أعلنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تدشينها حملة ملاحقة للمتعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، أطلقت عليها أسم "خنق الرقاب"، بدأت يوم الجمعة الماضي بإعدام 22 عميلا قالت " إنهم متعاونون مع الاحتلال وشاركوا بعمليات قتل وتبليغ عن عناصر المقاومة الفلسطينية".
وقد تباينت ردود الأفعال حول الحملة في أوساط المحللين والقانونيين، ما بين المطالبة بالمزيد من الضغط والملاحقة، وما بين المطالبة بمزيد من الإجراءات القانونية للتأكد من جريمة العميل واستحقاقه القتل، وظهرت أصوات تنادي بتطبيق حكم الإعدام لكن بعيداً عن الأماكن العامة حيث يستغلها الاحتلال في تشويه صورة المقاومة الفلسطينية.
الكاتب والباحث السياسي حمزة أبو شنب قال في تصريحات إعلامية " إن جميع من أعدموا كانوا معتقلين منذ أكثر من شهر وجري التحقيق معهم، وقدموا اعترافات بتقديمهم معلومات دقيقة "لإسرائيل" أدت إلى قتل عدد من الفلسطينيين"، وأكد أن "عملية محاكمتهم وإدانتهم تمت وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون الثوري الفلسطيني الصادر عام 1969."
وأضاف أبو شنب، "أن وسائل "إسرائيل" في التجنيد تتمثل في قيامها بإغلاق معبر رفح والسماح بمرور الفلسطينيين عبر معبر إيرز حتى تستطيع الضغط عليهم وابتزازهم أو إغراءهم لتجنيدهم مخبرين وعملاء لها، إضافة إلى وجود بعض ضعاف النفوس الذين يبيعون ضمائرهم."
ورأى الباحث السياسي ساري عرابي في قضية إقامة محاكم تقليدية للعملاء " لا يمكن أن نطالب المقاومة بإقامة محاكمات تقليدية للعملاء في ظروف الاشتباك، لأنها ببساطة ليست دولة كما أنها في ظرف استثنائي لا يحتمل هذا الترف!".
وأضاف عرابي، "المشكلة الجوهرية في بعض النقد الموجه للمقاومة؛ في أنه يخاطب حالة متوهمة غير موجودة أصلا، أي يطالب المقاومة بمسؤوليات من خصائص الدول حصرا والتي تتوفر على ثنائية الدولة والمجتمع، بينما المقاومة حالة ثورية منبثقة عن المجتمع ولا تنفصل عنه أبدا، فالمقاومة لا تشبه الجيش النطامي الذي تديره الدولة، وحركة المقاومة لا تشبه السلطة السياسية التي تدير الدولة".
مدير مؤسسة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان شعوان جبارين حذر المقاومة الفلسطينية من الاستجابة للضغوط الشعبية لإعدام العملاء "لأن ذلك قد يودي بأرواح أبرياء لا ذنب لهم، ونصح المقاومة بالتحلي بالمسؤولية في التعامل مع المتهمين".
مشيرا إلى أن "إسرائيل" بدأت تربط بين هذه الإعدامات الميدانية وتلك التي تجري في سوريا والعراق."
وردا على سؤال حول مدى قانونية المحاكمات العسكرية الثورية، قال جبارين إن الموضوع يحتاج إلى نقاش، ودعا إلى مراعاة أن بعض هؤلاء العملاء يتم استغلال ظروفهم الإنسانية أحيانا "كمرضى السرطان" لإجبارهم على العمل ضمن عملاء "إسرائيل"، وهذا يعد جريمة حرب وفقا للقانون الدولي.
المحاضر في جامعة النجاح الوطنية د.عمر جعارة في رده على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي حاول فيه الربط بين المقاومة الفلسطينية والجماعات "الإرهابية" "إن هؤلاء المعتقلين الذين تم إعدامهم كانوا محبوسين قبل بدء العدوان على غزة، ولهذا السبب لا يجب ربط عمليات إعدامهم بالعدوان على غزة".
وأكد جعارة على ضرورة " ردع المتعاونين والعملاء والمتخابرين بكل السبل، مؤكدا أن قسوة العقوبة تأتي دائما من قسوة الجريمة، موضحا أن لا أحد يختلف على الجريمة وطبيعتها ولكن يمكن الاختلاف على طريقة تنفيذ الإعدام".
من جانبها أدانت مؤسسة الرئاسة الفلسطينية الخطوة، واعتبرتها "عمل مستفز"، وقال أمين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم "هذه الإعدامات المطعون في أسبابها تتم خارج القانون وخارج المحاكم التي تكفل ضمانات المحاكمات العادلة، وبالتالي فهي مرفوضة ومدانة من الشعب الفلسطيني وتذكرنا بما تقوم به تنظيمات تكفيرية نرى وقائعها على شاشات التلفزة".