ترجمة خاصة - شبكة قُدس: حذّر ميخائيل هرتسوغ، أحد سفراء الاحتلال السابقين في واشنطن، من تدهور غير مسبوق في صورة ومكانة “إسرائيل” داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على خلفية استمرار عدوانها على قطاع غزة.
واعتبر أن تداعيات الحرب وصلت إلى قلب الرأي العام الأمريكي، بما في ذلك المعاقل الجمهورية التقليدية، خاصة في أوساط الجيل الشاب، بفعل الصور الصادمة الخارجة من غزة، التي قال إنها توازي آلاف الكلمات الصادرة من “إسرائيل”، مضيفًا أن هذه الصور ضربت العمق الإدراكي لدى المجتمع الأمريكي وألحقت أذى بالغًا بالمكانة المعنوية والسياسية لكيانه.
ورغم استفادة “إسرائيل” من دعم إدارة أمريكية مؤيدة، بحسب تعبيره، فإن هرتسوغ حذّر من أن هذا الدعم لا يمكن أن يكون ضمانة دائمة في ظل الانهيار المتسارع في صورتها الدولية.
وانتقد هرتسوغ أداء حكومة الاحتلال التي فشلت حتى الآن في تحقيق أي من أهدافها المعلنة من الحرب، لا على المستوى العسكري بإسقاط حماس، ولا على المستوى السياسي بإعادة الأسرى.
وأكد أن الاحتلال يعيش حالة من التيه داخل ما أسماه “المتاهة الغزية”، دون رؤية واضحة لنهاية المعركة، ما يستدعي، برأيه، إجراء مراجعة استراتيجية عميقة بعيدة عن الحسابات السياسية، توازن بين ما تحقق وما يمكن تحقيقه لاحقًا، وبين الأثمان المتزايدة التي تدفعها “إسرائيل”، سواء على المستوى الداخلي أو في ما يتعلق بمكانتها الدولية، أو في قدرتها على حشد الجهود لمواجهة التحدي الإيراني المتصاعد.
ودعا هرتسوغ إلى مبادرة استراتيجية جديدة تتضمن بلورة خطة طارئة لإنقاذ حياة الأسرى من خلال ضغوط إقليمية ودولية مكثفة لإدخال الغذاء والماء والدواء إليهم، بما يشمل ممارسة الولايات المتحدة نفوذها لفرض مواقف واضحة على قطر.
وشدد على أن أي خطوات إنسانية إسرائيلية في هذا السياق يجب ألا تُرفض، حتى لو استلزمت “تنازلات رمزية”، لأن حياة الأسرى تقع في دائرة الخطر الفوري. وأكد كذلك على ضرورة تحمّل الاحتلال مسؤولياته عن المأساة الإنسانية في غزة، موضحًا أن نفي نية التجويع لا يعفي من نتائج السياسات الميدانية التي فاقمت المعاناة وساهمت في تصعيد موجة التنديد الدولي، ما يتطلب من تل أبيب السعي إلى استقرار الوضع الإنساني في القطاع وتفادي الكوارث المستقبلية، وهو ما يفسر، بحسب رأيه، تدخل واشنطن المتزايد كمحاولة للسيطرة على الموقف عبر تعبئة الموارد وتنسيق الجهود الأممية.
ورأى أن الاحتلال مطالب اليوم بصياغة مبادرة سياسية مشتركة مع الولايات المتحدة تتضمن وقف إطلاق نار، وإعادة انتشار للجيش، وإطلاق سراح الأسرى، مقابل وضع حل إنساني طويل الأمد لغزة، وضمان استمرار حرية العمل العسكري ضد أي تهديد، وربط إعادة الإعمار بنزع السلاح، والتفاهم مع قوى إقليمية على صيغة بديلة لحكم حماس في القطاع. وأكد أن مثل هذا المسار يمكن أن يشكل أساسًا لتحالف إقليمي تقوده واشنطن، خاصة في ظل استمرار التحدي الإيراني في الخلفية.
في الوقت نفسه، لم يستبعد هرتسوغ إمكانية عقد صفقة جزئية لتبادل الأسرى، رغم اعترافه بصعوبتها ومحدوديتها، لكنه اعتبر أن أي صفقة تنقذ حياة أسرى، ولو مؤقتًا، يجب التعامل معها كأفق لا يمكن إغفاله، خاصة إن أتاحت فترة من التهدئة يتم فيها العمل على دفع المبادرة السياسية الشاملة نحو التنفيذ.
أما في حال رفض حركة حماس لهذه الخطة، فدعا هرتسوغ إلى استمرار الضغط العسكري المركّز على الحركة، ضمن ما وصفه بسياسة “الطوق الأمني والمناطق المسيطر عليها”، بما يشمل القصف والاقتحامات المحدودة، دون الانجرار إلى خيار الاحتلال الكامل أو الضم، محذرًا من أن مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى كارثة استراتيجية وسياسيّة، وقد يُنهي أي أمل بإنقاذ الأسرى، ويفرض على “إسرائيل” أعباء عسكرية واقتصادية هائلة، كما سيعزز من الأصوات الداعية إلى إعادة الاستيطان داخل غزة، وهو خيار قال إنه يجب شطبه نهائيًا من النقاش العام، نظرًا لما يحمله من تبعات كارثية.
واعتبر أن أي تصعيد غير محسوب سيدفع ثمنه الاحتلال سياسيًا على المدى الطويل، وسيسرّع من عزله دوليًا، ويبعد عنه شركاء إقليميين ودوليين كانوا قد أبدوا استعدادهم للدخول في ترتيبات ما بعد الحرب.
وختم بالدعوة إلى تبني رؤية سياسية واضحة واستراتيجية متماسكة ومسؤولة، تؤسس لنهاية حقيقية للحرب التي طالت لما يقارب السنتين دون تحقيق إنجاز حاسم، بينما يدفع الجمهور الإسرائيلي بأكمله ثمنها على مختلف المستويات.