يُعتبر الطالب الجامعي في أي مجتمع أهم مكون بشري فيه؛ فهو القوة الدافعة المستقبلية لضمان نهضة المجتمع و استمراريته. و بطبيعة الحال يكون الطالب الجامعي الأكثر متابعة لشؤون البلاد، و خصوصا السياسية في حالتنا الفلسطينية، لأنه في سن القراءة و التثقف و التعلم و من ثم المشاركة في قيادة الحركة الوطنية كما شاهدنا على مر العقود الأخيرة.
و مع هذا فإن الطالب الجامعي الفلسطيني في الضفة الغربية، و خصوصا في جامعة بيرزيت يثبت فشله و للسنة الثانية على التوالي في حمل الهم الوطني و في إعادة البريق للحركة الطلابية المسلوبة منذ الإنقسام لفصيل معين في الضفة الغربية، و لن أذكر غزة ايضا لأن التوصيف يختلف تماما عن الضفة.
فالسلطة في الضفة تحاول إخراج الحركة الطلابية من الحركة الوطنية لما شكله الطلاب الجامعيون من قيادة و مشاركة حقيقية في الإنتفاضة الثانية، و ذلك لدعم المشروع الجديد المتفق عليه أمريكيا و صهيونيا لصهر الوعي الفلسطيني و إعادة تعريف الكثير من المفاهيم الوطنية، مثل المقاومة الشعبية و حتى شكل خارطة فلسطين، كما شاهدنا في بيت لحم إبان زيارة الرئيس الأمريكي اوباما. هذا المشروع المعروف شعبيا بإسم “مشروع دايتون” و هو الذي تولى الملف الأمني بالمشروع المتكامل الداعي لخلق “فلسطيني جديد” يحمل أفكارا جديدة للتعامل مع الصهاينة غير تلك التي تربى عليها.
فشل الطالب في جامعة بيرزيت يكمن في إنتخابه لكتلة الشبيبة الفتحاوية بالرغم من مشاركة رئيس فتح العلنية في ذلك المشروع. فالمصطلحات التي يستخدمها أحيانا محمود عباس، مثل “تحقيّر” المقاومة أو التنازل العلني عن حق العودة و اراضٍ الـ 48، لا يشكل بوجهة نظري السبب الأهم لعدم إنتخاب شبيبة فتح، بل المعادلة المتكاملة التي تتبعها حكومته في الضفة الغربية و التي تتماهى مع ذلك المشروع الصهيوني هي أخطر من هذه التصاريح و هي ما يدعو الجميع للوقوف ضده.
و بالرغم مما يتعرض له الطلاب من مضايقات و إستدعاءات و إعتقالات و تهديدات، كان الأجدر بهم أن يعملوا على إفشال هذا المشروع في جامعتهم فقط على أقل تقدير، و أن ينظموا الحملات لإنجاح تحالف يعبر عن الروح الوطنية التحررية بعيدا عن الإيديولوجيا الحزبية لكل كتلة.