خاص - شبكة قُدس: مع الانتهاء من تسليم الدفعة الخامسة من الأسرى، تتجه الأنظار إلى مفاوضات المرحلة الثانية من صفقة التهدئة، والتي يُفترض أن تبدأ في الخامس من فبراير/شباط، دون مؤشرات واضحة حتى الآن على انطلاق المفاوضات فعليًا. يأتي ذلك رغم إعلان مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن اتفاقه مع المبعوث الأمريكي ويتكوف على بدء المفاوضات خلال زيارته إلى واشنطن.
وفي المقابل، سبق أن صرّح الناطق باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، بأن "محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بدأت بالفعل"، بينما لم تُعلن الخارجية القطرية رسميًا عن انطلاق المفاوضات أو وصول الوفود، رغم تأكيد جميع الأطراف على جاهزيتها للمضي قدمًا في الاتفاق.
تكتسب المرحلة الثانية حساسية خاصة في مسار اتفاق التهدئة، إذ تم تأجيل القضايا الأكثر تعقيدًا إلى هذه المرحلة، مع اشتراط استمرار الهدوء في قطاع غزة طالما بقيت المفاوضات جارية. ومع ذلك، تبرز مخاوف متزايدة بشأن احتمالية انهيار هذه المرحلة، في ضوء الإشارات السلبية الصادرة عن حكومة الاحتلال. التي كان أبرزها، المناقشات الأمنية التي عقدها نتنياهو في نهاية يناير/كانون الثاني، والتي تناولت "احتمالية انهيار المرحلة الثانية وعودة الجيش الإسرائيلي إلى القتال على الفور"، بالإضافة إلى تهديدات بتسلئيل سموتريتش بإسقاط الائتلاف الحكومي.
تأتي هذه المخاوف في ظل التصعيد السياسي الذي عززته تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي دعمت مواقف حكومة الاحتلال وخطط التهجير، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات مظلمة قد تحملها الأيام المقبلة، تزداد مؤشراتها مع استمرار مماطلة حكومة الاحتلال المستمرة في تنفيذ التزامات المرحلة الأولى، خصوصًا في الجوانب الإنسانية، مما يضع مستقبل التهدئة برمته في مهب الريح.
المرحلة الثانية وحسم مستقبل الحرب
وفقًا لنص الاتفاق، من المقرر أن تبدأ الأطراف محادثات المرحلة الثانية عقب مرور 16 يومًا على بدء المرحلة الأولى، التي تستمر لمدة 42 يومًا. ورغم أن تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة لا تزال غير واضحة بشكل كامل، إلا أن الانتقال إلى المرحلة الثانية مرتبط بنجاح المرحلة الأولى.
وقد أشار الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، إلى أن "المرحلة الثانية ستُمثل النهاية الحاسمة للحرب"، مؤكدًا أن "إسرائيل ستتفاوض خلال الأسابيع الستة الأولى لوضع الترتيبات اللازمة للانتقال إلى هذه المرحلة".
وفي تصريحات سابقة، أوضح رئيس الوزراء القطري أن العمل على إتمام بنود المرحلتين الثانية والثالثة سيبدأ خلال تنفيذ المرحلة الأولى، بهدف تحقيق انتقال سلس بين المراحل المختلفة.
وتكتسب المرحلة الثانية أهمية استثنائية كونها تمثل نقطة تحول حاسمة في الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023.
ووفقًا لنص الاتفاق النهائي، يُفترض أن تتضمن هذه المرحلة إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء لدى المقاومة، بمن فيهم الرجال دون سن الخمسين والجنود، مقابل انسحاب الاحتلال بشكل كامل من غزة. كما تشمل المرحلة الإفراج الجماعي عن الأسرى الفلسطينيين، وتحقيق "هدوء مستدام" بين الأطراف.
