الثامنة مساءً، في طريق العودة إلى البيت، مرورا بمغتصبة اسرائيلية على أرض فلسطينية، رجلان من أصحاب القبعات الدينية مع طفلين في الشارع، يلعبون، يضحكون، يقلبون النظر في السيارات العربية بمحاذاتهم، يستهويهم الهوس العنصري، يلقون الحجارة على كل إطار متحرك، و بشكل متكرر، ثم يعودون للضحك و أهازيج نصر و فرح!
أفكر في الطريق .. ماذا يريدون؟
هل هي سادية الغاصب؟ أم نزوة لأفعال صبيانية؟ على أي فكر و ثقافة ينشؤون؟ هل رضعوا الحقد و الكراهية للون الفلسطيني حتى أصبح هدفا عشوائيا؟ أم نهموا من عبق تاريخهم ليعلنوا بكل فجاجة: نحن سادة الأرض ؟ والده روسي، أمه أوروبية جاؤوا للأرض المحتلة، بدافع المال: امتهنوا كرامة الإنسان، سرقوا الوقف العمري والأرض الكنعانية و بنوا بيتا يقطر دما حرا .. نقيا، جثموا على صدر الأم المكلومة بزوجها الشهيد، بقيت ساهرة تنتظر ابنها الأسير، نهبوا رغيف العامل المسكين، و أشبعوه كلاما ملونا بعد اعطائه تصريح العمل!
على الطريق مستوطنة "عتنئيل " .. نظرت إليها من أسفل الوادي: أنوار صفراء، مساكن خارجة عن ذاكرة المكان واصلت التقدم .. وصلت البيت، نام الجميع، هدأت العيون، و بقي السؤال .. ماذا يريدون؟