غزة - قدس الإخبارية: انسحب جيش الاحتلال بالكامل من محور نتساريم في غزة، تنفيذًا لاتفاق المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ما نقلته إذاعة جيش الاحتلال صباح اليوم الأحد.
وكان موقع "والا" العبري لفت إلى أن الجيش تلقى تعليمات بإخلاء محور نتساريم ليل أمس تطبيقًا للاتفاق، ونشرت مقطع فيديو يظهر حديثًا لأحد الضباط عبر اللاسلكي يطالب فيه الجنود بالانسحاب من نتساريم، فيما قام جنود قوات الاحتلال بإحراق تجهيزات عسكرية قبيل انسحابهم.
"لن نترك شيئاً للغزيين"..
جنود الاحتلال يحرقون كل شيء قبل اندحارهم من محور "نتساريم pic.twitter.com/2EDTglpOvC
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 8, 2025
وفي مقطع مصوّر بثّته القناة 12 العبرية، ظهر ضابط في جيش الاحتلال وهو يصدر تعليماته لقواته بالانسحاب من المحور، مشيرا إلى أن الجيش "سيعود قريبا".
وشددت "يديعوت أحرونوت" العبرية على أن "محور نتساريم يُعتبر أحد رموز المناورة الإسرائيلية في قطاع غزة، ويشكل عنصرا مهما في تطلعات المستوطنين للعودة والاستيطان في شمال القطاع. وقد نظم المستوطنون، وعلى رأسهم أعضاء حركة "نحالة"، فعاليات جماعية عند مدخل المحور - الذي يعتبر نقطة انطلاق لهم نحو مناطق مختلفة في المنطقة".
وكان جيش الاحتلال قد أنشأ محور نتساريم، الممتد من مستوطنة "بئيري" في غلاف غزة إلى البحر الأبيض المتوسط، بطول 8 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات، بهدف عزل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، وتأمين تحركات قواته بين مناطق التمركز العسكرية.
تجاوره منطقتا جحر الديك والمغراقة، ويقطعه شارع صلاح الدين من المنتصف، وتحده مدينتا الزهراء والأسرى من جنوبه الأوسط وجنوبه الغربي، كما يشغل حي الزيتون المساحة الكبرى من حدوده الشمالية، أما الجهة الشمالية الغربية فتجاوره منها منطقتا الصبرة والشيخ عجلين.
ويُعرف المحور إسرائيليًا بأنه كان مركز العمليات العسكرية التي أعقبت الاجتياح البري لقطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث لعب دورا رئيسيا في تقسيم القطاع جغرافيا واجتماعيا، مما أدى إلى عزل آلاف العائلات وتأزيم الأوضاع الإنسانية في المناطق الشمالية.
انسحاب جيش الاحتلال من محور "نتساريم" وسط قطاع غزة، وذلك في إطار اتفاق وقف إطلاق النار. pic.twitter.com/WAAujchbym
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 9, 2025
بائدٌ مجددًا
لا يعتبر ممر نتساريم جديدا في قطاع غزة بل كان ضمن خطة الأصابع الخمسة التي قدمها رئيس وزراء الاحتلال السابق أرييل شارون عام 1971 عندما كان قائدا للمنطقة الجنوبية، وكان الهدف منها تسهيل السيطرة الأمنية على القطاع بتقسيمه إلى 5 كتل استيطانية كما يلي:
- المنطقة الشمالية: ضمت 3 مستوطنات في بيت حانون وهي (نتساريم، دوغيت، إيلي سيناي)، وتعتبر امتدادا لمنطقة عسقلان.
- ممر نتساريم: المنطقة بين مدينة غزة ودير البلح، (وهي نفس المنطقة التي يشقها طريق 749 الذي أنشأه الاحتلال بداية 2024).
- ممر كيسوفيم: الفاصل بين دير البلح وخان يونس، بنيت مستوطناته على الجانب الغربي فقط وهي تجمعات (شمال غوش قطيف، كفار داروم)، وهو الطريق الوحيد المؤدي لغوش قطيف.