ورغم وضوح الخطوط العريضة للمرحلة الثانية، إلا أن التعقيدات المرتبطة بتنفيذها تشكل تحديًا كبيرًا. ومن أبرز هذه التعقيدات التباين في مواقف الطرفين بشأن الشروط الأساسية، ففي الوقت الذي تُصر فيه حكومة الاحتلال على عدم الانسحاب الكامل من غزة قبل القضاء على القدرات العسكرية والسياسية لحركة حماس، تتمسك الأخيرة بموقفها الرافض لتسليم آخر الأسرى قبل انسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع.
إلى جانب ذلك، تبرز مسألة الحكم المستقبلي لقطاع غزة كعقبة رئيسية. فرغم إبداء حماس استعدادها للتنحي جزئيًا مع احتفاظها بمطلب أن يكون أي شكل قادم للحكم يحظى بموافقتها مع القوى السياسية الأخرى، إلا أن الاحتلال يرفض هذا الطرح بشدة، كما يعارض تولي السلطة الفلسطينية حكم القطاع، مما يترك مستقبل غزة في حالة من الغموض.
وبالرغم من أن الاتفاق يشدد على أن المحادثات بشأن هذه المرحلة يجب أن تُستكمل قبل نهاية الأسبوع الخامس من التهدئة، إلا أن التحديات الميدانية والسياسية قد تعيق تحقيق هذا الجدول الزمني.
وفي ظل استمرار مماطلة الاحتلال والتعقيدات المرتبطة بآليات التنفيذ، تبقى آفاق المرحلة الثانية رهينة بمدى قدرة الأطراف والوسطاء على تجاوز العقبات خصوصًا مع إعلان المتحدث باسم الخارجية القطرية إعداد الوسطاء وثيقة تعالج جميع المخاوف من كلا الجانبين، موضحا أنّ الوثيقة "التي صغناها توفر آليات لحل أي خلافات بشأن الاتفاق ومواجهة أي تعقيدات".
إشارات التعطيل
بدأت الإشارات المتعلقة بتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة بالظهور مع عكوف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تغيير تشكيلة وفد التفاوض، والاتجاه لتعيين وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر رئيسًا للوفد، بدلاً من رئيس الموساد دافيد برنياع.
في تغيير قد يحمل في طياته رغبة نتنياهو في تجنب تجربة المرحلة الأولى، التي شهدت خلافات بين أعضاء الوفد والائتلاف الحكومي حول ترتيب الأولويات.
في ذات السياق، صعّد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، من خطابه تجاه المرحلة الثانية، معتبرًا أن تنفيذها يعني "نهاية الحرب بالنسبة لحماس"، مع انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من غزة، وإعادة إعمار القطاع، وهو ما سيتيح، بحسب قوله، لحماس فرصة لإعادة بناء قدراتها العسكرية.
وأكد سموتريتش أن هذا السيناريو غير مقبول، قائلاً: "المرحلة الثانية ستجعل الأثمان الكبيرة التي دفعناها والإنجازات الهائلة التي حققناها تذهب سدى، لتتحول إلى مقدمة لجولة جديدة من المواجهة العسكرية".
وأضاف سموتريتش: "هذا لا يمكن أن يحدث. رئيس الوزراء يقول ذلك، ووزيرا الجيش والخارجية يقولان ذلك، وكذلك الولايات المتحدة". وشدد على أن الحرب لن تنتهي طالما أن حركة حماس لا تزال موجودة في قطاع غزة.
في ذات السياق نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مصادر مطلعة أن بنيامين نتنياهو أبلغ مسؤولين أميركيين أن الحرب في غزة قد تنتهي إذا تم نفي قادة حركة حماس. ووفقًا لمصادر إسرائيلية وأميركية، فإن نتنياهو طرح خلال لقاءاته في واشنطن خطة تتضمن إنهاء الحرب مقابل تنازل حماس عن السلطة ومغادرة قادتها إلى المنفى.
