شبكة قدس الإخبارية

أم إبراهيم.. لا تزال تسمع تكبيرات أطفالها الثلاثة الشهداء في العيد

هديل عمار

هديل عمار_غزة: بأي حال عدت يا عيد، هذا لسان حال عائلة عمار التي فقدت ثلاثة من أبنائها في الحرب الأخيرة على غزة, تروي الأم قصة فقدانهم بغصة مع حلول عيد الأضحى المبارك الذي دخل بيتهم دون وجود أي معلم من معالم الفرح فالبيت أضحى مكتظا في صورهم فقط،  لقد رحلوا بأجسادهم لكن تبقى روحهم حاضرة أينما حلت العائلة.

أم إبراهيم "أم الشهداء" كما سمت نفسها على موقع الفيسبوك يمر عليها العيد الأول بدون أطفالها فتختنق فيها الدمعة "إن العيد ليس له طعم بدون وجود أطفالي بجانبي، فالعيد فرحة للصغار قبل الكبار كيف لي أن أفرح دون وجود فلذات كبدي بجانبي؟". فصوت صغار أم إبراهيم لا يكاد يفارقها فكان صوتهم يملأ أرجاء المنزل أما الآن فلا صدى لأصواتهم.

[caption id="attachment_50359" align="aligncenter" width="600" class=" "]الأطفال مع والدهم قبل العدوان على غزة الأطفال مع والدهم قبل العدوان على غزة[/caption]

وبالرجوع بالذاكرة مع أم إبراهيم عن كيفية استقبالهم للعيد تقول "كنت أذهب للسوق لكي أشتري لأطفالي ملابس العيد وكل ما يحتاجونه فكانوا يحلمون بكل دقيقة به, وعند حلول ليلة العيد يكبرون سويا فصوت تكبيراتهم لا تكاد تفارقني حتى اللحظة".

وتستمر الأم في حديثها "ينام أطفالي مبكرا ويستيقظوا مبكرا للذهاب مع والدهم إلى صلاة العيد" فكان وقت صلاة العيد لحظة موجعة لأبي إبراهيم الذي حُرم من تلك اللحظات مع أبنائه، فلا طعم لصلاة العيد بدونهم.

تنهدت أم إبراهيم بمرارة وتقول "كنت أنتظر رجوعهم من الصلاة لكي أحضر لهم الفطور وبعدها أقوم بإلباسهم ملابس العيد ولكن الآن لا أفعل ذلك فقد رحلوا عني"، ولسان حال أم إبراهيم يقول بأي حال جئت يا عيد فألم الفراق أوجع قلوبهم حد الموت .

خلال حديثنا تبسمت أم إبراهيم قليلا وقالت: "وأنا أحدثك عن أطفالي أسمع صوتهم وأرى صورتهم وكأنهم أمامي, حديثي عن أطفالي لا يفارقني فهم فكل جلسة حاضرون بأرواحهم وذكرياتهم، لا تمر لحظة دون أن أشعر بهم حولي".

بينما الطفلة نور التي أثقلها فراق أخوتها تقول: "كل ليلة أبكي على وسادتي فأنا أفتقد أخوتي كثيرا لا يوجد أحد ألعب معه في العيد, لا يوجد عيد بالنسبة لي" .

وبغصة حزينة تقول نور "أنا الكبيرة في أسرتي، كنت أحنُ على أخوتي وأعتني بهم، هذا العيد الثاني الذي أقضيه وحيدة بدونهم، إني أشتاق لهم كثيراً لماذا تركوني؟". يسترجع أبو إبراهيم الذي ترك فقد أبنائه جرحا لا يندمل في قلبه ليلة القصف فيقول: "رأيت الصاروخ وهو يقسم جسد ولدي إلى قسمين ليصبح أشلاء "يتمتم بوجع" إنهم شهداء في الجنة، عصافير تغرد هناك". بينما تسرد أم إبراهيم آخر لحظاتها مع أبنائها: "قبل دقيقة من القصف كان عاصم في حضني ويقول لي حبيبتي يا ماما"، بينما كان إبراهيم بجانبها ينظر ويضحك، أما إيمان كانت في حضن والدها، لم تكن العائلة تعلم أن تلك النظرات والقبلات هي آخر شيء بينهم فلقد رحلوا". توقفت أم إبراهيم وهلة ثم قالت: "كان لأطفالي أحلامٌ بددها الصاروخ "إيمان طلبت مني ملابس للعيد ولكن وضع الحرب لم يسمح، فحزنت كثيرا ولم تعلم أنها لن تشهد أي عيد بعد ذلك" .

بينما أحلام إبراهيم كانت أكبر منه، لطالما تغنى بحبه للمقاومة وأنهُ سيكبر ليكون مجاهدا يدافع عن بلاده، بينما تحلم والدته بشاب يافع يدخل الجامعة يدخل الفرحة على قلبها ولكن الموت كان أسبق لأحلامهم.

وتبقى تساؤلات أطفال أم إبراهيم حول الجنة والشهادة تدق في ذاكرتها لتنهي كلامها بأمل يقرع أبواب أحلامها وأشواقها "لابد أنهم عرفوا كيف هي الجنة الآن، أنا في توق وشوق لأن يجمعني الله بهم قريبا".