غزة - خاص قدس الإخبارية: في السابع والعشرين من كانون أول يقف الزمان في رأس كل غزّي، فهذا التاريخ الذي لا ينسى مذ أصبح ملطخًا بالأحمر في رزنامة التقويم قبل ست سنوات، حيث يعود من جديد كل عام ليملأ بالأسى ساعات هذا اليوم حيث بدأ قصف الاحتلال لمواقع في غزة وحتى نهايته بعد 22 يومًا.
كان هذا اليوم باكورة ما صار نمطًا لحروب الاحتلال على غزة. حيث تكرّر مرتين أخريين في 2012 و2014، لكنّ هذه اللحظة الابتدائية ستظل محفورة في الذاكرة أعمق من غيرها. وستبقى قدرة الغزّي على امتصاص صدمة بهذه القوة، إعجازًا يفتقد المثيل.
عادت الذكريات اليوم كما كانت في يومها الأول موجعة ومؤلمة، وتزاحمت الحروف على مواقع التواصل الاجتماعي من ساعات الظهيرة حتى المساء بدفاتر ذكريات الغزيين التي كان عنوانها "الذكرى السادسة لحرب الفرقان على قطاع غزة".
استذكر نشطاء المواقع الاجتماعية اللحظات الأولى من بدء العدوان الإسرائيلي، فبعضهم كان يقدم امتحاناته النهائية في مدرسته الثانوية قبل 6 سنوات، وآخرون يهرعون من مبنى جامعي إلى أخر، فيما بعضهم خارجاً من عمله أو ذاهبًا إليه، وأمهات وأخوات لا يخطر في بالهن غير السؤال على الأخ في موقعه الحكومي.
الناشط زاهر البيك يكتب من تركيا ذكرياته في حرب غزة قائلا، "كنت جالساً في مكتبي بالجريدة، حين سمعنا أصوات الصواريخ تنهال على رؤوسنا، ومن بعدها ونحن حتى نهاية 23 يومًا بقينا نفجع بفقد الأحبة".
أما ربيع أبو نقيرة فبكى حرقته هذا اليوم على استشهاد رفيقه حامد واعدًا إياه أن يبقى على الدرب ومواصلة الطريق.
وقال عبد الله عبيد، "اليوم هي أول الحروب التي عايشتها والتي لم نرى بها سوى أشلاء الأطفال ولم نسمع سوى صرخات الثكالى والأرامل"، واصفًا، تاريخ اليوم "بتشاؤمية ديسمبر الحزين".
واعتبر الناشط والخبير النفسي إسلام شهوان أن حرب الفرقان هي الفارقة فقال في تدوينته على فيسبوك، "في مثل هذا اليوم ومثل هذه الذكري حرب الفرقان، التي فرقت بين الحق والباطل"
واستعرض محمد منصور مفارقة واجبة الذكر قائلاً، "صحيح أن الخسائر البشرية في حرب العصف المأكول كانت أكبر من حرب الفرقان، إلا أن الفرقان تؤلم الغزيين أكثر، فقد كنا ضعفاء، بلا مقاومة بشكلها الحالي تحمينا"، داعيًا، أن "يديم الله المقاومة شرفًا في كل وقت".
فيما عقبت فاطمة قويدر على حال المتأسيين بالقول، "يحييون مجزرة اليوم الأسود، ويبكون للحرب الأولى، فهل وجدتم أكثر تضامنًا مع ذكرى هذا اليوم من تضامن النازحين الساكنين الخيام، العابثة الحياة في جداول سعادتهم، المؤرقة الأيام ليالي أحزانهم" معتبرةً أن غزة بحربها لازلت تعيش حربًا أخرى، إنها حرب الإنسانية".
وأجمع الكثيرون على ما كتبه الصحفي سعدي حمد على صفحته قائلاً، "نتذكر الحرب ونحن نعيش حربًا مستمرة، فحروبنا التي نذكرها ليست ذكريات ماضية، هي لغة الحاضر وتوجسات القادم، في الوقت الذي تعاود فيه أذهان الغزّيين ذكريات حرب ماضية، تتخوف العيون من حرب قادمة قد تكون الرابعة التي تعصف بكل ذكريات للحروب".
يذكر أن 27/كانون أول/2008 شهد ارتكاب قوات الاحتلال جريمة جديدة بضرب المقار الأمنية للشرطة الفلسطينية إعلانًا لصفارة حرب على غزة، والتي راح ضحيتها 1430 شهيدًا، من بينهم (926 رجلاً) و(412 طفلاً) و(111 امرأة) و(5450) جريح.
كما أدت لتشريد (9000 شخصًا) وتدمير (224 مسجدًا) و(23 مرفقًا صحيًا)، و (181 مدرسة) تابعة لوزارة التعليم العالي، و(26 مدرسة) للوكالة، و(67 روضة) أطفال، و(4 جامعات وكليات)، و(42 مؤسسة) تعمل في الخدمة الاجتماعية.



