خاص - شبكة قدس الإخبارية: يستمر جيش الاحتلال بعدوانه الواسع على محافظة جنين لليوم الـ14 على التوالي، مرتكباً جرائم واسعة بحق الفلسطينيين شملت القتل والتشريد والتدمير، في إطار مزاعم المؤسستين العسكرية والسياسية بالقضاء على مجموعات المقاومة في مخيم جنين.
لم يكن الحصار الخانق والعدوان الواسع الذي يفرضه جيش الاحتلال على مخيم جنين، إلا امتداداً لحصار وعدوان آخر بدأت به السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية في مطلع شهر كانون أول/ديسمبر 2024؛ للقضاء على مجموعات المقاومة في المخيم، وما إن انتهت العملية الأمنية للسلطة حتى شرع جيش الاحتلال بعدوانه، فيما استطاعت أجهزة السلطة اعتقال مجموعة من المطاردين منهم قادة كتيبة جنين، بالتزامن مع عملية الاحتلال العسكرية.
في حديث سابق، أجرته "قدس الإخبارية" مع عضو المجلس التشريعي وعضو المجلس الثوري لفتح المستقيل شامي الشامي، قال إن مخيم جنين يعاني من ظروف مأساوية منذ أكثر من 60 يوماً، حيث جاء عدوان الاحتلال وحصاره امتداداً لعملية السلطة التي بدأت في بداية شهر كانون أول/ديسمبر 2024 الماضي، فيما فقد المخيم كافة مقومات الحياة جراء عملية السلطة، واستمرت المعاناة مع عدوان الاحتلال.
وأكد الشامي أن خلال عملية السلطة طالت حملة الاعتقالات أكثر من 300 فلسطيني من المخيم لا يزالون محتجزين في سجون السلطة إضافة لحملة اعتقالات موسعة يشنها جيش الاحتلال.
تطرح هذه المعطيات تساؤولات حول مدى تأثير عملية السلطة على مجموعات المقاومة في مخيم جنين، واستنزافها لقدرات المقاومين والحاضنة الشعبية على حدٍ سواء، فيما يعكس استمرار إجراءات السلطة بالتوازي مع عدوان الاحتلال حجم التعاون المشترك بينهما ضد المقاومة الفلسطينية هناك.
تحطيم الحاضنة الشعبية بالشائعات والأكاذيب
من قبل أن تبدأ السلطة الفلسطينية بحملتها الأمنية ضد مجموعات المقاومة في مخيم جنين، اتبعت عبر ماكنتها الإعلامية ومنصاتها، سياسة تشويه لعناصر وقادة المقاومة من خلال نسج روايات كاذبة ضدهم، تهدف بالدرجة الأولى إلى تحطيم الحاضنة الشعبية التي حظيت بها حالة المقاومة المسلحة منذ أن نشأت في الضفة الغربية عام 2021
تركزت حملة التشويه ضد المقاومين في بدايتها بتقزيم العمل العسكري المقاوم، والترويج لفكرة أنه يجلب الدمار إلى داخل المدن والمخيمات الفلسطينية، وانعدام الجدوى منه مع استحضار جرائم الإبادة التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة، وزعم السلطة بأنها لا تريد تكرار هذا النموذج في الضفة الغربية.
أما الشق الآخر من عملية التحريض على المقاومين، فكانت من خلال اتهام السلطة لهم بتهم أخلاقية كاذبة، إضافةً لنزع الصفة الثورية عنهم من خلال اتهامهم بالهروب والاستثمار الشخصي في الحالة الثورية في جنين، وهدفت السلطة من ذلك منع التعاطف الشعبي مع المقاومين، وهو ما يضمن عدم وجود رد فعل شعبي أو فردي مقاوم على العملية العسكرية ضدهم.
واتهمت ماكينة السلطة الإعلامية، المقاومين، بالهروب من المخيم مع بدء العملية العسكرية للاحتلال هناك، لكن الحقيقة التي كشفتها مصادر مطلعة في مخيم جنين لـ شبكة قدس، في وقتٍ سابق ليست كذلك، فبعد اتفاق المقاومين مع السلطة بدخول أجهزة أمنها للمخيم لوقت محدد، كان القرار لدى المقاومين بالانسحاب والانتشار في مناطق مختلفة من جنين، خشية غدر السلطة وقيامها بملاحقتهم داخل المخيم، وأيضا حقنا للدم ومنعا لوقوع اشتباكات دامية في حال حاولت السلطة اعتقال أحدهم.