وأشار نتنياهو إلى أنه لا يرى مسارًا مستقبليًا لغزة بعد الحرب طالما أن حماس تسيطر على القطاع. واقترح أن هذا السيناريو قد يفتح المجال لما سماه "خطة ما بعد الحرب"، التي قد تشمل دورًا أميركيًا مباشرًا، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وفي ذات السياق، ذكرت صحيفة "هآرتس" عن مصدر إسرائيلي أن نتنياهو لن يمضي قدمًا في المرحلة الثانية من اتفاق غزة طالما أن حماس لا تزال موجودة في القطاع. وأضاف المصدر أن "إسرائيل" لن تسحب قواتها من محور فيلادلفيا ولن تستمر في إجراءات التهدئة في ظل وجود حماس. وألمح المصدر إلى أن نتنياهو قد يلجأ إلى العودة للحرب أو تمديد المرحلة الأولى من صفقة وقف إطلاق النار.
على الجانب الآخر، ترفض حركة حماس بشكل قاطع أي حديث عن نفي قادتها خارج قطاع غزة، وهو موقف عبّرت عنه مرارًا قبل التوصل إلى اتفاق التهدئة الحالي. مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاتفاق لم يتضمن أي بند يشير إلى نفي قيادتها، مما يجعل طرح نتنياهو لشروط جديدة عقبة قد تفجر مستقبل الاتفاق.
وفقًا لمصادر عبرية، من المتوقع أن يغادر الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة بعد أن تم تسليم الدفعة الخامسة من تبادل الأسرى. وفي الوقت الذي أعلنت فيه عائلات أسرى الاحتلال أن الوفد يحمل تفويضًا لمناقشة المرحلة الثانية من صفقة التبادل، قال مقربون من نتنياهو إن التفويض يقتصر على استمرار المرحلة الأولى فقط. في تباين يضيف مزيدًا من الغموض والتعقيد على مسار المفاوضات.
المماطلة في المرحلة الأولى
تنص المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة على تنفيذ خطوات إنسانية عاجلة تهدف إلى تخفيف الأوضاع الكارثية في قطاع غزة. تشمل هذه الخطوات إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات والطرق، إلى جانب إدخال المعدات اللازمة للدفاع المدني وإزالة الركام. كما ينص الاتفاق على توفير مستلزمات الإيواء للنازحين داخليًا، بما في ذلك 60 ألف وحدة متنقلة (كرفانات) و200 ألف خيمة، بالإضافة إلى الشروع في إعداد خطط إعادة الإعمار الشاملة للبيوت والمنشآت التي دُمرت خلال الحرب.
رغم مرور 20 يومًا على بدء التهدئة في 19 يناير/كانون الثاني، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تعمد الاحتلال الاسرائيلي المماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.
وأوضح رئيس المكتب، سلامة معروف، خلال مؤتمر صحفي، أن سلطات الاحتلال تتعمد تأخير إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية، مشيرًا إلى أن حجم الشاحنات التي دخلت القطاع منذ بدء التهدئة بلغ فقط 8,500 شاحنة، بينما كان يُفترض إدخال 12 ألف شاحنة خلال هذه الفترة.
مضيفًا أن نسبة الخيام التي دخلت لم تتجاوز 10% من الاحتياجات المطلوبة، ولم يتم إدخال أي وحدة متنقلة للإيواء حتى الآن. في تأخير يزيد من معاناة آلاف الأسر التي فقدت منازلها خلال الحرب.
إلى جانب ذلك، هناك عجز كبير في إمدادات الوقود الضرورية لتشغيل المستشفيات والمرافق العامة، حيث تدخل يوميًا نحو 15 شاحنة فقط بدلًا من 50 شاحنة كان الاتفاق ينص على إدخالها. مما يؤثر بشكل مباشر على القطاعات الحيوية والخدمات الأساسية، ويعمق أزمة الكهرباء ويهدد استمرارية الخدمات الصحية.
