سعيد عقل شاعر القومية العربية الذي انتهى زمانه على أعتاب زمن شارون في بيروت، الشغوف مطلقا بالتاريخ اللبناني والذي كان يضع نفسه في قالب المعلم السياسي ورجل مستقبلي، ذاته من تبهرنا حقيقة كونه أكبر دعاة القومية اللبنانية والتركيز على الخاصية اللبنانية.
هو أحد مؤسسي حزب التجدد اللبناني عام 1972، جاء ذلك لاحقا لديوانه الشعري "يارا" والمنشورة في كتاب يحمل نفس الاسم عام 1961، بحروفه اللاتينية أو بالحرف القومي اللبناني كما أحب أن يسميه، كتاب أكثر ما يلفت الانتباه إليه استهدافه للغة العربية الفصحى بالنقد والدعوة إلى استبدالها باللغة اللبنانية المحكية، بالترويج للهجة اللبنانية، داعيا إلى التخلص من اللغة العربية باعتبارها "كرخانة" على حد وصفه لها.
ربطت دعوته هذه من مفكرين عرب، فكره الأيدلوجي الذي عمل على تأطيره داعما للقومية اللبنانية بالدعوات السياسية الثقافية لفصل لبنان عن محيطه وعن ثقافة هذا المحيط بما عرف بـ "لبننة العالم" في ذلك الوقت.
دعوته لإحلال الحروف اللاتينية محل الحروف العربية التي عرفه الجميع منذ صغره من خلالها والتي ثار عليها في مكبره فدعا للتخلص منها، تشبه قوميته ذاتها التي كتب من خلالها سيف فليشهر أجراس العودة فلتقرع وزهرة المدائن، ومن ثم جلدنا في الأيام الحالكة بدعوته لمناحيم بيغن لتنظيف لبنان من الفلسطينيين على يد جيش الخلاص جيش الاحتلال الإسرائيلي واصفا بيغن بالبطل، وبمزيد من العنصرية والفاشية أضاف دعوة أخرى للبنانيين لقتال الفلسطينيين.
نعم، سعيد عقل يجمع أقوى كلمات لدعم فلسطين في قصائده القديمة وينقلب عليها بأبشع كلمات بحق فدائييها بمقولة "على كل لبناني أن يقتل فلسطينيا".
إن كان الهدف من قومية وأشعار سعيد عقل عدم الإبقاء على أي فلسطيني في الأراضي اللبنانية في محاربة التوطين بادعاء محاربة التوطين للفلسطينيين في لبنان، فأرد على هذه الدعوات بالقول بيروت خيمتنا الأخيرة ..بيروت نجمتنا الأخيرة والتي أنشدها الشاعر الفلسطيني العظيم محمود درويش في واحدة من أصعب اللحظات التي رافقت خروج الفدائيين الفلسطينيين من لبنان، كما تمنت العنصرية المقيتة ... شكرا لبيروت الضباب .. شكرا لبيروت الخراب.
مات سعيد عقل في عامه الثاني بعد المائة، واحتفى به محبوه لكونه محور معرفة أدبية ولغوية ولإرثه الأدبي لا السياسي، لحبه الكبير لـ لبنانه العظيم الذي قال فيه العاصي على الدهر، هو لبنان كل اللبنانيين، من كل المناطق وكل الملل، الذين لا يباعون ولا يشترون، هؤلاء الذين لا يخضعون لأي سلطان جائر ولا يستسلمون أمام أي طاغية".
مات ولن ننسى تأييده للجيش المحتل الإسرائيلي في هجومه على لبنان عام 1982، فقط ونكاية بالوجود العسكري الفلسطيني المسلح في لبنان، حتى وإن نسي العالم، نتمنى من الله –بعيدا عن السياسة- وبكل إنسانية موت العنصرية العربية مع موت الشاعر سعيد عقل، ولا عزاء منا الفلسطينيين في عقلكم هذا.
اكتب في محرك البحث الشهير جوجل كلمة لبنان وأضف إليها كلا من محمود درويش وسعيد عقل لتدرك من الأجدر بلقب شاعر القومية العربية.
بيروت تفاحة والقلب لا يضحك وحصارنا واحة في عالم يهلك ....