زيارة الأمير السعودي الأمير بن طلال لمدينة رام الله الثلاثاء وتوقيعه على العديد من اتفاقيات الدعم للسلطة الفلسطينية بملايين الدولارات، أثارت العديد من التساؤلات عن ماهية هذه الزيارة والإطار الذي يمكن أن توضع فيه، وهل هي زيارة رسمية لمسؤول سعودي، أم انها زيارة شخصية لرجل أعمال معروف، يطمح في تدشين مشاريع مشتركة مع الفلسطينيين وتوقيع العديد من الاتفاقيات؟.
إلى جانب ذلك، هناك تساؤل آخر، حول ما إذا كان لهذه الزيارة علاقة بما يجري على صعيد عملية التسوية السياسية التي ترتكز بشكل أساسي على الموضوع الاقتصادي، وما بات يعرف بـ"السلام الاقتصادي"، خصوصا أن بن طلال يعتبر أحد دعائم هذا السلام الذي يروج له وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري" ضمن خطته للسلام في المنطقة، إن لم يكن الدعامة الأولى في هذا المشروع؟.
مضامين سياسية واقتصادية
الخبير الاقتصادي سلام نصر قال في تصريحات لـ"شبكة قدس" إن "هذه الزيارة تحمل عدة مضامين، السياسية منها والاقتصادية، فمثل هذه الزيارات لشخص في وزن الأمير الوليد بن طلال، سواء الرسمي أو الاقتصادي، تشكل تطورا كبيرا في اتجاه النخبة السعودية، وأصحاب رؤوس الأموال في العائلة المالكة، والدور الذي من الممكن ان تلعبه السعودية في عملية التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف نصر "هذه الزيارة الغامضة والمثيرة للجدل حاول الأمير السعودي أن يجعلها تبدو انها استكشافية او سياحية، إلا أن الاستقبال الرسمي له في رام الله، وقبلها المباركة الأردنية لهذه الزيارة، والإشراف عليها بالكامل، والاتصال مع الجانب الإسرائيلي لإنجاحها، تعكس ان لهذه الزيارة أبعاد سياسية متعددة تسمح بمشاركة سعودية فاعلة ونشطة في ما يسمى بـ’السلام الاقتصادي".
الأمير يكافح الفقر
هذا ووقعت وزارة الزراعة في رام الله ومؤسسة الوليد بن طلال الخيرية على هامش الزيارة اتفاقية لدعم المشاريع الزراعية في فلسطين بقيمة 4 مليون دولار.
وتنص الاتفاقية، التي وقعها وزير الزراعة وليد عساف، والأمين العام لمؤسسة الوليد بن طلال الخيرية عبير الكعكي بحضور الرئيس محمود عباس، على دعم برنامج مكافحة الفقر لإقامة مشاريع زراعية صغيرة مدرة للدخل بقيمة ٤ مليون و١٠٠ ألف دولار أميريكي.
وقال الرئيس محمود عباس، إنه "تم الاتفاق مع الأمير الوليد بن طلال على تقديم مشاريع لشعبنا الفلسطيني".
وأضاف عباس: "هذه زيارة عزيزة جدا على قلوبنا لأنها تأتي من رجل عظيم ورجل محترم على كل المستويات، ومن رجل يقدم الخير للجميع ونقرأ كل يوم له مكرمة في بلد من البلاد".
بدوره، قال الأمير بن طلال: "تشرفت بزيارة رام الله للقاء أخي الرئيس محمود عباس، وهي زيارة لتأكيد التعاون والتحالف الاستراتيجي بينا وبين دولة فلسطين في النطاق الاستثماري والإنساني ونطاق الخير".
وأشار إلى انه أبلغ الرئيس عباس استعداده "لدعم فلسطين في أي توجه يخدم مصالح الأخوة الفلسطينيين"، ولفت إلى أن ما شاهده من نهضة في رام الله والضفة الغربية بشكل عام دليل قاطع وجازم على السياسة الحكمية التي يتبعها عباس في هذا الجزء من الوطن العربي رغم الضغوط الكبيرة التي يواجهها من الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف الأمير الوليد: "لا شك أن سياسة عباس الحكيمة ستأتي في نهاية المطاف بدولة فلسطينية قريبا".
أخيرا، بقدر كبير تشكل هذه الزيارة تساوقا واضحا، واحتكاكا مباشرا مع خطة وزير الخارجية الامريكية للسلام في المنطقة، تحت الغطاء الاستثماري وتوقيع المشاريع الإنمائية مع السلطة الفلسطينية، الامر الذي يظهر ان هناك شيئا كبيرا يلوح في الأفق على صعيد عملية السلام مع "إسرائيل".