منذ بزوغ الشمس تحزم "أم بكر" (52 عاما) بضاعتها من بلدتها "الساوية" نحو مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، لتحجز ركنا خاصا بها على رصيف دوار (ميدان) المنارة، وسط المدينة، لتبدأ رحلة البحث عن قوت أسرة تعاني المرض والفقر.
كل حلمها أن تعود في المساء بوجبة عشاء لأسرتها، ولم يخيل لها أن تتلقى هدية "وردة حمراء".
تبتسم السيدة وسط تزاحم إقدام المتسوقين، بعد أن قدمت مجموعة شبابية لها وردة حمراء؛ تقديرا لجهدها في السعي وراء لقمة العيش. وتقول: "بالرغم من الهدية البسيطة، لكنها أدخلت السعادة على قلبي، ومنحتني القوة".
وكانت مجموعة شبابية غير حكومية تحمل اسم "شو بدك من رام الله" نظمت السبت مبادرة لتكريم السيدات العاملات في رام الله.
وتقول أم بكر بينما تبيع الزعتر والزيتون: "أبيع هنا الزعتر والزيتون، أبقى جالسة طوال اليوم بالرغم من البرد القارس شتاء، والحر صيفا".
تتنهد وتضيف: "اليوم الذي لا أبيع فيه، لا أستطيع أن أوفر قوت عائلتي". وتعيل "أم بكر" خمسة أبناء، ثلاثة منهم مصابون بمرض عصبي يعجزهم عن العمل.
وفي سوق رم الله للخضار "الحسبة" عشرات السيدات الفلسطينيات اللواتي اتخذن من أرصفة الشوارع مكانا لبيع منتجات بيته وحقلية جبلية.
الناشط في الحملة أحمد حبيب يقول: "خرجنا اليوم لنقدم الورود للسيدات العاملات في رام الله، ونقول لهن شكرا"، مشيرا إلى أن الحملة لا ترتبط بمناسبة ما أو حدث، بل هي واجب علينا في كل وقت أن نكرم أمهاتنا.
وتابع: "أمهاتنا ثروة وثقافة يستحققن منا كلمة شكر ودعم". ولفت الناشط الشبابي إلى أن الحملة فكرة تتمحور حول سماع هموم ومشاكل السيدات ومحاولة نقلها للمسؤولين، لعلهم يخففون عليهن.
وفي سوق الخضار برام الله، تبيع والد أسير محرر نبته "الميرمية" (نبات عشبي عطري)، وبجانبها سيدات يبعن نباتات أخرى تنبت في الحقول الفلسطينية، تقول أم جبر: "شكرا لشبابنا، أدخلوا البسمة لقلوبنا بالرغم من بساطة عملهم".
وتعمل أم جبر -حسب قولها- ساعات طويلة تصل إلى ما بعد عشاء كل يوم لتبيع "الميرمية"، وتقول: "بالكاد يصل ربحي اليومي إلى مبلغ 20 شيكلا (نحو 6 دولارات) لكنها الحاجة".
تنظر لمن حولها من السيدات الأخريات وتقول: "هذا العمل أفضل من التسول، زوجي لا يعمل منذ 17 عاما؛ لأسباب صحية، وأحد أبنائي أسير محرر بلا عمل منذ عدة سنوات".
وكان تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني منتصف العام الماضي 2013، كشف عن ارتفاع نسبة الفقر في عموم فلسطين إلى 28.5?، مرتفعة بنسبة 1.8 عن عام 2011؛ أي قرابة 1.05 مليون فلسطيني يقعون تحت خط الفقر، من أصل 3.75 ملايين نسمة.
وارتفعت نسبة الفقر في الضفة الغربية إلى 18.7? خلال عام 2012، مقارنة بـ17.8 خلال العام الذي سبقه، بينما انخفضت النسبة في قطاع غزة إلى 39? بعد أن بلغت 40? خلال عام 2011.
قيس أبو سمرة/ وكالة الأناضول