تفكيك الأساطير الصهيونية
على مدار الأعوام الماضية، خاض الإعلام الحر كقوة مضادة معركة إعلامية في مواجهة الرواية الإسرائيلية، التي سعت إلى طمس الحقائق وتشويه التاريخ، فالإعلام الحر وعبر برامجه المتنوعة في تكذيب الرواية الإسرائيلية التي اعتمدت على سردية "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، مدعية أن فلسطين كانت أرضًا مهجورة قبل الاستيطان الصهيوني، في حين أنها أبرزت الدراسات التاريخية، والشهادات الفلسطينية، وحتى الوثائق الإسرائيلية، لفضح هذه الأكذوبة، مؤكدة أن فلسطين كانت مأهولة بملايين السكان، وتمتعت بحضارة مزدهرة.
معركة من أجل الحقيقة
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، عملت دولة الاحتلال على شيطنة المقاومة الفلسطينية ووصف المقاومة بالإرهاب، كما عملت على التلاعب بالمصطلحات مستخدمة مصطلح اشتباكات بدلاً من حق الدفاع عن النفس ومقاومة العدوان، عدا عن إخفاء حقائق المجازر الدموية مستغلة العواطف لتصوير الإسرائيليين كضحايا، إلا أن التغطية الإعلامية المميزة والفريدة والمكثفة للإعلام الحر عكست الواقع الميداني بعيدًا عن الروايات الدعائية للاحتلال الإسرائيلي، فلم تكتفِ بنقل الأخبار العاجلة والتطورات الميدانية، بل قدمت تحليلات سياسية وعسكرية معمقة تُظهر حقيقة الصراع لدحض رواية الاحتلال، والتي جاءت بأسلوب جديد متجاوزةً الخطوط الحمراء التي كانت تفرضها وسائل الإعلام التقليدية، مما جعلها مصدرًا رئيسيًا لوسائل الإعلام العالمية للمعلومات والنقاشات السياسية الساخنة بفضل تغطياتها الجريئة وبرامجها الحوارية، مما أسهم في تعزيز السردية الفلسطينية، وساهمت في خلق حالة من الوعي للمواطن العربي والغربي بقضايا حرب الإبادة التي لم تكن مألوفة من قبل.
دور الإعلام في كشف الحقيقة
أحد أهم الأدوار خلال الحرب كان تسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، حيث وثّق الإعلام عمليات القصف العشوائي للفلسطينيين، واستهداف المستشفيات وأماكن النازحين كالمدارس والمساجد، وتدمير البنى التحتية، ما شكل دليلًا إضافيًا على انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني عبر مرأى ملايين الناس، كما قدم شهادات حية لسكان غزة حول الظروف المأساوية التي يواجهونها، بالوقت ذاته أظهرت الدور البطولي الذي تلعبه المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكدة على الإنجازات الميدانية التي حققتها المقاومة، معتبرةً أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه رغم التفوق العسكري، من جانب آخر حاولت التأقلم مع التغيير المتسارع عبر تطوير منصاتها الرقمية وإنتاج محتوى موجه للمواطن العربي والغربي الذي يعتمد بشكل كبير على الإنترنت لمتابعة المستجدات.
انعكاس الإعلام على العمل السياسي والدبلوماسي
لم تقتصر التغطية على الجانب العسكري فحسب، بل ركزت على الحراك السياسي والدبلوماسي بكافة محطاته، في زمن تحاول القوى الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية فرض رؤى على المنظمات الدولية لطمس الحقائق والتهرب من المسؤولية الجنائية، ولإدراك الإعلام الحر أن الحرب الأخيرة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية بل مجزرة دموية لم يشهد التاريخ الحديث مثلها، فقد عمل الإعلام البديل على نقل الحقيقة مباشرة إلى العالم سواء عبر فضائياته أو عبر مواقعه الإلكترونية ووسائل الإعلام الرقمي، وقد اتضح ذلك في مواقف الدول والمنظمات الداعمة لفلسطين كجنوب أفريقيا والدول التي انضمت فيما بعد على ما تمت تغطيته من الإعلام كشاهد على الإبادة.
دور الإعلام الحر في تشكيل الرأي العام
برزت أهمية الإعلام في تشكيل الرأي العام وكسر احتكار الاحتلال للمعلومات، من خلال نقل الصوت الفلسطيني الحر، وفضح الانتهاكات الإسرائيلية، والمساهمة في تعزيز الوعي الدولي بالقضية الفلسطينية، وقد نجح في أن يكون جزءًا من معركة مقاومة الفلسطيني لانتزاع حقه بالحرية وإنهاء الاحتلال، ليس فقط بالسلاح، ولكن بالكلمة والصورة والحقيقة أيضًا، وهو ما كان عبر نشر المقالات والتحليلات لكشف تناقض وازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية.
انتصار السردية الفلسطينية
اليوم، وبعد كل عدوان، يزداد التأييد العالمي للقضية الفلسطينية والاعتراف المتزايد بحقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية، فبتنا نشهد انهيار للرواية الإسرائيلية، ونجاح غير مسبوق لحملات المقاطعة (BDS)، وقرارات قضائية في المحاكم الدولية تدين قادة الاحتلال ومسؤوليه، وكسب تعاطف العالم رغم القوة الإعلامية والسياسية التي تتمتع بها إسرائيل، فالسردية الفلسطينية نجحت في إثبات نفسها عالميًا، بفضل الحقائق التاريخية، والوسائل الحديثة، والإبداع الفني والثقافي، ومع استمرار النضال الإعلامي تأكد أن الحقيقة لا يمكن طمسها، وأن صوت فلسطين سيظل حاضرًا في الوعي الإنساني حتى تحقيق العدالة.
ختامًا..
بالرغم من أن التحدي الأكبر ما زال استثمار هذا الزخم لمواصلة النضال الثقافي والإعلامي، وعدم ترك الرواية الفلسطينية عرضةً للتشويه، يثبت الإعلام الحر أنه خط الدفاع الأول في مواجهة الدعاية الإسرائيلية ويثبت أن الحقيقة دائمًا هي السلاح الأقوى في أي معركة، والرواية الفلسطينية ليست مجرد قصة تُروى، بل هي هوية ونضال، وهي الصوت الذي لن يصمت رغم كل محاولات القمع والتشويه وكما يقول محمود درويش، "على هذه الأرض ما يستحق الحياة..."، فالانتصار الحقيقي ليس فقط في مقاومة الاحتلال، بل في تحقيق عدالة إعلامية تسهم في رفع الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، لمواجهة طمس الحقائق ِأو تزييفها.