دخل الوضع في قطاع غزة، خصوصاً، في يوميّ السبت والأحد في 16 و17 آب/أغسطس 2025، مرحلة جديدة، ازدادت فيها العوامل الضاغطة على نتنياهو، لتكسر عناده في مواصلة الحرب.
صحيح أن نتنياهو سيفعل المحال، ليتحدّى كل الضغوط، التي تفرض عليه التراجع. وهو ما فعله، طوال عدّة الأشهر الماضية. وراح يتمادى في مواصلة حرب الإبادة، والتجويع الجماعي، ولو على حساب سمعة الكيان الصهيوني، عالمياً. وقد مرّغها بوحول الجريمة، وانتهاك القانون الدولي، والدوْس على كل القِيَم الإنسانية. وهو دِركٌ، تجاوز الدِرك الذي وصله هتلر، أو ترومان، حين ألقى قنبلتيّ هيروشيما ونغازاكي النوويتين، في اليابان. بل تجاوز ما ذكر من إبادة حدثت في الأمريكيتين، بحق شعوبها الأصلية.
بكلمة، إن الدمار والهزيمة، لسمعة الكيان الصهيوني، عالمياً، يجب أن يُعتبَرا، أهم من الهزيمة العسكرية والسياسية. وهو ما تحقق، منذ عدّة أشهر، قبل أن تنتهي الحرب، كما بأيّة صورة ستنتهي عليها.
إن مرأى القتل الجماعي، بالصوت والصورة، في قطاع غزة، ومرأى أجساد أطفال التجويع (العظام البارزة، فوق جلود الأطفال والجوعى)، موتى وأحياءً، هزّ ضمير العالم، وتحوّل إلى ما يشبه الحقد، أو الغضب العالمي على الكيان الصهيوني، وحتى على حملة جواز السفر الإسرائيلي، لسواح في مدن العالم.ثمة قراءة سياسية، لمجموعة العوامل التي صاحبت، الحرب في غزة، خاطئة جداً، وخلاصتها، وضع العوامل المتعلقة، بالعوامل الدولية والسياسية، والرأي العام، تحت معيار تعسّفي، وهو مدى نجاحها، في وقف الحرب، أو ردع نتنياهو.
لقد ترجم هذا النهج بالتقليل من أهمية، ما حدث من تظاهرات في العالم ضدّ الحرب، والتقليل من أهمية العزلة الدولية، التي يعاني منها نتنياهو، كما التقليل، مما يواجهه في داخل الكيان الصهيوني، من تناقضات وصراعات.
لا بل، والتقليل حتى من أهمية صمود الشعب واحتماله، أو من أهمية حرب مواجهة عسكرية، لما يقرب من سنتين، بين المقاومة والجيش الصهيوني، كانت وما زالت، يد المقاومة فيها هي العليا، في كل الاشتباكات الصفرية.
الحجّة المقدمّة من هذا المنهج بسيطة، وهي القول فوراً، عند الإشادة بأيّ عامل من تلك العوامل، التي توضع في كف الميزان المضاد لنتنياهو، واستمرار الحرب، بأنه لم يوقف الحرب. ومن ثم لا اهمية له.
أي المطلوب من كل العوامل، التي تدخلت لوقف الحرب، منفردة، أو مجتمعة، أن توقف تلك الحرب. ولكنها اصطدمت، بعناد نتنياهو، وما يمتلكه رئيس الحكومة في الكيان الصهيوني، من صلاحيات، تفوق ما يتمتع به، ملك أو حاكم مطلق، فلم تجبره على التراجع.
علماً أن تلك العوامل، لو توفرت في ظل، أيّة قيادة صهيونية تقليدية أخرى، كانت ستخضع لها، وتراعيها. وذلك إذا ما قدّر الموقف تقديراً صحيحاً، ولا سيما تدهور سمعة الكيان الصهيوني، عالمياً، وتدهور وضع الجيش، الذي أقحم في حرب فاشلة، أنهكته، وأضرّت بهيبته التاريخية.
المشكلة أن نتنياهو سيواجه السجن، إذا ما أوقف الحرب. لأن حكومته ستسقط، ويذهب إلى المحاكمة. ولذلك لم يستطع أن يوقف الحرب، بسبب مصلحة شخصية، لا حدود لها.
لذلك، يخطئ هذا المنهج، حين يقوّم ما تجمّع من عوامل ضدّ نتنياهو، والإبادة والتجويع، حين قلّل من أهميتها، أو اعتبرها غير ذات شأن، ما دامت لم توقف الحرب.
وخلاصة، ما زال الصراع مفتوحاً، وفعل تلك العوامل متصاعداً، وسينهزم نتنياهو أمامها، بالرغم من عناده، الخارج على السياسة، وقوانين الصراع، وقوانين الحرب.