الضفة – قُدس الإخبارية: تصاعدت ردود الفعل والاتهامات الطائرة في أجواء المصالحة الهشة، بعد اعتقال الأجهزة الأمنية في الضفة لحوالي 110 أشخاص من أنصار حركة حماس، ليلة الجمعة الماضية، في حين طالبت الفصائل الفلسطينية بوقف هذه الاعتقالات والإفراج عن المعتقلين.
تنسيق أمني
حركة حماس اتهمت الأجهزة الأمنية بتنفيذ الحملة على خلفية تصاعد أعمال المقاومة في الضفة مؤخرًا، وفي إطار التنسيق الأمني مع الاحتلال، وحملت الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمدلله المسؤولية عن الاعتقالات والتداعيات المترتبة عليها.
كما اعتبرت الحركة على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، أن الحملة تمثل محاولة لكسر جمود ملف المفاوضات وخطب ود الاحتلال، داعيًا، إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين حرصًا على المصالحة الوطنية، ومؤكدًا، أن هذه الممارسات "لا تخدم إلا الاحتلال ولن تفلح في شطب حماس وإضعاف مشروع المقاومة".
في المقابل، أثنت حركة فتح على "ما تقوم به الأجهزة الأمنية الشرعية من تصدي للمتآمرين والانقلابيين والخارجين على القانون، الذين التقت مصالحهم مع مصالح اليمين المتطرف في إسرائيل"، وفقًا للناطق باسم الحركة أحمد عساف.
واعتبر عساف في حديث لإذاعة موطني التابعة لفتح، أن حماس هي أكبر المنسقين مع الاحتلال، من خلال الاعتقالات اليومية في صفوف كل من أطلق أو حاول إطلاق الصواريخ تجاه "إسرائيل"، ومن خلال وتسيير دوريات جنبًا إلى جنب مع حرس الحدود الإسرائيلي من شمال غزة إلى جنوبها.
حملة أمنية وستستمر
الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري، جدد التأكيد في حوارات مختلفة وعبر حسابه الشخصي على فيسبوك وجود من يحاولون العبث باستقرار البلد وأمنه، قبل أن يتهم صراحة حركة حماس صراحة بممارسة هذا الدور.
وأكد الضميري، أن الاعتقالات الأخيرة كانت أمنية لا سياسية وأن سجون السلطة الفلسطينية تخلو من أي معتقل سياسي، مشددًا على أن هذه الحملة تستمر طالما أن هناك خطرًا يتهدد أمن الوطن، وفق تعبيره.
وبين الضميري، أن الأجهزة الأمنية اعتقلت العشرات ثم أفرجت عن عدد منهم وواصلت التحقيق مع البقية، موضحًا، أن هؤلاء سيقدمون للمحاكمة ولن يكون من صلاحيات أحد سوى القاضي الإفراج عنهم أو محاكمتهم في حال ثبتت عليهم التهم الأمنية الموجهة لهم.
استنكار فصائلي
حركتا الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية شاركتا في وقفة احتجاجية على الاعتقالات السياسية في قطاع غزة، اليوم السبت، أكد خلالها القيادي في الجهاد الإسلامي خالد البطش رفض هذه الحملة وإدانتها، معتبرًا أن ذلك لا يمكن أن يكون سبيلاً لحفظ الأمن أو التمهيد للمصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكد البطش، أن هذه الخطوة تصب في تأجيج الوضع الداخلي الفلسطيني وخنق كل الاحتمالات لإنجاح حكومة التوافق الفلسطينية، مطالبًا الرئيس محمود عباس بوقف الحملة وإطلاق سراح جميع المعتقلين دون تردد.
أما لجنة الحريات المنبثقة عن اتفاق المصالحة فقد أعلنت رفضها لما وصفتها ممارسات الأجهزة الأمنية الأخيرة بالضفة، وطالبتها بالإفراج فورًا عن كافة المعتقلين.
من جانبه، أكد القيادي في الجبهة الشعبية محمد طومان، أنه لا يمكن القبل باعتقال "الأبطال والشرفاء" – حسب وصفه-، داعيًا القوى الفلسطينية للالتفاف حول مشروع المقاومة الذي يحاول البعض إجهاضه من خلال التنسيق الأمني الذي قرر المجلس المركزي وقفه.
كما شدد طومان على ضرورة أن تتوحد القوى في مواجهة الاعتقالات التي لا يمكن إلا أن تكون ضررًا للقضية الفلسطينية، مطالبًا، الأجهزة الأمنية بالكف عن هذه السياسة.
طلاق التوافق
خطوات في إطار المناكفات الداخلية والضغط في ظل وصول المصالحة إلى طريق مسدود، هكذا رأى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب الحملة الأخيرة، كما اعتبر أنها تأتي في سياق الضغط على حماس بعد رفضها الانضمام لحكومة وحدة وطنية وفي ظل استمرار مفاوضاتها غير المباشرة مع الاحتلال.
واستبعد حرب أن تندفع حماس باتجاه تشكيل حكومة في غزة وإعادة الانقسام إلى المربع الأول، موضحًا، أن حماس لا تحتاج لمثل هذه الخطوة كونها تملك حكومة في حماس ممثلة بموظفيها في الوزارات هناك، ولذلك فهي ليست مضطرة لمواجهة انتقادات محلية وعربية بسبب تجديد الانقسام.
ويتوقع حرب أن تندفع حماس باتجاه التضييق على الحريات العامة في القطاع، واتخاذ إجراءات جديدة ضد حركة فتح هناك، وكذلك شن اعتقالات في صفوف أنصار الحركة وقياداتها.
ويعلق على احتمالية تحويل المتهمين إلى القضاء بالقول إن هذه الخطوة تحدث عادة من أي طرف يحاول منح خطواته صفة قانونية والقول بأن إجراءاته سليمة، ما يجعل من الصعب على أي طرف قول أي شيء ويدفع الجميع لانتظار أحكام القضاء.
من جانبه، قال المحاضر في جامعة النجاح مصطفى الشنار إن السلطة وبحملتها الأخيرة أعلنت طلاق التوافق مع الفصائل الفلسطينية من طرف واحد، معتبرًا، أن الاعتقالات تهدف لبعث رسائل عديدة المهام لمختلف الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية، لإعادة تسويق الحكومة الفلسطينية بمقاسات أبومازن بعيدًا عن حماس وفصائل المقاومة.
وأضاف الشنار، أن توقيت الاعتقالات بعد منتصف الليل وبنفس أسلوب الاحتلال في المداهمات وإطلاق النار وكثافة أعداد العناصر الأمنية، يهدف لإظهار السلطة وكأنها ما زالت تمسك بزمام الموقف، وأنها قادرة على القيام "بواجبها الوظيفي بملاحقة المقاومة"، وفق قوله.
وبين، أن الحملة التي لم تكن متوقعة لا بد أن تكون قد جرت بأعلى درجات التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، بحكم المناطق التي جرت فيها والتي لا يمكن للسلطة العمل فيها إلا بالتنسيق مع سلطات الاحتلال وأجهزته الأمنية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الحملة طالت صحفيين عرف منهم الزملاء يوسف شلبي وجواد شلبي وخلدون مظلوم، وقد استمرت لأربع وعشرين ساعة وطالت كافة محافظات الضفة.