بتاريخ (29 حزيران) الماضي ركز إعلام الاحتلال بشكل غير اعتيادي على المواجهات الأسبوعية التي اندلعت قرب المدخل الغربي لبلدة سلواد شرق مدينة رام الله، فأداة جديدة لا تخطر على البال أدرجها المتظاهرون في البلدة ضمن أداوتهم التي يستخدموها في المواجهات المتواصلة منذ عامين.
فبعد محاولات عديدة نجح الشبان في استدراج جنود الاحتلال من النقطة العسكرية إلى مدخل البلدة وتحديدا إلى المكعبات الاسمنتية التي وضعها قوات الاحتلال واعتادوا أن يحتموا خلفها، ليقعوا في الفخ الذي نصب لهم.
فخلال تجمهر المتظاهرين استعدادا للمواجهات، مسك أحدهم أفعى كبيرة وأخذ يعبث بها وقد قرر قتلها، قبل أن يمنعه أنس حماد من ذلك، ففكرة جديدة خطرت في باله، ظنها البعض سخيفة وجنونية، فيما أيده آخرون وشجعوه على تنفيذها فورا، ليتقدموا لجانبه إلى المكعبات الاسمنتية ويربطوها هناك.
دقائق وتقدم أكثر من 10 جنود إلى المكعبات، ليفاجؤوا بالأفعى تتلوى في مخبأهم، وتبدأ محاولاتهم في قتلها والتخلص منها.
أحدهم أخذ يلتقط الصور، فيما تناوب الآخرين على إلقاء الحجارة عليها حتى تم قتلها في عملية استغرقت 20 دقيقة، فيما استدعُي عناصر آخرون من جيش الاحتلال إلى المكان بينهم ضباط، واصلوا عملية التمشيط في اليومين التاليين، فيما دفع الاحتلال بتعزيزات عسكرية الجمعة التي تلتها وصعدت من قمعها للمتظاهرين.
لماذا اليوم وبعد سبعة شهور نتذكر "عملية الأفعى"؟ من هو منفذها؟ ما تبعاتها؟ وما مغزاها؟
في الخامس من كانون أول الماضي، أنس حماد ذاته حضر مفاجأة أخرى، فبينما كان يحاول المتظاهرون استدراج قوات الاحتلال من النقطة العسكرية وصولا للمكعبات الاسمنتية استعداد للبدء بالمواجهات، كان أنس قد أتخذ قراره الأخير.
[caption id="attachment_79949" align="aligncenter" width="600"] جنود الاحتلال يحيطون بمركبة الشهيد أنس[/caption]هناك وقرب المكعبات ذاتها التي علق عليها أنس الأفعى قبل سبعة شهور، تقدم (10-15) جنديا، توقف بعضهم خلف المكعبات فيما استعد آخرون لملاحقة الشبان، قبل أن يباغتهم أنس مندفعا نحوهم بسارته منفذا عملية دهس بطولية، ارتقى إثرها شهيدا.
لم يكن أنس يحضر إلا نادرا إلى ميدان المواجهات، ولكن حضوره كان مميزا، غامضا، سريعا، وخاطفا، حسب ما يصفه رفاقه، ليترك بصمة لا تمحى ستغير مجرى المواجهات في المنطقة.
تعليق الأفعى قرب المكعبات الاسمنتية، لم تكن مزحة أراد أنس ورفاقه ممازحة جنود الاحتلال بها، فبرغم تهكم بعض الشبان وسخريتهم من الفكرة، إلا أنها كانت تحمل رسالة تحذيرية جادة لجيش الاحتلال مفادها، "لا أمان لكم على أرضنا".
قوات الاحتلال لم تستجب للرسالة التحذيرية، ويبدو أنها لم تحللها ولم تدرسها جيدا، وبعد أن أمهلهم أنس ما يكفي من الوقت، اتخذ قراره بتنفيذ عمليته البطولية، فاستعراض الاحتلال تعزيزاته العسكرية في المنطقة لم يخفه بقدر ما فتح شهيته أكثر على تنفيذ العملية ورؤية جنود الاحتلال يتطايرون أمام مركبته التي اشتراها لتنفذ العملية بعد أشهر من ادخار ثمنها.
عملية الدهس البطولية التي نفذها الشهيد أنس حماد تفتح صفحة جديدة في المواجهات الأسبوعية المنتظمة في البلدة منذ عامين، وتفتح شهية الثائرين تنفيذ عمليات نوعية فيها وبمحيطها، حيث لا أهمية لكم القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال، بقدر أهمية تلقين الاحتلال درسا أن سلواد كانت وستبقى "قلعة الثائرين" التي يصعب النيل منها.