ترجمة عبرية - شبكة قُدس: أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، جملة قرارات اعتُبرت أولى الخطوات القيادية في أعقاب ما يُعرف بـ“التحقيق في التحقيقات” (تحقيق في مهنية التحقيقات الخاصة التي أجراها الجيش) حول فشل السابع من أكتوبر. وجاءت هذه القرارات بعد أكثر من عامين على الهجوم الذي نفذته كتائب القسام على مستوطنات الغلاف وما تلاه من اندلاع الحرب على غزة.
وبحسب ما أوردته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن رئيس الأركان الحالي، إيال زامير، استدعى بشكل عاجل مجموعة من كبار الضباط الذين خدموا قبل الهجوم وخلاله، وأبلغهم بالاستنتاجات والإجراءات المترتبة على أدوارهم، استنادًا إلى توصيات لجنة تورجمان التي راجعت التحقيقات الداخلية المتعلقة بالإخفاقين الاستخباراتي والعملياتي في ذلك اليوم.
وقال زامير إن الجيش “أخفق في مهمته الأساسية في السابع من أكتوبر، المتمثلة في حماية المستوطنين”، واصفًا ما حدث بأنه “فشل خطير وواسع النطاق”، مؤكدًا أن الهدف من الخطوات هو استعادة ثقة الجمهور بالمؤسسة العسكرية ومنع تكرار ما جرى.
وشملت القرارات إقالة رئيس شعبة العمليات خلال الهجوم، اللواء عوديد باسيّوك، من الخدمة الفعلية ومن الاحتياط معًا. كما قرر زامير الاكتفاء بتنبيه بحق رئيس شعبة العمليات آنذاك، شلومي بيندر، الذي يشغل اليوم منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، مع السماح له بإتمام خدمته الحالية قبل التقاعد. وذكّرت الصحيفة بأن تعيين بيندر في “أمان” خلال الحرب كان موضع انتقاد، غير أنه يحظى اليوم بدعم قيادة الجيش استنادًا إلى “نجاحه في إدارة عمليات متعددة الجبهات وقيادة عملية إصلاح داخل الجهاز الاستخباراتي”.
أما رئيس شعبة الاستخبارات السابق، اللواء المتقاعد أهارون حاليفا، الذي سبق أن استقال من منصبه وتحمل المسؤولية، فقد تلقى إشعارًا بإنهاء خدمته في الاحتياط عبر اتصال هاتفي. الإجراء ذاته اتُّخذ بحق قائد وحدة 8200 في حينه، العميد الاحتياط يوسي شريئيل، الذي قال إنه اعتذر وتحمّل المسؤولية منذ البداية، وإنه لم يكن يعتزم مواصلة الخدمة الاحتياطية “نظرًا لحجم ما وقع في ذلك اليوم”.
وشملت القرارات أيضًا إنهاء خدمة قائد المنطقة الجنوبية السابق اللواء يارون فنكلمن وإبعاده عن الاحتياط، إضافة إلى إبعاد قائد فرقة غزة خلال الهجوم، العميد الاحتياط آفي روزنفيلد، وقائد اللواء الشمالي في الفرقة آنذاك، العقيد الاحتياط حاييم كوهين. كما أُبعد ضابط استخبارات قيادة المنطقة الجنوبية، العقيد أريئيل لوڤوفسكي، من الاحتياط، بعد أن كان قد أُقيل سابقًا على خلفية قضية سلوكية. وتضمّن القرار بدء إجراءات فورية لإنهاء خدمة ضابط استخبارات فرقة غزة الملقب بـ“المقدّم أ”، إلى جانب إنهاء خدمة رئيس شعبة “التفعيل” السابق في الاستخبارات، العميد “ج”.
وفي المقابل، اكتفى زامير بتوجيه تنبيه لقائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، إثر انتقادات لجنة تورجمان التي تحدثت عن ضعف جاهزية السلاح لمواجهة الوسائل الجوية والأدوات التي استخدمتها حماس خلال الهجوم. كما شملت الملاحظات قائد سلاح البحر، اللواء دافيد ساعر سلامة، مع الإشارة إلى فشل منظومته في منع إحدى الهجمات البحرية على شاطئ زيكيم صباح السابع من أكتوبر.
ورغم أن لجنة تورجمان لم تُفوَّض التوصية بإقالات، فإن تقريرها دفع زامير إلى اتخاذ سلسلة قرارات شخصية واسعة. وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن اللجنة رصدت فجوات كبيرة في التحقيقات الداخلية، وأوصت بإعادة فحص أجزاء مهمة من أداء شعبة العمليات خلال ذلك اليوم. كما لفتت الصحيفة إلى أن التعامل مع وثيقة “جدار أريحا”، التي اعتُبرت داخل الاستخبارات خطة هجوم حماس، ما يزال غير خاضع لتحقيق شامل رغم أهميته المحورية.
وتأتي هذه التطورات في ظل معركة سياسية محتدمة حول تشكيل لجنة تحقيق في فشل السابع من أكتوبر. ففي حين يطالب أهالي القتلى وعائلات الأسرى السابقين بلجنة مستقلة وذات صلاحيات كاملة، يصرّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته على رفض تشكيل لجنة “وطنية” واسعة الصلاحيات، ويدفعان باتجاه لجنة وزارية يحدد الوزراء إطار عملها ومهامها. وقد أثار هذا الموقف اتهامات واسعة للائتلاف الحاكم بالسعي إلى تجنب المساءلة وإلقاء المسؤولية على الجيش وحده.



