شبكة قدس الإخبارية

مطلب نزع السلاح.. ماذا يحقق لنتنياهو وللاحتلال ككل؟

٢١٣

 

photo_5764833778072668160_y

خاص - شبكة قدس الإخبارية: تُعدّ مطالبة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بنزع سلاح حركة حماس شرطًا جديدًا، لم يكن قد تم التفاهم أو الاتفاق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في يناير الماضي برعاية مصرية وقطرية وأمريكية. وترفض حماس، ومعها الفصائل الفلسطينية، هذا الشرط بشكل قاطع، معتبرة أن سلاحها يمثل وسيلة للمقاومة المشروعة ضد الاحتلال، وأن نزعه يعني التخلي عن حق الدفاع عن الشعب الفلسطيني.

في السياق، يرى المحلل السياسي إبراهيم عز الدين، أن المطالبة بتجريد حماس والفصائل من سلاحها، بالنسبة للإسرائيليين، لها بُعدان: استراتيجي وتكتيكي. مشيرًا إلى أنه في البُعد التكتيكي، يحقق مطلب نزع السلاح لنتنياهو هدفه في عدم إنهاء الحرب، لأن افتراضه الأساسي أن حماس سترفض، وهذا المطلب يُعتبر "شرعيًا" من وجهة نظر المنظومة الغربية والعربية الرسمية، وحتى السلطة الفلسطينية. وبالتالي، يريد نتنياهو إطالة أمد الحرب حتى لا يتفكك ائتلافه الحاكم، ولا تسقط عنه الحصانة ويُحال إلى السجن بسبب قضايا الفساد، من منطلق "مطلب شرعي صعب التحقيق". ونتنياهو يتصرف سياسيًا وأمنيًا منذ سنوات وفي رأسه فقط صوت "كلبشات السجن".
وبحسب عز الدين، فإن هذا المطلب يمثل ذريعة لنتنياهو أمام الرأي العام الإسرائيلي، بأن المعطّل للوصول إلى اتفاق هو حماس، ولا يمكن للمعارضة الإسرائيلية أو حركات الاحتجاج، في هذه الحالة، أن تطالبه بـ"وقف الحرب" دون شرط نزع السلاح، لأن تجريد حماس من سلاحها يسوّق له نتنياهو على أنه ينهي التهديد الذي تشكّله الحركة على الإسرائيليين، وبالتالي يروّج له كمطلب عام.

الأمر الآخر، بحسب عز الدين، هو أن نتنياهو يحاول من خلال هذا المطلب الالتفاف على أي بُعد سياسي أو مسار سياسي كشرط لنهاية الحرب. أي أن نتنياهو يريد أن تكون كل الخطوات المتعلقة بوقف إطلاق النار ذات طابع أمني وعسكري (تهدئة، إطلاق سراح أسرى... إلخ)، دون أن تتضمن هذه الإجراءات أي خطوات سياسية من قبل إسرائيل، وفعليًا هو يربط مناقشة أي مسار سياسي بنزع السلاح، لاعتقاده أن الطرف الآخر لن يقبل به.


أما في البُعد الاستراتيجي، فيقول عز الدين إن "مسألة السلاح في السياق الفلسطيني-الإسرائيلي هي معيار مهم لتحديد طبيعة الصراع. فالمواجهة بالسلاح تعني وجود قضية تحرر وطني وأرض محتلة وطموحات وطنية. والموافقة على نزع السلاح تعني نهاية هذه الطبيعة للصراع، وتحويله إلى ما يشبه صراعًا بين أكثرية وأقلية على حقوق مدنية أو اقتصادية".

ويرى أن "نزع السلاح يعني نجاحًا فعليًا لنظرية الجدار الحديدي، التي تحكم مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي (وهي نظرية يتبناها اليمين القومي بقيادة نتنياهو)، بأن القوة، ومزيدًا من القوة، تدفع الطرف الآخر للتخلي عن خيار القوة لتحقيق أهدافه، والتصرف بطريقة انهزامية، وبالتالي خلق شعور باليأس لديه، يُحبط طموحه الوطني، فيغيّر أهدافه، وقناعاته، ومشاريعه، وحتى قياداته".

وتابع المحلل السياسي قائلًا: "أيضًا، تتصدر حماس اليوم التيار الفلسطيني الذي يؤمن بالكفاح المسلح، في مواجهة التيار المقابل الذي تتزعمه قيادة فتح، ونزع السلاح يعني نهاية فكرة الكفاح المسلح كفكرة مركزية منظمة، لها حاضنة سياسية وفكرية وتنظيمية، وهذا سيكون تحوّلًا كبيرًا في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية".

أما في البُعد الأمني العسكري الاستراتيجي، فيشير عز الدين إلى تصريحات وزير حرب الاحتلال الحالي، يسرائيل كاتس، وسلفه يوآف غالانت، بأن هدف هذه الحرب هو تفكيك قطاع غزة كمركز للعمل المقاوم، وتحويله إلى ساحة تشبه ساحة الضفة الغربية، وهو ما يسهل حرية العمل العسكري والأمني فيها، في سياق نظرية "جز العشب". ونفهم من ذلك، إعادة إنتاج "شرعية العدوان" من تفكيك البنية التحتية للمقاومة إلى منع إعادة إنتاجها، وهو الهدف الذي دأبت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على التصريح به بخصوص الضفة، ما يعني استباحة "مشروعة" لكنها غير مكلفة، كما هو الحال الآن. في هذه الحالة، يصبح مطلب نزع السلاح وسيلة لتسهيل العدوان، لا لإنهائه.
وينوّه إلى أن "البُعد الاستراتيجي الآخر يتعلق بالوعي الجمعي والذاكرة الجمعية. إن تسليم السلاح بعد أكبر ضربة عسكرية في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يثير أسئلة جوهرية ونقدية حول مشروعية الكفاح المسلح، وأيضًا حول جدواه. لكن ليس هذا هو الهدف النهائي المتعلق بالوعي، بل ماذا بعد الاستنتاج؟ كيف نتعامل مع إسرائيل؟ كيف ننظر إليها؟ وما السبيل لحماية أنفسنا من شرّها؟ الإجابة على هذه الأسئلة الأخيرة، بعد فقدان الأمل من جدوى الكفاح المسلح وتغير الموقف الجمعي منه، تحوّل الفلسطينيين إلى مجموعة من الانهزاميين القابلين للتكيف مع كل ما تفرضه إسرائيل وتمليه، وبالتالي انتفاء فكرة "الصراع" من الوعي الجمعي، وهو ما يعني نهاية الموقف الوطني".
ويختم المحلل السياسي عز الدين موضحًا أن "هناك بُعدًا يتعلق بالتطبيع مع الدول العربية وأيضًا مع الرأي العام العالمي. لطالما اعتبرت إسرائيل أن صدى صوت المعارك والضحايا يمنع من تطبيعها في وعي العرب والعالم كدولة ديمقراطية شرعية. إن غياب فلسطين — التي لا تحضر إلا بالمواجهة، كما أثبتت التجربة — عن أجندة الرأي العام العربي والعالمي، يحقق حلمًا صهيونيًا قديمًا مستمرًا: إسرائيل دولة اليهود الذين يعيشون على أرضهم، ووجودهم طبيعي، ولا يلقى اعتراضًا أو مواجهة. يفتح ذلك بالنسبة لها آفاقًا للعلاقات السياسية والدبلوماسية، ويحقق اختراقًا في الوعي العالمي والعربي بشأن النظرة إليها".

#نتنياهو #الاحتلال #قطاع غزة #سلاح المقاومة