فلسطين-قدس الإخبارية: قد يكون من أكثر التحديات التي تواجه جلسة المجلس الوطني، المقرر عقدها في مدينة رام الله يومي 14 و15 من الشهر الجاري، هو الوعي الجمعي الفلسطيني الذي يشكل عنصر ضغط على أعضاء المجلس الوطني أفرادًا وأحزابًا ومؤسسات نقابية ومهنية.
يأمل الرئيس محمود عباس، بعد أن قدم ثلثي أعضاء اللجنة التنفيذية استقالاتهم، بأن يتم العودة للمادة 14 الفقرة "ج"، والتي تنص على "في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي؛ يتم ملء الشواغر لأي من الحالتين السابقتين من قِبل اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس، وذلك في مجلس مشترك يتم لهذا الغرض ويكون اختيار الأعضاء الجدد بأغلبية أصوات الحاضرين"، ولكن وعي الشارع وجرأة نخبه الأكاديمية والفكرية، وحالة الاستقطاب الحاد بين مكونات المنظمة، شكلت عنصر ضاغط على الجميع لرفض الانقلاب على النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ففي حال العودة للفقرة "ج" فهذا يعني أن ملء الشواغر يكون فقط للمستقيلين، وهذا ما لا يريده الرئيس عباس، وبذلك انتقل لفكرة عقد جلسة عادية ويبقى السيناريو الأهم، هل يستطيع بلوغ النصاب القانوني في ظل التحديات القائمة؟ وما هي أهم السيناريوهات المتوقعة؟
(المادة 12) من النظام الأساسي تقول، "يتكون النصاب القانوني للمجلس بحضور ثلثي أعضائه، وتتخذ القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين"، لا يوجد أرقام دقيقة حول أعضاء المجلس الوطني؛ عددهم، هوياتهم، من على قيد الحياة ومن توفاه الله، والأرقام المتداولة عبر موقع ويكيبيديا تقول إن عدد الأعضاء 765 عضوًا، انتقل إلى رحمته تعالى 64 عضوًا، وبذلك يكون النصاب القانوني 510 أعضاء من المجموع الكلي، وقد يتم ملء شواغر المتوفين من أعضاء المجلس الوطني حسب (المادة 6) التي تنص، "إذا شغر مقعد أو أكثر في المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب، يعين المجلس العضو أو الأعضاء لملء المقاعد الشاغرة.
وهذا قد يدفع رئاسة المجلس الوطني بتعين أسماء مقربة من الرئيس عباس لملء الشواغر، وقد تكون جميعها من الضفة الغربية لمحاولة إضافة شرعية قانونية على الجلسة، وما يخشاه المراقبون استغلال تلك المادة في ظل غياب الشفافية التي تفرض على السيد سليم الزعنون نشر أسماء أعضاء المجلس الوطني أمام الرأي العام، فعلى سبيل المثال هناك أعضاء من المجلس الوطني لحركة حماس توفاهم الله، فهل سيملأ شواغرهم أعضاء من حماس؟
أعتقد أنه ليس من السهل بلوغ النصاب القانوني لعدة أسباب:
1- مقاطعة فصائل عديدة لجلسة المجلس الوطني لعل أهمها حركة حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية القيادة العامة، الصاعقة، حزب الخلاص، وتيار محمد دحلان.
2- احتمالية رفض بعض أعضاء المجلس من الحضور تحت حراب الاحتلال ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، أنيس القاسم، فاروق القدومي، عبد الباري عطوان، وآخرون.
3- احتمالية منع الاحتلال للبعض بأن يدخلوا الأراضي الفلسطينية.
4- قد تمنع حركة حماس أعضاء المجلس الوطني من الخروج من قطاع غزة.
السيناريوهات المتوقعة
قد يتجاوز الرئيس البعد القانوني بتبريرات وطنية وقانونية ويعقد اجتماع المجلس الوطني حسب المادة 14 الفقرة "ج"، لأن الفقرة "ج" لا تشترط النصاب القانوني، فبعشرة أعضاء تعقد الجلسة، وبذلك سيكون السيناريوهات المتوقعة على النحو التالي:
1- سيناريو انتخاب لجنة تنفيذية جديدة
هو السيناريو الأكثر واقعية، بحيث بات الرئيس يتحكم بكل مفاصل المؤسساتية السياسية الفلسطينية، وبذلك سينجح عقد اللقاء وسيتم انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ووضع لمسات على الهياكل المؤسسية للمنظمة؛ وبذلك يزيد الرئيس من هيمنته ويحاول إغلاق الباب أمام المشككين في البناء المؤسسي للمنظمة.
ما يؤكد هذا السيناريو:
أ. شخصية الرئيس المتنفذة بقوة المال والسلطة على دفع العديد من أعضاء المجلس الوطني وفصائل المنظمة للالتزام بمخرجات بيان اللجنة التنفيذية.
ما ينفي هذا السيناريو:
أ. حالة الغضب بين أعضاء المجلس الوطني في الشتات وفي الداخل، وبين النخب الثقافية والفكرية، والتي قد تشكل حالة وطنية لإفشال هذا المخطط.
2- سيناريو إفشال جلسة المجلس الوطني
من الممكن إفشال جلسة المجلس الوطني لو أحسنت الأطراف المعارضة لهذا التوجه العمل وتحريك الشارع سلميًا ضد الجلسة، وأن تقود تلك الأطراف حراكًا يسحب البساط من تحت أقدام الرئيس عباس؛ عبر التوقيع على وثيقة تدعو اللجنة التنفيذية لعقد الإطار القيادي المؤقت، والعمل على تنفيذ اتفاقيات المصالحة، وإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني والرئاسة والمجلس التشريعي.
ما يؤكد هذا السيناريو:
أ. قدرة حركتي حماس والجهاد الإسلامي ومعهم النخب والتيارات المعارضة وبعض فصائل المنظمة الرافضة لتلك التحركات التي يقودها الرئيس عباس في داخل الوطن والشتات.
ب. ضعف خطوة اللجنة التنفيذية وعدم قانونيتها، وقد ترجم هذا الضعف ضعف بيانها، ما يسهل عملية إفشال، أو على أقل تقدير، الضغط على المنظمة والقيادة لعقد الإطار القيادي المؤقت.
ما ينفي هذا السيناريو:
أ. تحكم الرئيس بالمال وبالسلطة وبمساندة المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي.
ب. انشغال شعبنا بتفاصيل حياته، وانشغالاته اليومية.
نون بوست/ حسام الدجني