27 ألف شخص مقيم في مخيم شاتيلا، أما سجلات الأونروا في بداية كانون الثاني/يناير 2013 فتشير الى وجود أكثر من 8500 لاجئ مسجل، إذن أكثر من ضعفي عدد اللاجئين يعيشون على قطعة أرض مساحتها أقل من نصف كيلومتر مربع.
إبان حرب المخيمات في ثمانينيات القرن الماضي اضطر عدد كبير من العائلات للهجرة إلى الدول الاسكندنافية، لذا فإن العدد الفعليّ للاجئين المسجّلين في المخيم يصل إلى حوالي خمسة آلاف حسب أمين سر اللجنة الشعبية للمخيم عن التحالف سليمان عبد الهادي، الغالبية العظمى من المقيمين من اللبنانيين والسوريين، والفلسطينيين السوريين، والفلسطينيين المهجرين من مخيمات أخرى نتيجة للحروب المختلفة التي مرت بها المخيمات (تحديدا النبطية وتل الزعتر وجسر الباشا اللذين دمروا بسبب القصف الصهيوني والحرب الأهلية اللبنانية في العام 1974 و 1976 على التوالي).
والبقية من المقيمين والذين لا يشكلون أكثر من 3% حسب علي المصري عضو اللجنة الشعبية للمخيم عن فصائل منظمة التحرير من جنسيات مختلفة (الباكستانية والفلبينية والهندية والمصرية والبنغلادشية...) والذي دفعها للإقامة التوفير في النفقات مقارنة بالسكن خارج المخيم، هذا بالاضافة إلى وجود فلسطينيين غير مسجلين وفلسطينيين من فاقدي الأوراق الثبوتية.
استمد المخيم شهرته العالمية من المجزرة التي ارتكبت بحق أبنائه في أيلول من العام 1982 إبان الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان وسقط جراءها أكثر من أربعة آلاف شهيد حسب الكاتب الامريكي رالف شونمان، وأصبح المخيم بعد ذلك رمزاً ومحط زيارة للعديد من الوفود الأجنبية من مختلف دول العالم تأتي كل عام لتشارك أهالي الضحايا في إحياء الذكرى.
في إطار زياراتها الميدانية للمخيمات والتجمعات الفلسطينية زارت "ثابت" مخيم شاتيلا بتاريخ 29/7/2013 والتقت باللجان الشعبية والأهالي واضطلعت عن كثب على الأوضاع الإنسانية المزرية للمخيم والتي أقل ما يقال عنها بانها إستثنائية بحاجة إلى حلول سريعة قبل فوات الأوان، لا سيما على مستوى الإزدحام السكاني الذي لا يطاق.
يلاحظ أن الوضع الامني مستقر وهذا يحسب لوعي الجميع كما يقول أحمد عبادي عضو اللجنة الشعبية عن فصائل المنظمة، إلا أن المشكلة الرئيسية الآن هو ما ينتج عن هذا الإزدحام السكانيّ من مشاكل اجتماعية وصحية وتربوية ونفسية وبيئية خاصة بعد استقبال المخيم لحوالي 860 عائلة فلسطينية أي ما يقارب 4000 فلسطيني مهجر من سورية، وهذا برسم الجميع من فصائل فلسطينية وأونروا مؤسسات مجتمع مدني ولجان شعبية وأهالي، وللأسف لا توجد خيارات أخرى للسكن فهذا أمر واقع ومطلوب التكيّف.
وتبقى المشكلة الأكبر وهي وجود النفايات في زواريب وأزقة المخيم خاصة في فترة ما بعد الظهر التي ترتفع في بعض الأزقة إلى أكثر من متر عن سطح الارض وتعطل حركة المارة كما يقول فؤاد عابد (أبو طافش) عضو اللجنة الشعبية عن التحالف. أحد موظفي الأونروا في المخيم يقول بأن الوكالة قامت بتوظيف خمسة أشخاص قبل أربعة أشهر للمساعدة في عمليات جمع النفايات خاصة بعد تزايد هجرة الفلسطينيين السوريين إلى المخيم الأمر الذي يؤكده سليمان عبد الهادي ولكن "حاجتنا لهؤلاء الموظفين بعد الظهر وليس قبل الظهر"، ويقترح " فليبق عدد الموظفين كما هو وينضم الخمسة إلى العمل بعد الظهر، وعندما فاتحنا الأونروا في الموضوع قالت بأن هذا يخالف سياسة عملها".
يوجد في المخيم عيادة واحدة للأونروا أي طبيب واحد للاجئين الفلسطينيين والفلسطينيين القادمين من سورية، ومدرسة ابتدائية واحدة تابعة للأونروا هي مدرسة أريحا ومركز طبي واحد للهلال الاحمر الفلسطيني، بالاضافة الى ستة عيادات خاصة و15 صيدلية. مياه الشرب غير متوفرة في المخيم منذ ثمانينيات القرن الماضي لذا يقوم الأهالي بشراء المياه، أما مياه الغسل فهي مالحة، في المخيم أربعة آبار للمياه اثنان "قطاع خاص" يدفع الأهالي مبلغ مالي شهري مقابل الحصول على مياه الغسل، واثنان "قطاع عام" تشرف عليهما اللجان الشعبية بالمجان، هذا ويجري الآن تنفيذ مشروع "تحلية مياه" من قبل وكالة الأونروا وتمويل الوكالة السويسرية للتنمية حيث سيسلم المشروع في أيلول القادم.
هناك رضىً من قبل الأهالي على مشروع البنى التحتية التي نفذتها الأونروا في المخيم قبل سنتين بتمويل من الإتحاد الأوروبي وألمانيا وأمريكا، والحمد لله لم يحصل طوفان في الفترة السابقة يقول عبد الهادي، ويضيف أبو طافش "إلا أن مشكلة برزت على هامش تنفيذ المشروع بسبب أعمال الحفر في الازقة واستخدام الآلات المُثبِّتة للتربة والتي أدت الى تأثر وتصدع بعض البيوت التي هي بالأصل قديمة وقائمة على غير أسس هندسية صحيحة ويتألف بعضها من أكثر من خمسة طبقات ومهددة بالإنهيار على رؤوس ساكنيها، وهذا بحاجة الى متابعة سريعة من قبل الوكالة التي تتحمل مسؤولية أية تداعيات في المستقبل". أما مشكلة مبنى "جيش التحرير" الملاصق لمخيم شاتيلا فلا تزال على حالها، إحدى عشرة عائلة فلسطينية وسورية مهجرة من سورية تقيم في المبنى المتصدع، ولا تزال المنازل التي تشبه الصناديق تؤجر من قبل بعض المستفيدين.
يقول أبو طافش بأننا كلاجئين فلسطينيين في لبنان "إقامتنا مؤقتة وعلى الرغم من الفقر والبؤس ومعاناتنا اليومية فإننا نتطلع للعودة قريباً إلى قرانا في فلسطين ولكن إلى أن يتحقق هذا الوعد نريد أن نعيش بكرامة". سألنا بعض أطفال المخيم عن أحلامهم وأمنياتهم فقالوا "نريد أن نلعب في مكان لا نزعج فيه أحد ولا أن يخرج علينا الأهالي من الشبابيك ليقولوا روحوا إلعبوا بمكان تاني.. بدنا نرتاح".



