بيروت - خاص قدس الإخبارية: من المرجح أن تلقي جولة التصعيد بين قوى المقاومة في لبنان مع جيش الاحتلال الإسرائيلي بظلالها على واقع اللاجئين الفلسطينيين في المخيّمات اللبنانية، إذ تشير المعطيات الميدانية والتصريحات الإسرائيلية إلى احتمالية وجود توغلٍ بري لقوات الاحتلال داخل الأراضي اللبنانية، تزامنًا مع رفع وتيرة القصف التي بدأت تطال محيط المخيّمات الفلسطينية، ما يطرح تساؤلًا حول مدى جهوزيّة الفصائل الفلسطينية للتعامل مع أي مشهد تصعيدي في لبنان.
وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" فإنه من بين 6.5 مليون لبناني، ثمّة قرابة 490 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في 12 مخيّمًا، ثلاثة من هذه المخيّمات توجد في المنطقة الجنوبية لنهر الليطاني، التي تعتبر موقع ذروة المواجهة بين حزب الله اللبناني وطيران الاحتلال الإسرائيلي، وهذه المخيّمات، هي: "مخيم البص، برج الشمالي، الرشيدية".
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
حول ذلك، يقول مسؤول ملف اللاجئين في الجبهة الشعبية من لبنان، أبو جابر اللوباني إن عشرات العائلات الفلسطينية اللاجئة اضطرت للنزوح من مخيّمات الجنوب إلى الشمال، خاصّة باتجاه مخيم نهر البارد في طرابلس وإلى مدينة بعلبك شرق نهر الليطاني، ما يستلزم ضرورة وجود تحضيرات واستعدادات على المستويات كافّة من كلّ الفصائل الفلسطينية للتعامل مع الأحداث الجارية في الجانب الإغاثي والإنساني.
وأشار اللوباني في حديث مع "شبكة قدس"، إلى أن الجبهة الشعبية تطالب باعتبارها عضوًا في الهيئة القيادية الفلسطينية في لبنان إلى عقد اجتماعٍ بين كلّ الفصائل والهيئات والمؤسسات الفلسطينية، لتدرس فيه آلية طلب وجلب مساعدات بشكل كبير، لا سيما وسط ما يعيشه جنوب لبنان من ظروف صعبة ومعقّدة بعد حركة النزوح الواسعة إذ إن نحو 60 عائلة فلسطينية نزحوا باتجاه مخيم نهر البارد، وعدد أكبر نزح إلى مخيّم البداوي شمال لبنان.
وفي سياق دعم المقاومة، أوضح اللوباني أن: "الفصائل الفلسطينية تعمل اليوم على رسم طريق سياسي لتدعيم العمل الجماهيري في المخيمات وتعزيز صمود ومساندة حزب الله وفصائل محور المقاومة شعبيًا وعسكريًا، ويبدو ذلك واضحًا عبر مسيرات تأييد المقاومة وحزب الله التي تخرج بشكل ليلي في المخيمات الفلسطينية".
وأضاف: "التحضيرات العسكرية للفصائل قائمة ولكن لا يمكن الحديث عنها بحكم الاستهداف الذي تتعرض له القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، ولكننا نرى أن هذه المعركة برسم الجميع، وتستهدف كل الفلسطينيين وتحديدًا اللاجئين في لبنان".
وتعمل مجموعات فلسطينية تتبع للفصائل الوطنية، على جمع ما يلزم من أغطية وأطعمة من الجهات ذات العلاقة وتزويدها لأهالي المخيمات، وفق اللوباني، الذي أشار إلى أنه يلزم التواصل مع الجهات الرسمية في لبنان لتحسين الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين في هذه المرحلة الحرجة، خاصّة في العيادات والمدارس التي تأوي النازحين، على اعتبار أن الإمكانيات المتوفرة بين يدي المؤسسة الفلسطينية الرسمية (السفارة) في لبنان، محدودة جدًا بفعل الظروف الاقتصادية.
حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
أما حركة حماس، فقد باشرت أذرعها الاجتماعية إلى مدّ يد العون للنازحين في المدارس وأماكن النزوح الخاصة عبر لجان مخصصة لتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة بحسب مسؤول العلاقات السياسية والإعلامية للحركة في لبنان، عبد المجيد العوض الذي يقول في لقاء مع "شبكة قدس": "ستبقى حماس قائمة بواجبها المنوط بها في خدمة الفلسطينيين وتعزيز موقفهم المؤيد للمقاومة في فلسطين ولبنان، وإسنادهم لصبرهم طوال الشهور الماضية في معركتهم مع الاحتلال الصهيوني".
وتابع: "الحركة في لبنان ومن خلال ذراعها العسكري -كتائب القسام- خاضت العمل المقاوم منذ اللحظة الأولى لانطلاق معركة طوفان الأقصى، وقدّمت في سبيل ذلك عددًا من القادة والكوادر، وهي جاهزة اليوم للوقوف إلى جانب لبنان ومقاومته في صد العدوان الصهيوني، ولن تألوا جهدًا في الدفاع عن لبنان وعدم السماح لجيش الاحتلال تمرير مخططاته في الجنوب المقاوم".
