المدنية من الإسرائيليين إلى السلطة الفلسطينية باستثناء ملف لم الشمل، فالاحتلال لا يعتبر الحصول على المواطنة حقاً مكتسباً للفلسطينيين وإنما مبادرة رحمة تعطى كبادرة حسن نية سياسية.