الأسرى - شبكة قُدس: تواصل إدارة سجون الاحتلال، منذ نحو عامين، ارتكاب جرائم ممنهجة وانتهاكات جسيمة تُمارس بحقّ الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتبقى الشهادات المتواصلة من معتقلي غزة الأشد قسوة والأكثر فظاعة من حيث مستوى الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحقّهم، وفق بيان مشترك صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني.
وأكد البيان، أن معتقلي غزة ما زالوا يواجهون الجحيم في سجون ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي، استنادًا إلى مجموعة من الزيارات التي جرت لهم مؤخرًا في عدد من السجون والمعسكرات، ومنها قسم "ركيفت" في سجن "الرملة"، ومعسكر "سديه تيمان" اللذان شكّلا وما يزالان أبرز العناوين لجرائم التعذيب الممنهجة بحقّ معتقلي غزة.
ووفق البيان؛ جميع المعتقلين تعرّضوا للتهديد والضرب قبل الزيارة لإجبارهم على الإقرار أمام المحامي بأنّ الوضع المعيشي في القسم "ممتاز"، كما مُنع المحامي من نقل أي معلومات عن العائلة أو أي شيء يتعلق بالوضع الخارجي والحرب المستمرة.
وأبرز ما عكسته الإفادات؛ استمرار سياسة الضرب وتكسير أصابع المعتقلين، وعزلهم عزلاً شاملًا، حيث يُحرمون من رؤية الشمس، ويُسمح لهم بالخروج إلى "الفورة" يومًا بعد يوم لمدة 20 دقيقة فقط، وهم مكبّلو الأيدي ورؤوسهم منحنية إلى الأسفل. كما يتم توزيع الفرشات مساءً وسحبها صباحًا، ما يضطر المعتقلين للجلوس على الحديد طوال اليوم.
ويتعمد السجانون إذلالهم وشتمهم وإجبارهم على شتم أمهاتهم وعائلاتهم، إضافة إلى التهديد والإرهاب المستمر على مدار الساعة، حتى باتت حالة الرعب والخوف ظاهرة بشكل جليّ على المعتقلين.
وذكر البيان، أن عددا من الأسرى خرجوا للزيارة وهم يجهشون بالبكاء خوفًا ورعبًا، وكان أحد المعتقلين قبل خروجه للزيارة واضح عليه أنه تعرّض للضرب المبرح، والدموع تغطي وجهه، وآثار القيود على يديه، ولم يتمكن من الحديث عمّا جرى معه، واكتفى بمحاولات الإشارة بعينيه للمحامي، ولم تكن حالته فردية، فجميع المعتقلين كانوا في وضع نفسي بالغ الصعوبة، وكان الرعب يخيم على مشهد الزيارة.
ووفق البيان؛ تُشكّل مرحلة التحقيق إحدى أبرز المراحل التي عكست مستوى جرائم التعذيب والانتهاكات الجسيمة التي مارسها المحققون بحقّ معتقلي غزة، فقد تعرضوا لتحقيق "الديسكو" لأسام متواصلة، واحتجز بعضهم في زنازين لم يعرفوا من خلالها الليل من النهار، وخضعوا لتحقيقات عسكرية قاسية جدًا، وكان يتم وضعهم على الكرسي ثم يُرمى بهم على الأرض وهم مقيّدي اليدين والقدمين، ويتعرضون للضرب اليومي تقريبا، وبعضهم يعاني من تمزق في الصدر وأوجاع شديدة وفقدان الوعي وفي عدد كبير من الحالات يتم عرض شاشة فيها خارطة لتحديد منازلهم والاستفسار عن بعض المواقع في غزة.
وأفاد أسرى، أنه من شدة الضرب تنخلع القيود من الأيدي، وتضرب رؤوسهم بعنف، وينتف شعر رؤوسهم، نما تسبب التعذيب في تمزقات وضعف في البصر، وأوجاع في الكلى.
ويخضع المعتلقون من غزة، لتحقيق عسكري استخدمت فيه أساليب "الشبح" و"الموزة" والضرب، كما تعمد المحققون ضرب بعضهم على خصيهم في محاولة لانتزاع الاعترافات بالإافة إلى تكسير أصابع المعتقلين.
وأكّد جميع المعتقلين الذين تمت زيارتهم أنهم يعانون الجوع الشديد، وأحدهم وصف الوضع بـ"المجاعة"، حيث لا يقدم لهم سوى القليل من اللقيمات، وغالبًا ما تكون غير صالحة للأكل، ويجمع المعتقلون هذه اللقيمات لتكوين وجبة واحدة مساءً. والكمية التي تقدم لزنزانة كاملة بالكاد تكفي أسيرًا واحدًا، معظمهم يعانون نقصًا حادًا في الوزن وهزالًا وإرهاقًا شديدًا، إضافة إلى تفاقم أمراض ومشاكل صحية.
وإلى جانب جريمة التجويع، ما تزال الأمراض والأوبئة تنتشر، وعلى رأسها مرض "الجرب/ السكابيوس"، الذي يشكل اليوم إحدى أبرز القضايا التي يواجهها الأسرى، وقد ساهمت منظومة السجون عمدًا في انتشارها عبر حرمان المعتقلين من مقومات النظافة والعلاج اللازم.
ومنذ بدء حرب الإبادة المستمرة بحقّ شعبنا في غزة وتصاعد حملات الاعتقال غير المسبوقة، اعتقل الاحتلال آلاف المدنيين من مختلف أنحاء القطاع، بينهم عشرات النساء والأطفال وكبار السن والجرحى والطواقم الطبية والصحفية.
ويواصل الاحتلال تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّ المئات من المعتقلين، ويرفض الإفصاح الكامل عن هوياتهم وأماكن احتجازهم، كما يرفض حتى اليوم السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم.
وفي ضوء بعض التعديلات القانونية، تمكّنت المؤسسات من الكشف عن مصير مئات المعتقلين في سجون ومعتقلات الاحتلال، وإجراء زيارات في غالبية السجون والمعسكرات، بينها معسكر "سديه تيمان" الذي شكّل عنوانًا بارزًا لجرائم التعذيب والجرائم الطبية، وكذلك قسم "ركيفت" تحت الأرض.
ما تزال إفادات معتقلي غزة الأشد والأقسى من حيث ما عكسته من جرائم تعذيب واعتداءات جنسية (منها الاغتصاب)، وجرائم طبية، حيث شكّلت شهاداتهم تحولًا بارزًا في مستوى توحش منظومة الاحتلال، وأدت بمجملها إلى استشهاد العشرات من المعتقلين، فضلًا عن عمليات الإعدام الميداني التي نُفّذت بحق آخرين.
وبلغ عدد الشهداء من معتقلي غزة، ممن عُرفت هوياتهم، 46 شهيدًا، من بين 76 أسيرًا ومعتقلًا استشهدوا منذ بدء حرب الإبادة.