نحن الفلسطينيون خسرنا معركة الحواجز منذ اللحظة الأولى التي بدأنا فيها بالبحث عن طرق في الجبال للوصول إلى أماكن العمل أو المدارس أو غيرها، في اللحظة التي حوّلنا فيها المواجهة مع الحاجز إلى محاولة للالتفاف عليه دون أي استهداف له.
كل الغنائيات الفارطة عن صمود الفلسطيني التي رافقت المشي في الوديان والجبال للوصول إلى المكاتب كانت تكرس منطق التعايش مع الاحتلال لا مواجهته. والأهم أن ما كان يسعى الناس بأرجلهم وأيديهم للوصول إليه لم يكن إلا وظائف تزيد من استلابنا.
خطاب الصمود ذاك والالتفاف على الحواجز ليتصيّدنا جنود الاحتلال كان يعكس بوضوح نهج السلطة في أحسن حالاتها وطنية، فالاحتلال قدر لا يمكن معه إلا أن يبلغ الشعب أقصى درجات تحمله تجاه سياسته علّ الظرف السياسي يتبدل أو يحدث اختراق ما، طبعا هذا منطق يسود على الشعب لا قيادته التي لم تعرف الحواجز ولا الخوف في الجبال يوما.
شركة جوال تلعب وإن بفجاجة أكبر على فكرة أن الاحتلال وحواجزه أشبه بالظواهر الطبيعية، أشبه بأزمة السير كما يتحدث عنها المصريون في القاهرة، أشبه بقيظ أريحا وبرد رام الله، مكون طبيعي تساعدنا الشركات في التعامل معه، أو الصمود في مواجهته. وكحال كثير من السياسيين ورجال الأعمال يبدو الحاجز والاحتلال وكل إفرازاتهما فرصة مغرية للربح وتحصيل المكاسب أكثر من أي شيء آخر.
نحن الفلسطينيون خسرنا معركة الحواجز بداية الانتفاضة حين لم نقض أول ليلة في العراء أمام أول حاجز وضع في الضفة الغربية وغزة، لنقول بصراحة: لا نعرف طريقا غير هذا.