شبكة قدس الإخبارية

فلسطين...مستقبل واعد في الطاقة المتجددة

محمد زياد يامين

لم أنسى ذلك اليوم حينما درسنا عن أرض فلسطين في مادة الجغرافيا، فسأل الاستاذ الطلاب...ماذا تعرفون عنها؟ بدأ الطلاب بطرح أفكار كلها تتعلق بالحروب و الاسر و الاحتلال و غيرها من الصور القاسية. و كأن فلسطين ليس فيها سوى الحروب. في هذه المقالة سأتحدث عن مصادر الطاقة المتجددة في فلسطين. قد يقول البعض: "في فلسطين ؟!"..نعم يا عزيزي...في الحقيقة، تتمتع فلسطين بمستقبل مشرق في هذا المجال. تعال معي "أنور عليك" في جولة سريعة.

تتوفر في فلسطين مصادر عديدة للطاقة المتجددة منها الطاقة الشمسية، الطاقة الجوفية الحرارية، و طاقة الكتل الحيوية.

تعد الطاقة الشمسية من أشهر أنواع الطاقة المتجددة في فلسطين، حيث أن متوسط الاشعاع الشمسي في اليوم يصل إلى 5.4 كيلو واط في الساعة بالمتر المكعب. تستعمل الطاقة الشمسية في مجالات عدة منها: ضخ المياه، تحلية المياه، تسخين المياه، انارة المنازل و الشوارع و غيرها. في الحقيقة، تعد فلسطين دولة رائدة في مجال تسخين المياه بالطاقة الشمسية. ليس هذا فحسب، بل يمكن أن تستخدم الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء !.. نعم، لا تستغرب ! فبمكية الاشعاع المذكورة يمكن أن نجمع الكثير من الطاقة الشمسية من خلال مجمعات شمسية لتركيز أشعة الشمس للحصول على درجة حرارة عالية قادرة على تحويل الماء إلى بخار لتحريك تربينات تساعد في توليد الطاقة الكهربائية.

أعتقد أنك تتساءل الان: إذا لماذا لا تستعمل الطاقة الشمسية في توليد كافة أنواع الطاقة التي نحتاجها؟ في الحقيقة هناك عوامل عديدة و تحديات كثيرة في فلسطين بالذات منها التكلفة العالية و طبعا الوضع السياسي الغير مستقر إن صح التعبير. تعتمد فلسطين اعتمادا كاملا على إسرائيل لتلبية احتياجاتها من الطاقة. يتم استيراد جميع المنتجات البترولية من خلال الشركات الإسرائيلية. باختصار، تسيطر إسرائيل على واردات الطاقة في فلسطين.

لن أطيل عليكم، فلننتقل بالحديث إلى مصدر اخر من مصادر الطاقة المتجددة في فلسطين، الطاقة الجوفية الحرارية المعروفة باسم "جيوثيرمال". يستعمل هذا النوع من الطاقة للتبريد و التدفئة في المنازل و غيرها من الاماكن. و في هذا مثال حي عندما أنشا المهندس خالد السبعاوي شركة "مينا جيوثيرمال" في مدينة رام الله، حيث أنه بدأ بعمل مشاريع مختلفة تتعلق بالطاقة الجوفية في المنازل و الشركات. و كان لهذا تأثير واضح في خفض من نسب انبعاثات الكربون و أيضا أدت إلى خفض في قيمة فواتير الكهرباء. هذا ما نحتاجه، أليس كذلك؟ و لكي أوضح لك الصورة، سأشرح كيفية استخدام الطاقة الجوفية في التبريد و التدفئة. أظنك تتفق معي أن درجة الحرارة تحت سطح الأرض هي أقل من درجة حرارة الغلاف الجوي في فصل الصيف. و العكس صحيح في فصل الشتاء. إذا يمكننا دفن أنابيب تحت سطح الأرض و ضخ المياه من خلال هذه الأنابيب ثم التقاط درجة الحرارة لتغذية التدفئة في المبنى ونظام التبريد!

أخيرا، أنتقل إلى طاقة الكتل الحيوية المعروفة باسم "البيوماس". و البيواس هي أي مادة عضوية يمكن تحويلها إلى طاقة. و كون فلسطين تتمتع بأراضي زراعية و حقول كثيرة، فإن هذا يعطيها فرصة أكبر في امكانية الحصول على طاقة البيوماس من خلال المحاصيل المهملة و مخلفات الزراعة و غيرها. يتم استخدام طاقة الكتلة الحيوية في الغالب لأغراض التدفئة ويشكل حوالي 15٪ من إمدادات الطاقة الفلسطينية.

بعد هذا الشرح المبسط، لا يسعني سوى أن أطرح سؤالا: ما هي امكانية بناء قرية في فلسطين تعتمد على الطاقة المتجددة؟ أعتقد أنك تبتسم و تقول: ليس مستحيلا! ..فعلا، فإن توفرت الارادة و المقدرة سنتخلص من تحكم الاحتلال بمصادر الطاقة لدينا و سننعم ببيئة أفضل.