بات واضحاً أننا نتعرض لحرب اعلامية مستعرة، تشنها أجهزة مخابرات الاحتلال ووسائل اعلامه وعملائه على الأرض وفي العالم الافتراضي، بهدف تشويه حقيقة ما يجري ونشر الخوف والرعب والارباك في صفوف شعبنا المنتفض.
تلك الكمية الهائلة من الاشاعات والأخبار الكاذبة التي تبدأ حسابات وهمية بنشرها على موقعي فيسبوك وتويتر معظمها يُنسب الى مواقع عبرية تابعة وبحسب خبراء في الاعلام العبري لمخابرات الاحتلال مباشرة، منتدى "روتر" و صفحة "0404" على فيسبوك تشكلان المصدر الرئيسي للاشاعات والأخبار الكاذبة و المغلوطة التي تصدرها مخابرات الاحتلال وتروجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتلتقطها بعض وسائل الاعلام الفلسطينية وتعيد نشرها للجمهور الفلسطيني على انها أخبار حقيقية وصادقة. هذه المصيدة أوقعت العديد من وسائل الاعلام الفلسطينية في شباكها، وجعلت منها بشكل أو بآخر أداة تستخدمها مخابرات الاحتلال في بث سمومها وتوجيه رسائلها و أجنداتها، مُشّكلة حالة اختراق كبير وشديد الخطورة للجمهور الفلسطيني.
وفي نمط آخر من الاختراق، تدأب مخابرات الاحتلال عن طريق استخدام حسابات وهمية باسم الشهداء الفلسطينين الذين تقتلهم عصابات المستوطنين مثل حالة الشهيد "فادي علون" من بلدة العيسوية الذي أعدمته شرطة الاحتلال بعد حصاره من قطعان المستوطنين في القدس، والشابة شروق دويات التي اعتدى مستوطن عليها في البلدة القديمة وأطلق عليها النار ليصيبها بجروح خطيرة، في الحالتين وبعد أقل من نصف ساعة بدأت الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور مزورة و مركبة على أنها آخر ما كتبه الشاب فادي أو الشابة شروق لاظهار النية عندهما في تنفيذ عملية ضد الاحتلال في محاولة لتثبيت دجله وروايته الكاذبة وللتغطية على الجريمة الواضحة بحقهما.
لا ينتهي الأمر هنا، بل يمتد لنشر شائعات عن نية الجيش في اقتحام مكان ما ويبدأ الشبان في الذهاب والتجمع عند هذا المكان، بعدها يقتحم الجيش مكان آخر بعيداً تماماً عن المكان الذي تجمع فيه الشبان، كما حدث في الليلة الأولى من استشهاد مهند حلبي، تجمع الشبان في محيط منزل الشهيد في بلدة سردا شمال رام الله متجهزين لصد اقتحام قوات الاحتلال المتوقع للمنزل، بعدما انتشرت اشاعة على موقع فيسبوك أن جيش الاحتلال اقتحم مدينة البيرة، فخرج الشبان مسرعين وتوجهوا الى مدينة البيرة البعيدة نسبياً عن منزل الشهيد ولم يجدوا شيئاً هناك، واقتحم جيش الاحتلال منزل الشهيد مهند في ساعة متأخرة من مساء تلك الليلة.
بيانات سياسية وعسكرية كاذبة، واستشهاديون في طريقهم لتنفيذ عمليات، وصور هويات قيل إنها لمستعربين، وإعلان أسماء وصور شهداء خاطئة، وأخبار اقتحامات للجيش و تواجد لمستعربين، واشتباكات مسلحة تخوضها قوات الأمن الوطني مع جيش الاحتلال، وغيرها الكثير الكثير من الأمثلة التي يصعب حصرها لكثرتها من شائعات، و أخبار مغلوطة كان مصدرها واداة انتشارها مرتبط بالادوات التي تستخدمها مخابرات الاحتلال.
نحن أمام حرب اعلامية يتقنها جيش الاحتلال ومؤسسته الاعلامية باحترافٍ وتنسيقٍ عالٍ، مما يستدعي من مؤسساتنا الاعلامية ومن اعلاميينا الوقوف الآن و فوراً وخوض هذه الحرب وسد الثغرات ووقف الاختراف الموجود، وقطع السبيل أمام الشائعات و الأجندات الاستخبارية. بالأمس أطلق اعلاميون فلسطينيون دعوة للمواطنين والصحفين تطلب منهم وقف التعامل مع موقع "روتر" وصفحة "0404" بشكل نهائي في محاولة لوقف الاشاعات وقطعها من جذورها، ومنذ بداية الأحداث أطلق اعلاميون ونشطاء صفحة فيسبوك تحت اسم: (تحقق - Check) يعملون من خلالها على التأكد من الأخبار ونفي الشائعات لايقافها وللحد من انتشاره.
هذه دعوة مفتوحة لجميع الاعلاميين وخبراء الصحافة والمؤسسات الاعلامية و لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، لتبني مثل هذه الأفكار ودعمها، ولضرورة تطوير أفكار وآليات جديدة وأدوات تستطيع التحدي والصمود في هذه الحرب الاعلامية الخطيرة.
ودعوة أخرى للمواطنين الفلسطينيين للتأكد من الأخبار والمعلومات التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم الاستجابة والتعامل مع الصفحات والحسابات الوهمية و المشبوهة، والتأكد من أكثر من وسيلة اعلام فلسطينية في حال ورود خبر ما، وعدم الاستعجال في تداول أي خبر قبل تأكيده من مصدر فلسطيني موثوق.
وتأكدوا دائماً أن الاحتلال هو المستفيد الأول من انتشار الشائعات ما يستدعي منا جميعاً الحذر قبل أن نقع في فخه و نصبح أداة يستفيد منها الاحتلال في حربه المسعورة و المعلنة على كل ما هو فلسطيني.