كما تواصل سلطات الاحتلال منع إدخال المعدات الضرورية، مثل مولدات الكهرباء، وألواح الطاقة الشمسية، وخزانات المياه، وقطع الغيار اللازمة لتشغيل البنية التحتية. وأشار معروف إلى أن مؤسسات دولية أبلغت الحكومة في غزة بأن إسرائيل تمنع التنسيق لإدخال المستلزمات الضرورية لإعادة ترميم شبكات المياه والصرف الصحي، خاصة في شمال القطاع.
كذلك، تتلكأ سلطات الاحتلال في إدخال الأجهزة الطبية والمعدات اللازمة لتشغيل المستشفيات الميدانية، ما يؤدي إلى وفاة المرضى والجرحى الذين لا يمكن علاجهم في ظل هذه الظروف.
في المقابل، زعم الاحتلال عبر منسق أعمال حكومتها في الأراضي الفلسطينية أنها أدخلت 4,200 شاحنة مساعدات إلى غزة خلال الأسبوع الثالث من التهدئة، ليصل إجمالي الشاحنات التي دخلت القطاع منذ توقيع الاتفاق إلى 12,600 شاحنة. وهو ما يتناقض مع ما أفاد به المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، والمعطيات الواضحة على أرض الواقع.
ومن الجدير ذكره، أنه وعلى مدار أيام التهدئة الماضية سعى الاحتلال إلى تقديم ذرائع متعددة للتنصل من تنفيذ التزاماته، كان أبرزها تعطيل عودة النازحين إلى منازلهم في شمال القطاع، حيث ربط ذلك بإطلاق سراح الأسيرة أربيل يهود. مما خلق أزمة نجح الوسطاء في احتوائها عبر قيام المقاومة بإطلاق سراح الأسيرة إلى جانب أسيرتين أخريين، ما سمح بعودة النازحين تدريجيًا من جنوب القطاع إلى مناطقه الشمالية.
ورغم هذا الحل، استمرت حكومة الاحتلال في إظهار امتعاضها من مشاهد إطلاق سراح المقاومة للأسرى والاستعراض الذي يترافق معها من جانب المقاومة. وحذرت حكومة الاحتلال من أن استمرار هذه المشاهد قد يدفعها إلى اتخاذ خطوات أحادية، ما يشير إلى نية مستمرة للمماطلة وإيجاد ذرائع جديدة لعدم الالتزام الكامل بشروط الاتفاق.
سيناريوهات متعددة
تشير كل المؤشرات إلى أن إدارة البيت الأبيض ما زالت تتمسك بضرورة إتمام مراحل الصفقة، على قاعدة استكمال عملية إطلاق سراح الأسرى. إلا أن تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول "إفراغ قطاع غزة من سكانه" والتعامل مع أرضه كفرصة استثمارية، عكست محاولة لإعادة إنتاج مفهوم الترانسفير بأسلوب جديد يحمل "لمسة ترامبية".
في هذا السياق، تبدو حكومة بنيامين نتنياهو في موقع المنسجم تمامًا مع خطاب ترامب، الذي شكل سقفًا أعلى مما كانت تطمح إليه يومًا. ومن الواضح أن نتنياهو حريص على تجنب أي نوع من التجاذب مع الإدارة الأميركية أو إرسال رسائل قد تعتبرها سلبية، خاصة في ظل تمسك البيت الأبيض بالمضي قدمًا في إطار ترتيبات شاملة للشرق الأوسط، يتصدرها إنجاز التطبيع مع السعودية، وهو هدف يسعى إليه نتنياهو بشدة منذ سنوات.
مع ذلك، يسعى نتنياهو لعدم تقديم التزام واضح وصريح بوقف الحرب، مما يدفعه للبحث عن صيغ مائعة تسمح له بالادعاء بأنه يمضي قدمًا في الصفقة دون الإيفاء بالتعهدات الرئيسية المتعلقة بالمرحلة الثانية. في هذا الإطار، تتجه الأمور نحو عدة سيناريوهات محتملة، تحمل كل منها فرصًا وتحديات:
المماطلة في التفاوض: وفقًا للاتفاق، سيستمر الهدوء طالما أن المفاوضات قائمة. ومع سعي نتنياهو لاستكشاف الرؤية الأميركية بشكل أوضح، قد يلجأ إلى أدوات المماطلة المعتادة، مثل التركيز على التفاصيل التقنية، وتقليص تفويض الوفد المفاوض، وإشغال الوفود الفنية في قضايا تفصيلية. يهدف هذا السيناريو إلى كسب الوقت وتحقيق مكاسب سياسية دون الالتزام بتطبيق البنود الرئيسية للتهدئة.
