شبكة قدس الإخبارية

لا تنمية في ظل الاحتلال الإسرائيلي

هيئة التحرير

تناولت دراسة حديثة صادرة عن مركز دراسات التنمية/ جامعة بيرزيت، إشكالية التنمية في ظل الاستعمار للباحثة "نثيا ناغاراجان"، وإشكالية الانتقال غير الطبيعي من حالة النضال التحرري الى التنمية الاقتصادية وبناء المؤسسات والحكم الرشيد، هذا الانتقال جاء في الوقت الذي لا يزال الاستعمار قائماً، ولم يصل الفلسطينيون الى مرحلة التمتع بأي من حقوقهم السياسية والوطنية بعد.

هدفت الدراسة إلى الوقوف أمام أهمية النقلة التنموية في السياق الفلسطيني أي الانتقال من المشروع التحرري الى التنمية الاقتصادية وبناء المؤسسات والنيوليبرالية، في الوقت الذي لا يزال فيه الاحتلال قائماً وينهب الأرض والإنسان، ومدى ملائمة هذا النمط التنموي وتأثيره وتأثره بالنضال الوطني الفلسطيني ضد الاستعمار.

تشير الكاتبة إلى ثلاث حجج اساسية تبرهن من خلالها على أن لا تنمية في ظل الاستعمار، حيث تقول أن المساعدات الدولية ومنذ توقيع اتفاق اوسلو أضعفت الأجندة السياسية للفلسطينيين، حيث هدفت المساعدات الدولية الى تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين دون أي دعوة للتخلص من الاستعمار بل تم التعامل معه كحقيقة واقتصر العمل على تخفيف وطأة الاحتلال، حيث تشير إلى أن من أهم الاثار الناجمة عن الاستعمار والتي سعت المساعدات الدولية للتخفيف من حدتها "التوسع الاستيطاني" وغيره من الممارسات القمعية بحق الفلسطينيين، والتي أدت إلى اثار سياسية واقتصادية واجتماعية مهلكة طالت كافة شرائح المجتمع الفلسطيني.

إن التعامل مع العمل التنموي بمنطق حيادي وبشكل تقني بعيداً عن البعد السياسي، حوّل أموال المانحين إلى تطبيق نمط عمل نيوليبرالي اي الاقتصاد المتمركز والمتحمور حول بناء المؤسسات بعيداً عن الاسترشاد بالاحتياجات السياسية للفلسطينيين، حيث تتركز الجهود من اجل تحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز البيروقراطية، إضافة إلى تعزيز دور المؤسسات المختلفة في العمل الاقتصادي دون الاهتمام بتاثير مثل هذا النمط من العمل على المشروع التحرري.

وفي ظل كون هذا السياق يبنى على تجاهل بنى القوى المختلفة التي تمثل الاضطهاد ويتجاهل في الوقت نفسه الممارسات الاحتلالية، فإن القضايا السياسية لا ترد ضمن حسابات العاملين في هذا المجال أبداً، بل يتم التعامل مع الاحتياجات السياسية بوصفها قضايا تقنية يمكن حلها والتغلب عليها من خلال اموال المانحين والاستمرار في نفس السياق التنموي دون المطالبة او الالتفات الى الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني.

إن هذا النمط السائد للعمل التنموي في فلسطين يعزز من الممارسات الاستعمارية ويدفع الفلسطينيين للخضوع للاستعمار والتعامل معه كحقيقة ناهيك عن تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني وتجزئته.

تشير الكاتبة إلى أن نمط التنمية النيوليبرالية المطبق في فلسطين لا يأخذ بعين الاعتبار أياً من هذه المتغيرات وتحديداً التاريخ السابق والسياق الحالي. فهذا السياق هو احد نتائج الهيمنة الاستعمارية كما هو حال التجزئة المفروضة على الارض والسكان، وبالتالي فإن وضع حد لهذا الحال يتطلب قبل كل شيء الالتفاف حول الاهداف الوطنية والنضال الجماعي من اجل التحرير، وعليه لا بد من طرح نسق تنموي بديل في فلسطين يكمن في اعادة صياغة مفهوم التنمية ذاته. ولا بد من اعادة الاعتبار للعمل التنموي القائم على اساس مناهضة المشروع الاستعماري وتغيير نمط العمل السائد حالياً كما الفهم الحالي للتنمية.