- ممر صوفا: يقع بين خان يونس ورفح.
- ياميت: وهي مستوطنة محاذية لحدود رفح مع مصر قبل عام 1982، وبجوارها حوالي 15 مستوطنة أخرى أخليت جميعها عقب اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، والتي عرفت لاحقا بمحور فيلادلفيا.
وأنشئت مستوطنة نتساريم عام 1972 وأخليت يوم 15 أغسطس/آب 2005 بأمر من شارون نفسه، وقد شهدت نهاية الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة بخروج آخر جندي إسرائيلي من بوابة كيسوفيم يوم 12 سبتمبر/أيلول 2005.
كان النشاط الاقتصادي لهذه المستوطنة يعتمد بشكل أساسي على الزراعة، وقال شارون عام 2002 بشأنها "إن نتساريم مثل تل أبيب"
استخدم هذا الممر لابتزاز الغزيين والتضييق عليهم، وسجل العديد من الأحداث الأليمة، منها حالات إجهاض ووفاة مرضى نتيجة منعهم من الوصول للمستشفيات في الوقت المناسب رغم ركوبهم سيارات إسعاف، كما أن هذه السيارات تتعرض للتفتيش والابتزاز ويتعمد الاحتلال منعها من العبور إلا بعد ساعات من الاحتجاز.
حتى الاندحار الأول 2005
كانت مستوطنة نتساريم قبل تحريرها هدفا للمقاومة الفلسطينية في القطاع، رغم أنها كانت محصنة جدا، فإنها استهدفت عدة مرات بعمليات كبيرة منذ الانتفاضة الثانية عام 2000، خسر الاحتلال على إثرها العديد من الجنود وتعددت النداءات لإخلاء المستوطنة، ومن تلك العمليات ما يلي:
- في سبتمبر/أيلول 2000 قتل 9 جنود إسرائيليين بعبوة ناسفة بداية انتفاضة الأقصى.
- عام 2001 شهد محور نتساريم تفجير أول دبابة ميركافا.
- يوم 11 مارس/آذار 2002 حاول شابان من كتائب القسام دخول المستوطنة واشتبكا مع دورية عسكرية على مشارفها ثم استشهدا.
- يوم 29 مارس/آذار 2002 هجم شاب من سرايا القدس على المستوطنة وقتل اثنين من المستوطنين قبل استشهاده.
الطوفان ونتساريم
في منتصف أبريل/نيسان 2024، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)إيقاع قوتين إسرائيليتين في كميني ألغام منفصلين في منطقة المغراقة، باستخدام العبوات الناسفة وصواريخ مقاتلات "إف 16" التي أطلقتها قوات الاحتلال على المدنيين ولكنها لم تنفجر، وسقط على إثر هذا الكمين 14 جنديا وضابطا إسرائيليا ما بين قتيل وجريح.
وأعلنت الكتائب في تصريحات أخرى قصفها لقوات الاحتلال على محور نتساريم، تلاه هبوط مروحيات إسرائيلية في الممر، كما أعلنت استهدافها لقوات متوغلة في منطقة جحر الديك.
كما بثت الكتائب في مايو/أيار 2024 مشاهد لقنص جندي إسرائيلي في محور نتساريم جنوب حي تل الهوى، باستخدام بندقية الغول 14.5 مليمترا.
وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، مساء 23 آب/أغسطس عن استهدافها مقر القيادة والتحكم لجيش الاحتلال في محور نتساريم بطائرة "زواري" الانتحارية، وقد أصابت المسيرة هدفها بدقة.
وقبل نحو أسبوعين، وإثر مرور أسبوع على تنفيذ اتفاق وقف النار، بدأجيش الاحتلال سحب قواته تدريجيًا من محور نتساريم، ما أدى إلى عودة أكثر من نصف مليون فلسطيني من جنوب ووسط القطاع إلى شماله.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية في غزة والاحتلال، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.