الاشتباك التحريكي: في هذا السيناريو، قد يلجأ الاحتلال إلى افتعال عمليات اشتباك محدودة عبر ضربات جوية مركزة، تشمل عمليات اغتيال أو استهداف للمقدرات الحكومية في غزة.
تعتمد هذه الاستراتيجية على الضغط على المقاومة الفلسطينية للخضوع لسقف تفاوضي منخفض، مع تبرير الاستهداف بأنه موجه ضد قدرات حماس "الحكومية". يتيح هذا الخيار لنتنياهو الإدعاء بالاستمرار في تحقيق أهداف الحرب، مع إبقاء المقاومة تحت الضغط العسكري.
عودة الحرب بزخمها: قد يختار الاحتلال العودة إلى الحرب بكل قوتها، كما حدث بعد التهدئة الإنسانية الأولى التي انتهت في ديسمبر/كانون الأول 2023. في هذا السيناريو، يستهدف الاحتلال المدن التي لم تخضع لحملات عسكرية كبرى، خصوصًا في المحافظة الوسطى بقطاع غزة، والتي شهدت تحريضًا كبيرًا في الإعلام العبري خلال الفترة السابقة. يهدف هذا الخيار إلى إعادة خلط الأوراق وتحقيق أهداف ميدانية جديدة.
استمرار التهدئة والتزام الاحتلال بتنفيذ بنودها: في المقابل، يبقى سيناريو الالتزام الكامل بالتهدئة قائمًا، حيث يُظهر الاحتلال التزامًا بمراحل الاتفاق، بهدف إنجاز عملية تبادل الأسرى. ومع ذلك، قد يراهن هذا السيناريو على خطة ترامب لتحقيق طموحات اليمين الصهيوني بإفراغ قطاع غزة من سكانه، مع الحفاظ على وقف إطلاق النار وتقديم تنازلات محدودة.
من بين السيناريوهات الأربعة، يبدو أن السيناريو الأول (المماطلة في التفاوض) هو الأكثر ترجيحًا. فهو يتيح لنتنياهو فرصة لممارسة مزيد من الضغط على حركة حماس للتخلي عن حكمها لقطاع غزة، والقبول بصيغة إدارة للقطاع تلبي المعايير الإسرائيلية وتحظى بقبول دولي. هذا السيناريو يمكن نتنياهو من الادعاء بتحقيق أهداف الحرب، خاصة في ظل مطالبات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بإقصاء حماس عن الحكم كشرط للمضي قدمًا في التهدئة.
أما السيناريو الثاني (الاشتباك التحريكي)، فيبقى خيارًا قائمًا يمكن أن يلجأ إليه نتنياهو لتأكيد السيطرة الأمنية في القطاع، مع دفع الوسطاء إلى لعب دور أكثر فعالية في تحقيق ترتيبات ما بعد الحرب. هذا السيناريو يحقق لنتنياهو توازنًا بين الحفاظ على قوة الردع العسكرية وبين إبقاء الأفق السياسي مفتوحًا للتهدئة.
يحمل كل سيناريو من السيناريوهات المطروحة فرصًا وتحديات، إلا أن المماطلة تبدو النهج الأكثر توافقًا مع توجهات نتنياهو الحالية، إذ تتيح له تأخير الحسم مع إبقاء الباب مفتوحًا لمزيد من الضغوط السياسية والعسكرية على حركة حماس، بما يخدم أجندته الإقليمية والسياسية في الداخل الإسرائيلي.