ودعا عوض الشعب الفلسطيني في لبنان إلى ضرورة الالتفاف حول الوحدة الوطنية الفلسطيني، واحتضان المشاريع التي تصبّ في خدمة أهلنا النازحين من مناطق لبنان المختلفة، أمام هذه المحطة الحاسمة من تاريخ فلسطين ولبنان والمنطقة، وبالتالي ضرورة تصدير مبدأ التكافل الاجتماعي. مضيفًا: "نثق بحكمة الفصائل الفلسطينية في تغليب الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الخطيرة، وتجاوز كل الخلافات من أجل مواجهة العدو الأوحد الكيان الغاصب".
وحول سؤال "شبكة قدس" عن التنسيق بين حماس وحزب الله، أجاب عوض: "لا شك أن الحركة على تنسيق كامل مع حزب الله ومع كل قوى المقاومة منذ بداية المعركة، ونؤكد اليوم أننا معنيون بضرورة الوقف الشامل للعدوان الصهيوني في غزة ولبنان، على قاعدة شروط المقاومة وحماية شعبنا من العدوان والمعاناة المستمرة، ونحن على كامل الثقة بالمقاومة في لبنان القادرة المقتدرة على تدفيع الكيان ثمن اعتداءاته، وأنها لن تعطي رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو صورة النصر التي عجز أن يحصل عليها من أرض غزة على الرغم من مضي عام تقريبًا على المعركة".
حركة فتح
بدوره، يقول أمين سرّ اللجان الشعبية بالمخيّمات الفلسطينية ونائب أمين سرّ فتح في لبنان، سرحان سرحان لـ "شبكة قدس" إن المخيّمات الفلسطينية محيّدة حتى اللحظة من المواجهة باستثناء حالات قصف في محيط بعض المخيّمات مثل مخيمات الرشيدية، والبرج الشمالي، والبص، وبعض التجمعات الفلسطينية في منطقة الساحل بين منطقتي صور وصيدا.
وأشار سرحان إلى أنهم يعملون في منظمة التحرير وفق خطة طوارئ بين اللجان الشعبية، والمؤسسات الأهلية، ووكالة الأونروا، وجمعية الهلال الأحمر، والدفاع المدني الفلسطيني، قائمة على تقديم الخدمات عبر مستشفى تل الزعتر الفلسطيني في مخيم الرشايدة الذي تعامل مع عشرات الإصابات بفعل العدوان الإسرائيلي، وكذلك الحال في مستشفى محمود الهمشري في منطقة صور.
ولفت سرحان إلى وجود عشرات المدارس التابعة للأونروا والمجهّزة لتكون أماكن لجوء وإيواء تقدم المواد التموينية، والمياه، وتحديدًا في إقليم الخروب (غرب لبنان) الذي يتّسع لخمسة آلاف نازح، بالإضافة إلى مراكز إيواء في مخيّم نهر البارد، وبعض المدارس الرسمية في العاصمة بيروت، وفي منطقة صيدا، كلّ هذه المناطق مستعدة للاستقبال النازحين وتقديم الخدمات وفق خطّة مشتركة ومتوافق عليها.
وفي إجابته عن سؤال شكل الإسناد الشعبي للاجئين الفلسطينيين حال تطورت المواجهة، أجاب سرحان: "لا نملك في المخيمات سلاحًا ثقيلًا بل الاسلحة لدينا فردية للحفاظ على أمن المخيمات، ولكن إن فرضت علينا المواجهة، سندافع عن أنفسنا، وهذه قضية محسومة لن نقف مكتوفي الأيدي". واستدرك قائلًا: "تركيز عملينا على الأمور اللوجستية عبر تقديم الخدمات الصحية في المستشفيات والجمعيات الفلسطينية، وعبر فتح المخابز لتوزيع الخبز على النازحين، وتنظيم حملات للتبرع بالدم".
وشدد سرحان على عدم وجود سلاح ثقيل بين يدي فصائل منظمة التحرير ما يعيق مشاركتهم حال توسعت المواجهة. وأضاف: "في النهاية على كلّ لبناني وفلسطيني إن كان يملك سلاحًا أن يدافع فيه عن نفسه، لأن قضيّتنا قضية مبدئية، ونحن في فصائل منظمة التحرير وجدنا لندافع عن شعبنا وأن نوفر له الحماية، خاصة وأن الاحتلال يستهدف في لبنان كما يستهدف في الأراضي الفلسطينية، أي المدنيين من النساء والأطفال".
واستحضر سرحان ما جرى في حرب لبنان مع الاحتلال الإسرائيلي عام 2006 حين عرضت فصائل منظمة التحرير على حزب الله