يبدو الكلام عن حمى تمرد اليوم أمراً ملحاً خاصة بعدما سمعنا عن تلك الدعوات التي مصدرها غزة والتي تريد التمرد على ذاتها الفلسطينية قبل أن تمسّ من مغتصبيها شيئا يستحق الذكر ..ليس هذا وجه الاعتراض عندي تحديدا، وإن كان هو السبب الشائع اليوم للاعتراض عليها، لكني سألتفت لبعض ما ورد على صفحة تمرد غزة ..حيث تقوم الصفحة والقائمون عليها منذ أيام بوضع صورة السيسي والاحتفاء بما قام به في مصر على اعتبار أنه أمر جيد ومطلوب، والسؤال هنا ليس عن مشروعية ما قام به السيسي لدى القائمين على تمرد غزة، فهذا أمر لا يصح الحديث عنه لدى عاقل خاصة إن كانت بلاده محتلة.
الملفت للنظر أنها تدعو لللتمرد ضدّ الظلم الواقع عليها وعلى غزة، وفي نفس الوقت تؤيد ما قام به السيسي في مصر، وكأنها تقول لك أن أي فعل للقضاء على (الارهاب) بزعم السيسي هو أمر مشروع ..فهل ستكون حماس بعدها ملامة لو تعاملت معهم كما تعامل السيسي مع مخالفيه في مصر؟ على اعتبار أن حماس تراكم ثلة من الإرهابيين والمخربين!
في الأمر غرابة أليس كذلك؟ فكيف يُعقل أن تؤيد انقلابا وإجراما كالذي فعله السيسي في الأطفال والنساء والشباب العزل ، ثم تقول أنك تتمرد على الظلم والظالمين في غزة! ومن ثم ستبكي غدا وهو المتوقع أن يحصل عندما تتعامل معك حكومة حماس بعُشر ما تعامل به السيسي الذي تحييه مع مخالفيه!
يبدو الأمر غريبا إذا، بل تافها لو نظرنا إليه باستهتار كحال الناظر اليوم لما يحصل إجمالا في فلسطين.
إلا أن الأمر قد يكون أعقد من ذلك، فلو نظرنا للأمر بعين المستقبل ، فسيكون هؤلاء الشباب المتمردين ضحية جديدة تزيد من حجم الحرب على حماس تحديدا ، والتي ستندد به جهات عدة على اعتبار أن حماس المجرمة أصلا تصنع إجراما جديدا لا مثيل له في العالم ، لا يقل عن إجرام بشار ربما!
إنها لعبة سمجة بكل المقاييس، فلو كانت حماس اليوم ظالمة بنظرك والسيسي ممتاز ، فكيف تنتظر من حماس إذا أن يعاملوا من على شاكلتك؟
تمرد كما شئت وابكي غدا على ما سينالك فوحدك ستذهب ضحية ..وستبقى غزة هي هي غزة في وجه المعتدين والسيسيين والمتمردين.