شبكة قدس الإخبارية

"شهداء الحواجز" والهوس الأمني الاسرائيلي

هيئة التحرير
كتب: عبد القادر عقل مما لا شك فيه أن أي شعبٍ يرزح تحت الاحتلال، فإن مقاومته لن تتوقف نهائيًا، حتى وإن مرّت بمرحلةٍ عنوانها أن المقاومة في درجةٍ متأخرة من سلّم أولويات المواطن، فشعور المواطن بالكبت والضغط وتعرضه للاعتداءات المتواصلة، في نهاية المطاف سيولد الانفجار، وهذا الأمر هو نفسه سبب تصاعد وتيرة العمليات الفردية كعمليات الطعن مثالًا. لذا تجدر الإشارة إلى أنه ليس بإمكاننا أن نتشبث دائماً بنظرية المؤامرة، بالقول إن جنود الاحتلال يتهمون دائماً كذبًا كافة الفلسطينيين المقتولين على الحواجز بأنهم "منفذو عمليات طعن"، فالمقاومة شعورٌ طبيعي بديهي تجاه الاحتلال ومستوطنيه. الحقيقة أن "شهداء الحواجز" كما أحبذ أن أسمّي هذه الظاهرة، هم أولئك الفلسطينيون الذين يرتقون شهداء برصاص جنود الاحتلال على الحواجز الاسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، ورغم أنني لست من المقتنعين بشدة دائماً بـ “نظرية المؤامرة"، لكن بكل وضوح هناك دلائل وشواهد كثيرة تشير أن الاحتلال لجأ في حوادث مختلفة لتلفيق التهم بحق أبرياء فقتلهم الجنود على الحواجز. ولنذهب بالذاكرة إلى تاريخٍ ليس ببعيد، عندما نشر الاحتلال صورة لمسدسٍ ومخزن رصاص بجانب بطاقة هوية الشهيد علاء عودة من حوارة العام الماضي، قالت الرواية الاسرائيلية إن عودة أطلق الرصاص من مسدسه فرد الجنود بقتله، لكن مواقع إخبارية فلسطينية عدة ، أكدت وقتها أن مخزن الرصاص في الصورة لا يتوافق مع المسدس في ذات الصورة، أي أن المسدس لا يُمكن أن يطلق الرصاص! "الهاجس" أو "الهوس" أو "العقدة" كلها صفات تلازم الجندي الاسرائيلي عندما يتعلق الأمر بموضوع الأمن، فهو بمثابة عقيدة جوهرية كالاستيطان، لكن المشكلة أن هذا الهوس حوّل جنود الاحتلال لقتلة أكثر إجرامًا دون حسيب أو رقيب، فمثلا لا تستغرب إذا فهم سائق فلسطيني إشارة جندي خطأ، فقاد سيارته بدلًا من التوقف، هذا يعني ببساطة وبألم أن الجندي ربما يُطلق عليه الرصاص! فيقتله، رغم أنه بإمكان الجندي تفادي ذلك. ولا تستغرب مثلًا، إذا أوقف الاحتلال شبّانًا فلسطينيين وأمرهم بالترجل من سيارة على أحد الحواجز، فمد شابٌ منهم يده إلى بنطاله من الخلف ليرفعه، لا تستغرب إذا ما أطلق الجندي عليه النار! ظنًا من الجندي أن الشاب يحاول أن يستل شيئا من ظهره! مثالٌ آخر، أي فلسطيني يتوقف قرب الحواجز وحيدًا، ويشك الجندي في أن حركته غريبة أو أن هذا الفلسطيني لا يتوافق مع مزاجه العام فإنه سيطلق عليه النار فيصيبه بالجزء العلوي من جسده، رغم أن رصاصتين في القدم تكون كافية في مثل هذه الحالات، قد يستغرب البعض من كل هذا، لكن في ظل "الهوس الأمني" عند الاسرائيليين كل شيء وارد. باختصار، من أطلق القذائف على بيوت المدنيين في غزة فقط لأن البيت ذو لونٍ معين لا يتوافق ومزاجه، يُمكنه أن يقترف أبشع الجرائم، وليس بحاجة لمبرر للقتل، بموازاة ذلك لا يُمكن إنكار وجود بعض عمليات الطعن الحقيقية ويعترف بها العدو الاسرائيلي.