بهذه الأكاذيب، حاربت أجهزة أمن السلطة مجموعات المقاومة، وعملت على خلق شرخ بينها وبين الحاضنة الشعبية لها.
الملاحقة المباشرة.. اعتقالات وتفكيك عبوات
على مدار أكثر من 40 يوماً، حاولت أجهزة أمن السلطة الدخول إلى مخيم جنين، وأطبقت الحصار على مداخله بشكل جعل مجموعات المقاومين تحت الحصار، وفي حالة ترقب دائمة خشية توغل آليات السلطة داخل المخيم.
وحاولت أجهزة أمن السلطة تفكيك عشرات العبوات الناسفة المزروعة على مداخل مخيم جنين والمناطق المحيطة به، والتي أعدتها مجموعات المقاومة للتصدي لقوات الاحتلال عند أي عملية اقتحام.
وتفاخرت السلطة مراراً وتكراراً بمصادرتها لعبوات ناسفة وأسلحة وذخائر تعود للمطاردين، على مدار فترة عمليتها الأمنية ضد المقاومة في جنين.
وخلال الأيام الثلاثة الأولى من عدوان الاحتلال، اعتقلت أجهزة أمن السلطة مجموعة من المطاردين البارزين، والذين نجوا من عمليات اغتيال نفذها جيش الاحتلال ضدهم منذ سنوات
واعتقلت أجهزة أمن السلطة القيادي بكتيبة جنين والمطارد سامر مراد، إضافة للمطاردين محمد الحصري شقيق الشهيد عبد الله الحصري الذي ارتقى عام 2022، وجهاد طالب، وصهيب تركمان، وصادرت سلاحهم وعتادهم.
وكانت أجهزة أمن السلطة قد استمرت بالمشاركة مع جيش الاحتلال بملاحقة المطاردين والجرحى واعتقالهم، حيث اعتقلت يوم الجريح المطارد عبادة رواجبة، أثناء تواجده في جنين، علماً أنه نجا من عدة محاولات اغتيال واعتقال إسرائيلية خلال الأشهر القليلة الماضية في مخيم بلاطة وروجيب.
وخلال عدوان جيش الاحتلال، حاصرت أجهزة أمن السلطة مستشفى الرازي في المدينة وأطلقت النار بداخله في محاولاتها لاعتقال مطاردين للاحتلال.
وكما واعتقلت المقاوم المطارد للاحتلال توفيق اغبارية، والقائد في كتيبة جنين محمود أبو نحل، إضافة لاعتقالها، المطارد والقيادي بكتيبة جنين أحمد أبو عميرة، وجميع الأسماء التي ذُكرت أقدمت أجهزة أمن السلطة على اعتقالهم بالتزامن مع عدوان الاحتلال على المحافظة، حيث تحركت دوريات السلطة بشكلٍ متزامن ومشترك مع تحركات جيش الاحتلال.
وانتشرت أجهزة السلطة بكثافة في البلدات المحيطة بمخيم جنين ونصبت الكمائن، من أجل اعتقال الجرحى المطاردين الذين أصيبوا خلال الاشتباكات مع جيش الاحتلال المتوغلة في المحافظة.
حماية وطن أم حماية الاحتلال؟
وجميع هذه الممارسات، التي ارتكبتها السلطة، شكلت الاستنزاف الأكبر لمجموعات المقاومة في جنين، والتي تقف اليوم في وجه آلة الاحتلال الإجرامية التي تنسف منازل المخيم منزلاً تلو الآخر، وتهجر الأهالي وتعيث خراباً في كافة المرافق والبنية التحتية في المدينة، وفي المقابل، لا تستند السلطة على أي ركيزة من أجل وقف الكارثة التي تحل في المدينة، والتي تكذب شعارها الذي رُفع خلال الشهور الماضية بحملة "حماية وطن".
وعلى مدار 47 يوماً من عمليتها ضد مجموعات المقاومة، روجت السلطة لعمليتها بمسمى "حماية وطن" من "الخارجين عن القانون" و"الأجندات الخارجية" كما زعمت، فيما يؤكد الواقع المعاش أن عملية السلطة لم تحمي الوطن، بل حمت الاحتلال وسهلت لآلياته استباحة مخيم جنين بعد ملاحقة المطاردين ومصادرة سلاحهم وتفكيك العبوات الناسفة، فيما تستمر مجموعات المقاومة باشتباكها مع قوات الاحتلال رغم الاستنزاف الكبير الذي عانت منه جراء حملة السلطة.