شبكة قدس الإخبارية

كتائب القسام تتدخل في الشأن المصريّ؟!

أحمد البيقاوي
قامت كتائب القسام التابعة لحركة حماس بتنظيم عرض عسكري لتأييد ضحايا مجزرة رابعة في رفح، والذي ما لبث أن تم رفع تصويره على اليوتيوب، ونشره على الصفحات المقربة من حركة حماس، حتى التقطه الاعلام المصري، وكأنه وجد ضالته بعد سنين، وأخد يذيعه وينشره معلقاً عليه بأبشع شعارات التحريض. هذا العرض هو الأول من نوعه، حيث لم يسبق لكتائب القسام أن خرجت لقضية غير فلسطينية. بعد هذا العرض صار واضحاً أن حماس تؤكد على حرق كل الأوراق السياسية للتعامل مع النظام الحالي في مصر، أياً كان شكله واسمه. لكن ما سرّ هذا الاصرار؟ ألدى حماس أي نوع من التطمينات على أن النظام الحالي زائل لا محالة؟! أم وصلها معلومات تؤكد أن الاخوان لن يتراجعوا مهما كلفهم الأمر؟! الأمر الذي استدعى عرض القسام! وإن صح ذلك، فهذا يعني أن كتائب القسام صارت ورقة بأيدي الاخوان في مصر؟ لا أؤيد كثيراً هذا الاحتمال، فتوقيت العرض هو الأسوأ على الاطلاق، حيث التحريض على غزة في مصر وصل ما بعد ذروته، والاخوان اليوم يحاولون جاهدين التأكيد على سلميتهم. وقد تكون حماس قد حاولت بهذا العرض إرسال رسالة إلى الجيش المصري وكل من عول عليه، والذي كثرت الاحاديث الاعلامية عن احتمالية دخوله غزة، تحت شعار مكافحة الارهاب والتطرف، رسالة مفادها أنها جاهزة ومستعدة للتصدي لأي محاولة هجوم، وأنها لن ترحم المهاجم أياً كانت هويته؟! وقد نرهق أنفسنا بالتحليل والتخمين، على أساس أن كل خطى حماس وكتائبها مدروسة، ونجد السبب بالآخر أقل من كل توقعاتنا، فقد يقرر قائد سرية في رفح بعد تأثره بضحايا رابعة، الخروج ومعه عشر سيارات، محملة بالمسلحين الذين يعتلوها ويتجولون بها وهم رافعين أصابع رابعة الاربعة، دون سؤال قيادته، او حتى التفكير في التبعات لهذا العمل.

n

فمن رأى عروضاً عسكرية لكتائب القسام من قبل، سيجد هذا العرض أقلّها من حيث التجهيز والتسليح والعتاد، فلم يلزم لإتمام هذ العرض سوى أقل من عشر سيارات تقريباً، وما يقارب الأربعين مسلحاً بسلاحهم الاعتيادي، وبوسترات عليها شعار "الاخوان المسلمون" لتلصق على سيارات العرض، وشاب بسيارة إضافية يلحق بهم ليصورهم وهم يستعرضون سلاحهم، ليتم عمله بعد ذلك بالمونتاج السيء الذي شاهدناه، ووضع شعار كتائب القسام على الفيديو، وليس شعار المكتب الاعلامي لكتائب القسام، كما جرت العادة. بالنسبة لي، الإحتمال الأخير هو الأكثر احتمالية، نظراً لحجم العرض ونوعيته، وعدم وجود لمسات المكتب الاعلامي الرسمي لكتائب القسام على الفيديو المصور، ونظراً للتوقيت الذي أضر وسيضر بنا، وسيضر الاخوان اكثر. لو كنت مصرياً لا يصدق الاكاذيب التي تنشر في الاعلام المصري عن الفلسطينيين، لوضعت كل هذه الاحتمالات جانباً، وأيقنت أن حماس اليوم قد تكون جزءاً من معركة مع الاخوان، ولو استدعى الأمر تدخلاً عسكرياً، لن تقصر حماس ولا كتائبها بذلك، فما بالكم بمصري يصدق الاكاذيب، وعنده يقين أن حماس لها يد في كل ما يحصل في مصر. هذا الفيديو مادة قيمة لهم، وبالنسبة للمحرضين علينا في الاعلام المصري، هذا الفيديو هدية السماء. أياً كانت الأسباب، علينا أن نعترف أن هذا العرض خطأ كارثي، ولم يكن هنالك داع له، فقد أكد تهمة تدخل الفلسطينيين في الشأن المصري، أو حتى احتمالية ذلك، وسيشغل الخبر الرأي العام المصري رغم كل ما تمر به مصر، وسيضر كل فلسطيني مقيم فيها، ويزيد من احتمالية تعرضه للخطر خلال ممارسة يومياته، وهو ورقة جديدة بأيدي الأمن والجيش المصري ليلصق تهمة الارهاب بنا، ويعتقل ويحقق ويعذب ويُرحل منا أكثر وأكثر، ويبرر تشديده الحصار، وهدمه للأنفاق، وخنق أهلنا في غزة. على حماس مراجعة أمر هذا العرض، والتأكيد على عدم تكراره، إلا إذا كانت قد تأكدت من احتمالية دخول الجيش المصري أرض غزة بأي شكل من الأشكال، فوقتها ستسقط كل الممنوعات، وسيباح كل محرم. على كل الاحوال، على حماس مصارحة الشعب الفلسطيني بحيثيات هذا العرض وأسبابه، لأنها بالتأكيد لن تتحمل تبعاته وحدها. رابط العرض: رابط التعليق على العرض على إحدى القنوات المصرية: